عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    27-Dec-2025

الإرهاب يسعى لـ"ضمان" الفوضى في سورية

  الغد- عملية إرهابية جديدة، تحاول ضرب استقرار سورية، وهو الاستقرار الذي يواجه تعقيدات بنيوية عميقة؛ أمنية وسياسية وعسكرية وسياسية واجتماعية وإقليمية ودولية، بوجود جماعات إرهابية داخل الجغرافية السورية تنتظر الفرصة المناسبة لإعادة تجميع قوتها، وأيضا في ظل مكونات انفصالية تحاول تعطيل جهود الحكومة المركزية بإعادة الأمن والسلم إلى سورية.

 
 
أمس، أدى تفجير إرهابي في مسجد علي بن أبي طالب بمدينة حمص، أثناء تأدية صلاة الجمعة، إلى سقوط قتلى وجرحى، وهو التفجير الذي أدانته سورية والعديد من الدول.
ودان الأردن الانفجار الإرهابي، مؤكدا على لسان الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية وشؤون المغتربين السفير فؤاد المجالي تضامن المملكة الكامل مع حكومة وشعب الجمهورية العربية السورية، ورفضها لجميع أشكال العنف والإرهاب التي تسعى لزعزعة الأمن والاستقرار.
التفجير الذي تبنته مجموعة "سرايا أنصار السنة" الإرهابية، اعتبرته دمشق أنه "يأتي في سياق المحاولات اليائسة المتكررة لزعزعة الأمن والاستقرار وبث الفوضى بين أبناء الشعب السوري"، مجددة التأكيد على "موقف سورية الثابت في مكافحة الإرهاب بكل أشكاله وصوره"، مشددة أن مثل هذه الجرائم لن تثني الدولة السورية عن مواصلة جهودها في ترسيخ الأمن وحماية المواطنين ومحاسبة المتورطين في هذه الأعمال الإجرامية.
التحقيقات الأولية أشارت إلى أن الانفجار نجم عن عبوات ناسفة كانت مزروعة داخل المسجد، وقد تبنته مجموعة "سرايا أنصار السنة" الإرهابية في بيان، مضيفة فجرت العبوات بالتعاون مع مسلحين من جماعة أخرى، ومشددة على أن ستستمر في هجماتها بشكل متزايد.
وتتواجد في سورية العديد من التنظيمات الإرهابية المسلحة، مثل داعش، وهيئات وجماعات إرهابية متفرعة،  لا تعمل فقط بمنطق السيطرة الجغرافية، بل بمنطق إدامة الفوضى، خصوصا أن كثيرا منها يعيش على اقتصاد الحرب من تهريب وفديات وتجارة سلاح، ولا يوجد لها أي مصلحة في قيام دولة مركزية مستقرة، لذلك فهي مستمرة بالاستثمار في هشاشة المناطق الطرفية والانقسامات المحلية.
وتطمح تلك الجماعات الإرهابية في إدامة الاستنزاف الأمني الدائم للدولة، ما يعطل إعادة الإعمار وعودة اللاجئين، ويبرر التدخلات الخارجية بذريعة مكافحة الإرهاب، إضافة إلى تغذية خطاب الخوف والانقسام داخل المجتمع السوري.
وفي الداخل السوري، تتواجد مكونات ذات نزعات انفصالية أو شبه انفصالية. ورغم أنه ليست كل النزعات الانفصالية نابعة من مشروع تفكيك الدولة، فهناك تهميش تاريخي أو شعور بالإقصاء لبعض المكونات، لكن الخطورة تتشكل عندما تتحول المطالب الحقوقية إلى مشاريع سياسية خارج الإطار الوطني.
ولعل ذلك يبرز بتداخل الإرهاب والانفصال بتغذية مباشرة بين الطرفين، خصوصا أن الإرهاب يستفيد من الفراغ والانقسام، إضافة إلى استثمار دولة الاحتلال في علاقات مفتوحة مع مكونات بعينها، تعزيزا للانقسام والانفصال.
كل ذلك قاد إلى نشوء إدارات أمر واقع بقوة السلاح، وإلى تضارب مفهوم السيادة مع واقع السيطرة المحلية، وخلق جغرافيا سياسية متعددة القوانين والهويات.
على البعد الإقليمي والدولي، فهناك أجندات متعددة ومتضاربة تجاه سورية، فكل طرف خارجي يدعم فاعلا محلياً يخدم مصالحه، وبعض القوى ترى في سورية الضعيفة "حالة مفيدة"، في ظل غياب توافق دولي حقيقي حول شكل الدولة السورية المستقبلية.
بالنسبة للأردن، فهو لا يعتبر سورية ليس جاراً عادياً، بل دولة تماس مباشر مع الجغرافيا والاقتصاد والأمن، لذلك يتأثر بدوائر حساسة؛ الأمنية، الديمغرافية الاقتصادية، والسياسية.
خطر اللااستقرار سوف يبقى مهددا للحدود الشمالية التي تشكّل خاصرة أمنية طويلة، خصوصا مع نشاط جماعات إرهابية نائمة أو عابرة، وتهريب السلاح والمخدرات، ما يعني أن استمرار التفكك السوري سيبقي الأردن في حالة استنزاف أمني دائم، وفي خشية من انتقال أدوات الفوضى من منطلق المصلحة الوطنية، يدعم الأردن وحدة الأراضي السورية، والحل السياسي لا التفكيك، فالبديل سيكون دولة فاشلة بحدود ملتهبة، واقتصاد إقليمي هش، وأمن جماعي مهدد.