عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    05-Jul-2020

الأمهات العاملات.. أكثر المتضررات وآخر العائدات إلى أعمالهن

 

ديمة محبوبة
 
عمان - الغد-  بعد نحو 45 دقيقة من المقابلة الجيدة، والأسئلة المتبادلة والطموحات المشتركة، وخطة تطوير العمل في حال توقيع العقد بين الطرفين، سألت مديرة الموارد البشرية، سماح خضر بالمقابلة الوظيفية عن أطفالها وأعمارهم، فقالت إن لديها 3 أطفال، وكلهم أقل من 7 أعوام، وستضعهم في الحضانة عند افتتاحها.
 
تشير سماح إلى أن الموارد البشرية اتصلوا بها وقالوا إن فرصها ستكون جيدة مع انتهاء الجائحة، لكن في الوقت الحالي الأولوية للذكور، أو الإناث العازبات، وذلك “لأنها أم وستكون أولويتها ومسؤولياتها نحو أسرتها، في حال تعرض البلد لظرف استثنائي طارئ آخر، ما يجعل وجودها عائقا للشركة في المستقبل”.
 
وتذكر سماح “قبل الجائحة كنت أعمل في مجال التسويق لشركة سياحية، ومع الظروف التي مر بها العالم، لم تستطع الشركة الاستمرار حتى انتهاء هذه الأزمة؛ إذ أغلق صاحب العمل الشركة وسرح كل الموظفين والموظفات فيها”.
 
ووفقا لدراسة حديثة “غالبية الأمهات العاملات يذكرن أن عبء الرعاية المكثفة للأطفال، هو أمر نجم عن الإغلاق، بسبب تفشي وباء فيروس كورونا وقد أضر بفرصهن المهنية”، وفي استطلاع أظهرته الدراسة وشمل 3686 من الأمهات، والسيدات الحوامل، تبين أن قرابة 57 % من الأمهات العاملات يعتقدن أن الفوضى التي نتجت عن إقفال المدارس.
 
وتوقف مقدمي خدمات رعاية الأطفال عن العمل أثناء الإغلاق، قد ألحقت الأذى سلفا بوظائفهن، أو أنها ستفعل ذلك في المستقبل.
 
وبعد تعرض العالم لجائحة كورونا، حاولت كثير من الدول التصدي لانتشار الفيروس بين مواطنيها، من خلال الحجر المنزلي، وأحيانا الحظر الشامل، وهو الأمر الذي مارسته الأردن على الكثير من القطاعات لـ83 يوما، إما من خلال التوقف الكامل في بعض القطاعات، أو العمل عن بعد.
 
وبعد هذه الفترة ودوران عجلة القطاعات، وعودة الموظفين والموظفات إلى مكاتبهم وأعمالهم في مكانها الطبيعي، كانت الأم العاملة هي الأكثر تضررا في كل مراحل هذه الأزمة، ما يسلط الضوء عليها وعلى ظروفها وحقوقها كونها موظفة.
 
وتؤكد الدراسة أن 78 % من الأمهات العاملات واجهن صعوبة في التوفيق بين رعاية الأطفال والوظيفة خلال أزمة فيروس كورونا.
 
ومن ناحيتها، تبين ملاك كمال، أن الأم العاملة هي الأكثر ضغطا وضررا أثناء أزمة الكورونا والحظر الجزئي والشامل، فكانت مسؤولياتها أضعاف الأيام العادية، بوجود جميع أفراد الأسرة في المنزل، والأعمال اليومية كالترتيب والتنظيف والطبخ وصناعة الحلويات، وابتكار ما يسلي الأطفال بسبب عدم خروجهم من المنزل.
 
وتستذكر ملاك التعليم عن بعد، وهي فترة عصيبة من اليوم مع الأطفال الذين لا يريدون الدراسة، ولا يطيقون الجلوس مطولا وسماع مدرستهم عبر جهاز الكمبيوتر؛ إذ كانت تستمع أحيانا للحصة وتلخصها وتدرسها لأطفالها، والجلوس معهم لحل الواجبات، وعند تقديم الامتحانات.
 
وتؤكد أنها تعمل في مجال السوشال ميديا، ما يتطلب منها التواجد المستمر على الكثير من المواقع والصفحات، وبالتالي فإن عملها عن بعد كان قائما، حتى أن الضغط كان أكثر.
 
وعلى الرغم من ذلك عندما عادت القطاعات للعمل، كان الاستغناء عن الأم العاملة هو أول مرحلة، وتقول “نعم هي ميزة عند المؤسسة ومساعدة في اتباع المرونة بعمل الأم العاملة، لكن شعور التخلي عنها أو أنها المهددة الأولى في حال وجود ظرف استثنائي أو ظرف اقتصادي أو غيره ستكون هي الضحية الأولى يعد سيئا”.
 
ويبين تقرير حديث صادر عن كلية لندن للاقتصاد LSE، أن النساء أكثر عرضة لتحمل مسؤوليات التعليم في البيت، ورعاية الأطفال، ومختلف صنوف الأعمال المنزلية، حتى وإن كن يوفقن بين ذلك، ووظائفهن.
 
اختصاصي علم الاجتماع د. حسين خزاعي، يؤكد أن معظم الأمهات، وتحديدا العاملات عن بعد، كن بمثابة طباخات لتلبية طلبات أفراد الأسرة ومربيات ومعلمات عدا عن ترتيب وتعقيم المنزل بشكل مستمر، وقاض يحكم بين الأبناء ومشاجراتهم المستمرة، عدا عن المجهود الإضافي في العمل عن بعد، والذي يتخلله الكثير من طلبات الأسرة، ما يولد ضغطا نفسيا أكبر.
 
وتبين جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن”، أن الكثير من الأسر عانت وما تزال من ضعف في الموارد، خاصة بين الفئات التي تعمل بالمياومة، وبقطاعات العمل غير المنظمة التي تشكل النساء العاملات نسبة كبيرة منها؛ إذ أظهرت الجائحة هشاشة مواردهن الاقتصادية وضعف حمايتهن الاجتماعية.
 
وتتوقع “تضامن” أن يرتفع معدل البطالة لكلا الجنسين بصورة كبيرة في الربع الثاني من العام الحالي (نيسان/أيار/حزيران) الذي يشمل الإغلاق الكامل والجزئي وحظر التجول والحجر المنزلي.
 
ويشير خزاعي “إضافة إلى كل ذلك، وجدت الأم العاملة نفسها آخر من عاد للعمل، ومنهن كثيرات وجدن أنفسهن في مكان المفاضلة بين عملهن وأسرتهن”.
 
ويذكر أن الركود الاقتصادي المرتقب سيجعل الكثير من العائلات تتنازل عن عمل المرأة لأن الرجل هو الأولى في العمل وإعالة العائلة، ما دفع الأم العاملة إلى الحصول على إجازات غير مدفوعة الأجر، أو مرضية، أو التسريح المؤقت، كنتيجة مباشرة لكونهن أمهات، فلا عجب إذن بعدم تفكير الأمهات العاملات في مستقبلهن المهني بصورة إيجابية.
 
وتتوقع “تضامن” أن معدل البطالة بين الإناث سيكون أعلى من الذكور كون قرار العودة إلى العمل حرم النساء من الاستفادة منه، مع استمرار القيود المفروضة على الحضانات بشكل خاص، من ضمن الإجراءات الاحترازية التي تتخذها الحكومة لمواجهة الجائحة.
 
وتشير “تضامن” إلى أنها تؤيد الإجراءات الحكومية من ناحية المحافظة على صحة وسلامة المواطنين والمواطنات، ولكن تدعو الحكومة إلى اتخاذ إجراءات إضافية لحماية حقوق النساء العاملات وضمان عدم فقدانهن وظائفهن، خاصة اللواتي لا يمكنهن العمل عن بعد، وتأمين مزيد من الحماية الاجتماعية لهن بما فيها الحماية من العنف الأسري والاستغلال والتمييز.