عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Sep-2020

تآكل قيم المجتمع .. وانعدام الضمير*بسام ابو النصر

 الدستور

تابعت بكل مرارة وحزن فيديوهات يتم نشرها عبروسائل التواصل الاجتماعي لأطفال ونساء يتم  تهريبهم الى تركيا عبرالعراق من سوريا في حاويات بترول، وفيديو اخر لفتاة صغيرة فقيرة يقوم المارة باعطائها فلفلا حارا جدا لتأكله أمام أعينهم مقابل إعطائها قليلا من المال، وبكيت أمام المنظر الذي آلم الكثيرين من الذين لا زال لديهم بقية من حياء وضمير.
في الحالة الاولى كان هناك صوت داخل الحاوية، صوت بكاء أطفال داخل الشاحنة التي تحملهم الى مصيرغيرمعروف، ربما يموتون في الطريق من أرتفاع درجات الحرارة وقلة الماء والهواء ومعهم أمهات لن يمنعنهم عن الذهاب الى مصيرهم مجهول، وربما لن يمنعن عن أنفسهن الموت والمرض وما سيؤول اليه مصيرهن. ولن تتصوروا المنظر الذي وجدوا فيه الأبناء والبنات الصغار والأمهات بعد أن قامت نقطة شرطة نسائية عراقية كردية بخلع الباب السري للحاوية وهن يقمن بانقاذهم ورش الماء على وجوههم.
وأيضا ما آلت اليه الطفلة التي تجمع المال مقابل أن يشاهدها قليلوا الحياء والذين تاكل لديهم الضمير مقابل أن يعطوها المال، وأيضا لم أتمالك نفسي وأن ارى في عيونها الدموع وهم يغادرون مع ابتسامة حزينة بالمال الذي جنته بما قامت به لتفرحهم وليضحكوا لما قامت به أمامهم.  
   المشهدان يختصران واقعاً مريراً، ومجتمعاً لم يعد لديه المروءة ، حتى يقف في وجه الشر بكل اشكاله،  فالذين يقومون بتهريب الفقراء ويأخذوا ما لديهم من مال جمعوه من بيع بيوتهم وحقولهم وما تبقى لديهم من مُتع الحياة ليحملوا بهم الى أرضٍ يأملوا أن تكون أكثر أمناً  وأكثر  سلاما وقاموا بالتسويق لهذه البلاد،  وزادوا أنهم قاموا بالأتفاق مع تجار الأحلام هناك أن تقاسموا هؤلاء الفقراء وجردوهم من ملابسهم حتى يتسنى لهم ان يجمعوا هذا المال الممزوج بالشر والدم والعرق دون أي رادع من ضمير أو خُلق، ومن سيعوض هؤلاء الفقراء الذي أنعدمت لديهم  كل مباهج الحياة ، أطفالٌ يتواتروا البكاء وأمهات ينصعن لأمر الشرطيات النسائيات بالكشف عن نقابهن للتأكد من أنهن لسن رجالا وأمام عدسة الكاميرا ، لقد سلبوهم المال والكرامة في عالمٍ يدير ظهره لهم وفي أمة  ما عادت الكرامة والشرف هي ما يزين هامات رجالها،  يديروا ظهورهم للفقراء والأطفال  الى الفتن والطائفية والحروب الداخلية والطواغيت والفراعنة الجدد وما من مجيب.  
   وفي الحالة الثانية واستكمالاً  لاتساع رقعة الفقر وخروج الأطفال للشارع  لسد حاجات الأسر المستورة دون أي شعور بالكرامة، فالفقر يزداد وهؤلاء الأطفال يضطرون الى مساعدة أسرهم، ويتعرضون الى هذه السلوكيات من قبل الذين اقتلعوا الضمير من أرواحهم وقلوبهم وصار دورهم بهذا السوء، ومزيد من السلبية التي تعبر عن انحطاط في الأخلاق وكأن المجتمع لم يعد متكافلاً أو متضامناً، ولم نجد رجلاً أو أمرأةً قام على الأخذ بهذه الصغيرة بدل اضطهاد روحها الطاهرة.
   المجتمع العربي بكل أقطاره وكل مجتمعاته  يتحول الى  قيم جديدة بعيدة عن القيم القرآنية التي امن بها، وعن قيم هذا المجتمع العربي  قبل الاسلام، وأتى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليتممها،  ويخرج الفقراء هرباً من الارض العربية التي باتت تحرق قلوبهم وعقولهم وصار القوي يأكل الضعيف، لن يتمكن المجتمع العربي من العودة الى بهائه  باسترداد القيم الدينية والاجتماعية ويعود التكافل والتعاون مأثرتتن تجللان اختلافنا، ونرحم صغارنا ونساءنا وكبارنا والفقراء منا والمساكين.