اکتئاب المراهق.. مخاطر ینبغي اکتشافها قبل فوات الأوان
دیمة محبوبة
عمان-الغد- ”لا أشعر بشيء حتى إحساس الحزن فقدتھ، فأنا غیر مھتم بكل ما ھو حولي، ھذه المشاعر لدي منذ أكثر من شھرین، حتى أحیانا أتمنى أن تنتھي حیاتي للتخلص من ھذه اللامبالاة وعدم الرغبة بشيء“.. ھكذا بدأ عصام حدیثھ وھو اسم مستعار.
یبلغ عصام من العمر عشرین عاما، لم ینجح بالتوجیھي على مدى عامین، وأصابھ الیأس من البحث عن وظیفة، ھذه الظروف جعلتھ یشعر بأنھ عالة على والدیھ وإخوتھ، فكان یرى في عیونھم بعض الحزن، وأحیانا اللوم بأنھ لم یفلح بشيء وأحیانا الضجر.
أدخلتھ ھذه الحالة بحزن شدید، أما الیوم فھو یشعر بعدم المبالاة وما یریده أن یریح أھلھ منھ ومن ھذه المشاعر.
میسون (16 عاما) عبرت عن كآبتھا بأن لا رغبة لدیھا بالقیام بأي شيء أو العنایة حتى بنفسھا، فما تریده ھو النوم، النوم فقط، حسب تعبیرھا.
تبین أن شعور الكآبة بدأ من إصرار ذویھا على الدراسة المكثفة لكي تتفوق كباقي إخوتھا، لكن
ھذه الضغوطات والمقارنات المستمرة منھم جعلتھا ترغب بالنوم طوال الوقت وعرفت من صدیقتھا بأنھا علامة على الاكتئاب، فھي لا تغادر سریرھا، وحتى الطعام القلیل تحصل علیھ في سریرھا.
مرام، وتبلغ من العمر 16 عاما، تخرج كآبتھا بشكل مختلف عن طریق تناول الأكل بـ“شراھة“، كما تقول، وخلال شھر زاد وزنھا سبعة كیلوغرامات.
وصلت لھذه الحالة بعد وفاة صدیقتھا المقربة بمرض السرطان، مبینة أنھا تشعر بالأسى الشدید من بعدھا ولا تعرف كیف تخفف من حزنھا الشدید الذي أدخلھا ھذه الحالة.
وبحسب منظمة الصحة العالمیة ”الاكتئاب ھو السبب الرئیسي للإصابة بالمرض والعجز في صفوف الفتیان والفتیات أو المراھقین على حد سواء ممن تتراوح أعمارھم بین 10 و19 عاما.
ویذكر اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة، أن المراھقین لدیھم احتمالیة الدخول في الاكتئاب بنسب عالیة، وذلك لاختلاط مشاعرھم ودرجة حساسیتھم العالیة تجاه أي موقف.
وما یحدث في البدایة اضطرابات في النوم وتغییر في الشھیة والوزن، والشعور بالحزن الشدید أو الإرھاق أو الوصول الى اللامبالاة والانعزال عن المجتمع، ومن الممكن الوصول لحد إیذاء الذات.
وعن أسباب اكتئاب المراھقین، تذكر منظمة الصحة العالمیة أن الشخص یعاني من الكآبة حین یتعرض لعوامل اجتماعیة ونفسیة وجسدیة تضغطھ بشدة.
ویلفت مطارنة إلى أن ھناك عوامل كثیرة تؤثر على النفسیة وتدخلھا الاكتئاب وأھمھا العوامل الجسدیة كالأمراض العضویة أو اضطراب الھرمونات.
أما العوامل النفسیة فیتعرض لھا المراھق وبشدة مع شدة حساسیتھ لما حولھ، وفق مطارنة، الذي
یؤكد أن العوامل الاجتماعیة لھا سبب كبیر في اكتئاب المراھق، وأھمھا الظروف العائلیة كالتفكك الأسري أو انفصال الوالدین أو طلاقھما، أو موت قریب، أو فشل دراسي.
ویتفق معھ التربوي د. محمد أبو السعود، في أن الأھل بطریقة غیر مباشرة یكونون السبب في كآبة المراھق من خلال الضغوط التي یفرضونھا علیھ، أو الاستھزاء بھ ونعتھ بمسمیات مؤذیة وصفات تؤثر سلبا بشكل كبیر، بالرغم من أن ھذه المرحلة حساسة جدا ویتوجب على الأھالي الانتباه لھا كثیرا.
ویبین اختصاصي علم الاجتماع د. محمد جریبیع، أن الكثیر من العلامات التي تظھر على المراھق تدل على أنھ یدخل بمرحلة الاكتئاب وأولھا التغیر المزاجي، والعزلة، والحزن، لافتا إلى ضرورة أن یلتفت الأھالي لكل ما یدور حول ابنھم وأن یكونوا أكثر وعیا من عدم تحمیلھ أي ضغط أو عبء بھذه المرحلة وإن شعروا أن أمرا سیئا یعیشھ الابن علیھم أن یتعاملوا بحذر وأن یكونوا أكثر تحضرا كاستشارة المختصین.
مطارنة یؤكد أن ھناك حالات یتوجب علاجھا بالدواء، وخصوصا إن كانت شدیدة وصلت إلى تغیرات في حیاة المراھق أو لمحاولات الانتحار أو التلمیح بھ.
ویتوجب على الأھالي مساعدة أبنائھم على كسر ھذه الظاھرة أو الحالة والتقرب منھم من خلال إلحاقھم بنشاطات ترفیھیة وبدنیة كالریاضة أو من خلال سفرھم لمكان سیاحي إن كان ھناك مقدرة وكسر الروتین.
ویشدد على أھمیة كسر جمود العائلة، وأن یكون الآباء أكثر قربا مع الأبناء والابتعاد عما ھو مرھق لھم، ومعالجة الظروف الاجتماعیة والاقتصادیة التي تسبب الكآبة للمراھق