الغد-هآرتس
يوسي فيرتر
بأي سهولة وبأي سرعة وتصميم، تقريبا بدون أن يرف له جفن، ينهي بها نتنياهو الحرب في لبنان، وبأي تصميم واستخفاف وانغلاق يرفض إخراج الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة. شهران من العمليات البرية في لبنان مع إنجازات عسكرية تكتيكية مهمة كانت تكفيه من أجل الإعلان أمس بأنه تم تحقيق الأهداف. ولكن 13 شهرا من العمليات البرية في القطاع مع إنجازات أكثر أهمية لا تكفيه لإنهاء الحرب والانتشار كما هو مطلوب على الحدود الدولية والحفاظ على حرية العمل والإحباط – في المقام الأول إعادة المخطوفين.
القراء مدعوون إلى أن يأخذوا خطاب "أنا، أنا وأنا" المتبجح الذي ألقاه، واستبدال كلمة "حزب الله" بـ"حماس"، وانظروا إلى العجيب: الأمور تسري أيضا بالضبط بنفس الدرجة. فقط النية الحسنة والإنسانية هي الناقصة.
الانسحاب بالتدريج من لبنان لا يعرض حكومته للخطر، أو تقريب الانتخابات أو تسريع المحاكمة – كما يبدو حتى يمكن الذهاب ضد "القاعدة" (أصلا لا توجد انتخابات في السنة القادمة). صحيح أن دعم الجمهور حسب الاستطلاعات حول قضية إنهاء الحرب في غزة وصفقة التبادل هو تقريبا صورة مشابهة لقضية الشمال حول وقف إطلاق النار، التي معظم الجمهور لا يصدقها.
نتنياهو اضطر إلى تسويق وقف إطلاق النار مع الإدراك بأنه يجب أن لا تكون محللا عسكريا أو حتى شاويش في الجيش كي تعرف بأي ضوء سخيف هو يطرح بقاءها عالقين في غزة. "الحرب (في الشمال) لن تنتهي إلى حين تحقيق كل الأهداف وإعادة سكان الشمال إلى بيوتهم". أول من أمس قال "هذا سيحدث بالضبط كما حدث في الجنوب". لماذا إذا في الجنوب ما تزال الحرب مستمرة؟ الجواب هو أن الحرب في الجنوب استهدفت الاستمرار قبل وبعد الحرب في الشمال، لا سيما عندما يكون نتنياهو منشغل بإعادة استنساخ آخر للتاريخ و"حرب النهضة" له، هذا كان واضحا جدا أمس.
نتنياهو وصف نفسه بأنه جندي شجاع قاد الجيش خلفه إلى داخل لبنان وقام بتصفية حسن نصر الله. الحقيقة هي أن نتنياهو كان ينوي مواصلة السماح للجبهة الشمالية بأن تدار لفترة أطول بنفس الطريقة كما كان قبل شهرين: قصف من الجو، حدود فارغة من السكان، منطقة كاملة منهارة اقتصاديا واجتماعيا. حادثة البيجرات التي لم يخطط لها هو نفسه، جرت وراءها عدة أحداث ثبتت القصور الشخصي بمجرد حدوثها. من اللحظة التي بدأت فيها العملية البرية فإن نتنياهو عمل طوال الوقت (كما يجب) كي يجد ثغرة الخروج الأقرب، خلافا لغزة. مرة أخرى شاهدنا أول من أمس مذيع الأخبار في أبهى صورة أو أسوأها، هذا يتعلق بالمشاهد، وهو يتحدث كثيرا عن "الساحات السبع"، وبعد ذلك يصل إلى لبنان من خلال العودة إلى الوعد الفارغ لإطلاق سراح جميع المخطوفين. على الأقل الآن هو لن يعد بـ"ضغط عسكري شديد" لإعادتهم.
أي رئيس حكومة تولى منصبه هنا، الذي تهمه حياة الإنسان وقلبه غير مصنوع من الحجارة ولديه عمود فقري، كان سيتصرف بشكل مختلف ويخرج من غزة. نتنياهو يستمر في الكذب والتضليل والتنكيل بعائلات المخطوفين المحطمة، وهو يضع على صدره وبدون خجل الإشارة الصفراء، وفي نفس الوقت يفشل بشكل إجرامي ما تمثله هذه الإشارة.
وسائل الإعلام نشرت أول من أمس مرة تلو الأخرى خطاب نتنياهو، عندما انتهت حرب لبنان الثانية في 2006، الذي أشار فيه إلى نقاط الضعف والنقاط الإشكالية. بيبي المعارض كان سيجد الذرائع لرئيس الحكومة نتنياهو. ولم يكن ينقصه ما يطرحه. يكفي النظر إلى الثقوب في الاتفاق، ووفقا لذلك تأتي عدم ثقة سكان الشمال: لا توجد منطقة عازلة التي طالبوا بها في كل مناسبة؛ التنفيذ ملقى على مسؤولية الجيش اللبناني وقوة اليونفيل، بمعان كثيرة ما كان هو ما سيكون.
أنا أغلق جبهة لبنان، هكذا برر نتنياهو، لأنني أريد التركيز على جبهة إيران. أي ولد كان يمكنه التنبؤ بأنه سيقول ذلك. دائما ستكون لديه إيران. ومن جهة أخرى فإنه فقط في منتهى السبت استخدم بتصريح مسجل، بنفس المدة كما كان أول من أمس، تم تكريسه للجبهة الثامنة: الشباك والجيش والشرطة الذين يحققون في قضية فيلدشتاين واوريخ واينهورن. ربما إنهاء الحرب في لبنان استهدف تفرغ رئيس الحكومة لهذه الجبهة.
في نهاية المطاف أيضا هذا القرار هو قرار سياسي أكثر مما هو سياساتي أو أمني. مع القليل من اعتماده السياسي على المقرضين بفائدة قليلة، بن غفير وسموتريتش، فإن نتنياهو اشتاق إلى الانسحاب من لبنان حتى يتمكن من إضاعة وقت وحياة الجنود في الجنوب والتخلي عن المخطوفين بشكل متعمد.
وقف اطلاق النار في لبنان هو ببساطة نتيجة الاتفاق الأساسي الذي فرض عليه من قبل شركائه في اليمين المتطرف المسيحاني: أنت لن تخرج من غزة ونحن لن نوصلك إلى الانتخابات. هذا أمر فظيع.