عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    24-Aug-2019

الحکومات تتبدل ورغبة ترحیل الفلسطینیین تبقی - بقلم: عمیره ھاس
ھآرتس
 
یوم الإثنین الماضي عندما قال ”مصدر سیاسي رفیع“ إن إسرائیل مستعدة للمساعدة في ھجرة
فلسطینیین من قطاع غزة، الكثیرون اعتقدوا أن ھذه أقوال مجردة. ولكن ھذا التصریح یتشابك مع
عدة محاولات لإسرائیل لتغییر بصورة مصطنعة الاتجاھات الدیمغرافیة في المنطقة، لذلك لا یجب
الاستخفاف بھ. صحیح أنھ خلال سنوات تلقت إسرائیل فشلا ذریعا عندما طرحت اغراءات الھجرة
على الفلسطینیین. ولكن اقوال ھذا المصدر والسرعة التي أیدت فیھا اییلت شكید ھذه الفكرة التي
تقف وراءھا، تدل على أي درجة ھذا الھذیان الإسرائیلي قوي بأنھ یمكن بمساعدة الھجرة انھاء أو
ھزیمة الطموحات القومیة الفلسطینیة.
في العام 1967 بعد احتلال قطاع غزة مالت الحكومة إلى ضمھ لإسرائیل، واخلائھ من معظم
سكانھ اللاجئین. الافتراض كان أنھ سیكون من السھل على اللاجئین العودة والاقتلاع. الأماكن التي
تم اقتراحھا في النقاشات سیناء والأردن والجزائر والمغرب وسوریة والعراق وأمیركا الجنوبیة.
في كتاب توم سیغف بعنوان ”1967 ”یتم تفصیل مبادرات كھذه لاقتلاع اللاجئین من جدید. تفصیل
المبادرات وطابع مناقشتھا تدل على من وضعھا، الذین حافظوا على نمط تفكیر كولونیالي متعال،
ینظر إلى الفلسطینیین كرعایا لیس لھم ارتباط بوطنھم وأنھ یمكن تحریكھم على لوحة الشطرنج.
إحدى المبادرات التي ظھرت تقریبا خیالیة بالنسبة لایامنا، كانت لنقل لاجئین فلسطینیین من القطاع
إلى الضفة الغربیة – مثلما اقترح في أیلول (سبتمبر) 1967 یوسف فایتس، من رؤساء الكیرن كییمت ومن الداعین إلى الترحیل حتى قبل قیام الدولة. وزیر الداخلیة في حینھ حاییم موشیھ شبیرا
اقترح أن یتم استیعاب 200 ألف لاجيء من القطاع في اسرائیل. وموازنتھا بزیادة الھجرة الیھودیة. یغئال الون في حینھ اقترح توطینھم في العریش في شمال سیناء وفي الضفة. ولكنھ عارض توطینھم في الغور. بیغن في حینھ أید توطینھم في العریش لكنھ عارض نقلھم إلى الضفة الغربیة.
سغیف تحدث عن اقتراح مدیر المكتب المركزي للاحصاء روبرتو باكي، ورجل الریاضیات آری دوفرتسكي والاقتصادي میخائیل برونو لنقل 40 ألف عائلة، ما یعادل 250 ألف نسمة، أكثر من نصف سكان القطاع في ذلك الحین، الى الضفة الغربیة خلال عقد. وقد افترضا أن المشروع سیولد زخم اقتصادي كبیر. ووزیر الاسكان مردخاي بن طوف (مبام) أید ھذا الامر. ھكذا، في عدد من مخیمات اللاجئین في الضفة الغربیة تعیش حتى الآن عائلات لاجئین وافقوا في السبعینیات على مغادرة القطاع، لكن عددھم أقل بكثیر من العدد في الخطة الأصلیة.
قبل شھرین كتب في موقع ”972 ”تقریر عن بحث جدید یتناول بحث البروفیسورین ویعتبره ”تقریر لجنة“ شارك فیھا ایضا رجل علم الاجتماع شاؤول آیزنشتات. صحیح أنھ كتب أن البحث استند الى وثائق كشفت مؤخرا، لكن في كتابھ الذي صدر في 2005 اقتبس سغیف محادثات للاساتذة مع رئیس الحكومة لیفي اشكول. وھذا ما كتب: ”باكي قدم لاشكول استعراض مقلق: معدل وفاة الاطفال في غزة یمكن أن ینخفض. اذا واصلنا أن نكون رحیمین مثلما نحن الآن“، قال. ”موت الأطفال في المناطق یمكن حتى أن یشبھ الموجود لدى عرب اسرائیل. ھذا وضع صادم“.
دفورتسكي في المقابل اقترح نقل لاجئي غزة الى بیوت من تم ترحیلھم في 1967 ،لا سیما في
غور الأردن. استاذ الریاضیات شرح لاشكول بأنھ إذا احتل اللاجئون البیوت فان احتمالیة عودة المھجرین ستنخفض. ”إضافة إلى ذلك أنت تثیر في أوساط السكان نزاعات داخلیة، بینھم وبین
انفسھم، لأنھم لا یریدون إضافة سكان في اراضیھم“. الافتراض غیر الاخلاقي خلف تشجیع الانتقال الى الضفة كان أن الكثیرین سیغادرون بعد ذلك إلى الأردن. ولكن وزیر الدفاع موشیھ دیان عارض توطین اللاجئین وقال ”أنا أوافق أن تتم ھجرة الجمیع“.
منذ بدایة 1968 كتب سغیف ”عملت في غزة مجموعة من خمسة إسرائیلیین استعانوا بمتعاونین،
تجولوا في مخیمات اللاجئین ووعدوا الناس بالمال مقابل الموافقة على المغادرة. الحكم العسكري
والشباك ومستشار رئیس الحكومة للشؤون العربیة وقفوا خلف نشاطھم. اشكول عین بالتنسیق بین
ھذه الاجسام عاده سیرني، من موالید ایطالیا. وھي عضوة في الكیبوتس وذات مواقف سیاسیة
صقریة وھي ارملة انتشو سیرني، المظلي الذي مات في دخاو. سیغف كتب أنھا اختیرت لھذه
الوظیفة ایضا بسبب أن اشكول أمل بأن تسمح علاقتھا مع ایطالیا بنقل عدد كبیر من اللاجئین من
غزة الى لیبیا. في إسرائیل تم الحفاظ على نشاطات الترحیل بسریة. ولكن في قطاع غزة نشاطھا
كان مكشوفا مثل الأموال التي تم عرضھا على المغادرین وصیغة النموذج (الذي طلب منھم التوقیع
علیھ) والذي یقضي بأنھم یغادرون بارادتھم. وكتب ایضا أنھ في المقابل، وزارة الخارجیة شجعت
كما یبدو بالتنسیق مع الموساد ھجرة لاجئین الى البرازیل والى دول اخرى في امریكا الجنوبیة.
ایضا مدیر منظمة ”جوینت“ كان مشاركا في محاولة تنظیم ھجرة فلسطینیین.
حسب سغیف، في أیار(مابو) 1968 كتبت سیرني بأنھ في الاشھر الثلاثة الاولى من عملھا خرج
من القطاع 15 ألف شخص تقریبا. المكتب المركزي للاحصاء وجد أنھ في النصف الأول من العام 1968 ھاجر نحو 20 ألف فلسطیني. ولكن السیاسیین والاساتذة لم یفھموا أن آمال اللاجئین بالعودة الى بیوتھم داخل اسرائیل لم تخبو. وفي المقابل تطور في القطاع وعي جماعي لھ ھویة مشتركة ومتماسك. المغادرة الطوعیة وبشكل دائم لا تعتبر خیارا، خلافا للمغادرة من اجل التعلیم والعمل والعودة الیھا في كل عطلة، مثلما سمح بذلك اثناء الحكم المصري.
ھنا وھناك الوثائق تظھر نوایا إسرائیل لاستخدام ضغط سلبي یؤدي الى الھجرة. في رسالة لشخص
من وزارة الخارجیة قرأ توم سغیف أن قائد القطاع، مردخاي غور، یمیل الى خفض مستوى الحیاة
في القطاع من اجل حث السكان على مغادرتھ. حتى قبل تعیین سیرني أمل اشكول بأنھ ”بالتحدید
بسبب ھذا الاختناق والسجن، ربما یتحرك العرب من انفسھم – وربما اذا لم نعط لھم الماء بدرجة
كافیة فلن یكون امامھم خیار لأن البیارات ستصبح صفراء وتجف“. ھذا الاقتباس أورده عوفر ادیرت في مقال نشره في ”ھآرتس“ في تشرین الثاني (نوفمبر) 2017 ،من خلال محاضر سریة لنقاشات الوزراء التي تم الكشف عنھا بعد اربعین سنة.
طریقة واحدة فقط نجحت حتى نشر تصریحات كھذه واشباھھا، كان ھناك فلسطینیون استنتجوا أن
اساءة ظروف حیاتھم ھي جزء من المؤامرة الصھیونیة. وأن الحدود بین بوادر حسن النیة لتشجیع
الھجرة وبین اساءة ظروفھم (من اجل نفس الھدف) ھي دقیقة جدا. النقص في المیاه في القطاع الآن صعب اكثر من تجفیف البیارات. ایضا ظروف الفقر والاختناق والسجن في القطاع أكثر بعشرة اضعاف. الحصار الإسرائیلي الذي تعزز بالتدریج منذ العام 1991 ھو العامل الرئیس في تدھور الاقتصاد والتشغیل والبیئة في القطاع، مع كل تأثیراتھ الاجتماعیة، الصحیة والنفسیة. النتیجة ھي ازدیاد عدد من یرغبون في المغادرة وعدد المغادرین.
المحاولة الاخیرة المعروفة لاسرائیل والتي فسرت كاغراء للمغادرة تمت في شباط (فبرایر) 2016 عندما أعلنت إسرائیل أن سكان القطاع یمكنھم السفر إلى الخارج من جسر اللنبي شریطة
تعھدھم بعدم العودة خلال سنة. وأن لا یتوقفوا في الطریق وأن لا ینزلوا في جیوب مناطق السلطة
الفلسطینیة. قبل ثلاثة اشھر تم تغییر الفترة الى نصف سنة غیاب. الاستعداد للسماح بالسفر في
جسر اللنبي اعتبر خطوة تسھیلیة لأنھ منذ العام 1997 إسرائیل تمنع سكان القطاع من الخروج
والدخول عبر الأردن، بل بواسطة تصاریح مسبقة تعطى بعدد قلیل. ھذا الحظر یعارض اتفاقات اوسلو التي حددت بأن تعامل الطرفین مع القطاع والضفة الغربیة سیكون مثل وحدة جغرافیة واحدة. مصر التي تدرك اوھام اسرائیل بشأن مغادرة جماعیة للفلسطینیین، زادت شدة ترتیبات العبور في معبر رفح منذ 2005 الى درجة اغلاقھ لعدة اشھر. رغم عدد الفلسطینیین الكبیر الذین یرغبون في الھجرة، إلا أن بضع مئات من الأشخاص استغلوا الاجراء الإسرائیلي الجدید وخرجوا عبر جسر اللنبي. فتح معبر رفح لفترات اطول یسمح لھم بالعودة الى القطاع بدون علاقة بالتعھدات التي وقعوا علیھا.
في العام 1967 منحت اسرائیل نفسھا الصلاحیة بسحب مكانة المواطنة في المناطق التي احتلت
من فلسطینیین لم یكونوا موجودین فیھا اثناء الحرب، أو في وقت اجراء الاحصاء السكاني أو أنھم
خرجوا الى الخارج ومكثوا خارج المناطق فترة طویلة. ھذه كانت طریقة ”تشجیع الھجرة“ الوحیدة
التي نجحت. ھذه الصلاحیة سحبت من إسرائیل عند التوقیع على اتفاقات اوسلو (وإن لم یكن في
شرقي القدس). ایضا الذین غادروا منذ ذلك الحین القطاع والضفة بسبب ظروف الحیاة الصعبة
وخیبة الأمل، ما زالوا یحملون جواز السفر الفلسطیني وبطاقة الھویة الفلسطینیة. وھناك من یكتشفون أن دولا اخرى لا تحسن استقبال الجمیع. الكثیرون یحاولون أن یسجلوا اولادھم كمواطنین
في السجل الفلسطیني للسكان، رغم ذلك، ورغم كل اخفاقاتھ، فان الیمین الإسرائیلي الذي یتسع
یواصل أوھامھ بشأن ”ترحیل طوعي“. والفلسطینیون اثبتوا منذ زمن بأنھ لیس ھناك مخلوق كھذا.