عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Feb-2019

بالشغف والإرادة.. ربی الریاحي تحفر طریقها بعالم الصحافة

 أول صحفیة أردنیة كفیفة تنتسب لنقابة الصحفیین

 
منى أبوحمور
عمان –الغد-  قبل أكثر من سبع سنوات، انضمت الزمیلة الكفیفة ربى الریاحي لفریق صحیفة ”الغد“، ومنذ ذلك الوقت استطاعت أن تسطر قصة نجاح ممیزة، بجدارتھا واصرارھا وعزیمتھا، وعطائھا، ومحبة زرعتھا بقلوب الآخرین.
بدأت عملھا في دائرة حیاتنا، وأثبتت وجودھا وحضورھا، وقدرتھا على انتاج أفضل المواد الصحفیة، وبناء علاقات انسانیة راقیة مع جمیع زملائھا.
لم یكن طریقھا سھلا بالبدایة، واجھت بعض المصاعب بمھنة ”المتاعب“، لكنھا اجتازتھا لأنھا آمنت بذاتھا، ووثقت بلغتھا الانسانیة وكتاباتھا التي لامست لفترة حیاة فئة ذوي الإعاقة وتحدثت بلسانھم وكل ما یعیق حیاتھم، لتنتقل بعد ذلك للكتابة بمختلف المواضیع الاجتماعیة، وتنقل ھموم الشارع، لتصبح صحافیة شاملة.
فقدانھا للبصر، لم یكن حاجزا بینھا وبین أبواب التمیز بالحیاة، أو عائق أمام حضورھا بقوة، بل كانت ترى بعین ثالثة، وتنقل كل ما حولھا بوضوح.
أمس وقفت الزمیلة ربى لتؤدي الیمین كعضو في نقابة الصحفیین الأردنیین، لتكون أول صحافیة كفیفة في النقابة. جاء ذلك بعد سبع سنوات اختزلت خلالھا الكثیر من المشاعر، والآن أصبحت أكثر ثقة بطموحاتھا وقدراتھا. استطاعت ربى أن تشكل صورة إیجابیة مشرقة للكثیر من الأشخاص ممن یملكون طموحات وأحلام وقدرة على العطاء، واثبات الذات.
تقول ربى ”في كل لحظة أكون في بیتي (الغد) أشعر بالامتنان لھذا المكان الذي منحني فرصة كبیرة لأجد نفسي بعالم الصحافة“، مضیفة أنھا وبعد ھذه السنین ینتابھا بعض الخوف من المسؤولیات التي تضاعفت، ”لكنني قادرة على تجاوزھا بمساعدة الأشخاص المحیطین بي“.
یزداد إصرار الریاحي یوما بعد یوم على تحقیق النجاح والتمیز، فھي لا تقل غیرھا بشيء، رغم تشكیك البعض بدایة بقدراتھا وامكانیاتھا ونظرات الشفقة والعطف، كما تقول.
وتبین ربى أن انضمامھا جاء بدافع شغفھا بھذه المھنة، والآن زاد فخرھا بانضمامھا لنقابة الصحفیین الأردنیة.
تجربة ممیزة خاضتھا الریاحي في الدورة التدریبیة التي سبقت امتحان العضویة في نقابة الصحفیین، حیث دفعتھا بأن تكون كباقي زملائھا، وأضافت لھا الكثیر من المعارف والخبرات والتمكن من أدواتھا.
تقول ”مشاركتي بالدورة جعلتني أشعر بالمساواة أكثر ومنحتني دافعیة أكبر للنجاح وتحقیق ذاتي“، مبررة إصرارھا على تقدیم الامتحان بقدرتھا على اجتیاز ھذه المرحلة بجھدھا وتعبھا.
وتشیر إلى أن اجتیازھا للامتحان في البدایة كان بعد دراستھا للمادة المسجلة التي قامت زمیلتھا منى أبوحمور بتسجیلھا لھا“، فضلا عن قیام إحدى الزمیلات العاملات في النقابة بمساعدتھا في كتابة ما تقولھ في الامتحان.
وتصف لحظة سعادتھا عندما تلقت الاتصال من زمیلتھا التي رافقتھا بالدورة أبوحمور، لتخبرھا بأنھا قد اجتازت الامتحان التحریري والمقابلة الشخصیة بنجاح وأنھا نجحت بجدارتھا، واشادة الجمیع بأدائھا في الامتحان، حینھا ”شعرت كثیرا بالثقة والفرح وأضفت لرصیدي نقطة وتقدمت للأمام“.
بعد عضویة النقابة تشعر الریاحي أن المسؤولیات زادت علیھا وأصبح وجوبا علیھا الاجتھاد أكثر لتتمكن من تحقیق طموحاتھا.
لم تصل الریاحي إلى ما ھي علیھ الیوم بسھولة، فقد واجھتھا صعوبات كثیرة في كتابة المواد الصحفیة، التي تقوم على جمع المصادر من خلال مكالمات ھاتفیة ومقابلات مع مختصین وخبراء، عازیة الفضل في اجتیاز ھذه المرحلة وتخطیھا لزمیلاتھا في قسم حیاتنا، وتوجیھات مدیرة دائرة حیاتنا فریھان الحسن التي كانت دائما إلى جانبھا تساعدھا وتساندھا وترشدھا إلى أھم التفاصیل التي یجب أن تركز علیھا.
بعد سنوات من العمل أصبحت الریاحي قادرة على كتابة مادتھا الصحفیة والتواصل مع المصادر وكتابتھا وحدھا دون مساعدة من أحد وتحویل كل الأفكار التي تشعر بحاجة المجتمع لمعرفتھا، إلى مادة صحفیة متكاملة.
وتقول ”تكون معلومات المادة عبارة عن تسجیلات صوتیة للحالات والمصادر وأقوم بسماعھا وطباعتھا وحدي على لوحة مفاتیح عادیة ولیست خاصة بالمكفوفین، فأنا أحفظ أماكن الحروف“.
لیس مكان العمل وحده من كان سبب نجاح الریاحي فیما وصلت إلیھ الیوم، فمباركة والدھا ودعوات رفیق دربھا الدائم ھونت علیھا كل صعب.
”أشعر بالفخر لأن ابنتي ربى اجتازت امتحان النقابة وأصبحت عضوة فیھا“.. بھذه الكلمات عبر والد ربى، نجیب الریاحي عن فرحھ بابنتھ، الذي جدد شكره لصحیفة الغد التي منحتھا ھذه الفرصة، لزمیلاتھا وزملائھا بالعمل والدور الكبیر لدعمھم ومساعدتھم لھا.
ویقول ”ربى اشتغلت على نفسھا كثیرا بجدارتھا ونشاطھا وطموحھا الكبیر ودعم مدیرتھا، ما مكنھا من قطع شوط كبیر، فضلا عن الدعم الكبیر الذي لاقتھ في البدایة من الناطق الرسمي بإسم الحكومة وزیرة الإعلام جمانة غنیمات التي كانت ترأس تحریر الغد آنذاك وكان لھا الفضل بتعیینھا.
والد ربى رافقھا إلى أن اجتازت كامل دراستھا، وكذلك الأمر في الجامعھ وبین المحاضرات، مؤكدا على أن ذلك واجبھ كأب وھي تستحق ذلك، مجددا فخره الكبیر وشاكرا الله على وصولھا لھذه المرحلة، فھي طموحة ولا تقف عند شيء معین وھو على یقین بأنھا ستكون شخصا ناجحا وممیزا في المستقبل.
انضمام الزمیلة الریاحي لنقابة الصحفیین ھي نقطة تحول للنقابة وإضافة نوعیة لھا، بحسب نقیب الصحفیین الأردنیین راكان السعایدة، مؤكدا فخره واعتزازه بانضمامھا للھیئة العامة ومبدیا استعداد النقابة لدعمھا والوقوف إلى جانبھا في كل الاوقات.
بدأت ربى بكتابة مقالات خاصة وتحقیقات تتناول من خلالھا أوضاع ذوي الإعاقة والعقبات التي تواجھھم والحرمان من فرص عدیدة وحقوق ما تزال مھدورة، ونظرات لا ترحم من المجتمع والمحیطین، والتقلیل من دورھم وتحجیم في بعض الأحیان من طموحاتھم.
ومن رحم المعاناة، كانت ربى أكثر من استطاعت التعبیر بلسانھم، والتحدث عن تفاصیلھم بصدق وموضوعیة، والتفاعل مع كل ما یختبرونھ في حیاة صعبة تتضاعف فیھا الھموم والصعاب.
ومع مرور الوقت، أصرت على التفوق أكثر وأكثر بأن تكتب بمختلف القضایا والموضوعات، وتنقل ھموم الشارع، لتخرج بقصص مكتملة وبأسلوب جمیل یعكس دواخل ھذه الإنسانة المبدعة.