عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Sep-2022

عن دراسة الطب والقلق المبالغ فيه* زيد نوايسة

 الغد

لا يفوت وزير التعليم العالي المحترم أي لقاء دون أن ينبه الطلاب والأهل لضرورة عدم التركيز على أولوية دراسة الطب باعتباره مهنة على وشك أن تدخل قائمة التخصصات الراكدة، لذلك يتبنى وبشدة تخفيض عدد المقبولين لهذا العام على خلاف ما كان العام الماضي عندما توسعت الجامعات في القبول في البرنامجين العادي والموازي.
مصدر القلق بُني على ارتفاع مستويات البطالة في قطاع الأطباء التي تناهز الآن ألفي طبيب وطبيبة حسب معلومات نقابة الأطباء، في ذات الوقت الذي يجلس على مقاعد دراسة الطب 38 ألف طالب وطالبة نصفهم في الجامعات الرسمية الأردنية ونصفهم الآخر خارج الأردن.
على الجانب الآخر نسمع شكوى الأطباء العاملين في المستشفيات الكبرى والمراكز الصحية من حجم الضغط نتيجة استقبال اعداد كبيرة من المرضى وقلة الكوادر الطبية المتخصصة، بينما تسعى الحكومة لتعديل قانون المجلس الطبي ليتمكن الأطباء الأردنيون الذي يحملون تخصصات من دول اجنبية ويواجهون عقبة اجتياز البورد الأردني من العودة وممارسة العمل في القطاعين العام والخاص وهذا يعني أن قطاعنا الطبي بحاجة لمزيد من الأطباء وقادر على استيعابهم.
يبدو القلق والتحذير من الناحية النظرية مقبولاً ومنطقياً، ولكن تخفيض نسبة القبول لن يساهم في حل مشكلة التخصصات المشبعة، الطالب الذي حصل على معدل مرتفع ووضع نصب عينيه دراسة الطب لن يتردد من الذهاب للجامعات العربية والعالمية ويدرس الطب وطب الاسنان وبالتالي إنفاق مبالغ مالية كان من الممكن أن تساهم في رفد الجامعات الحكومية التي تعاني من عجز ومديونية مرتفعة وصلت مائة مليون دينار في ظل وجود البرنامج الموازي فكيف في حالة الغائه أو تخفيضه كما هو التوجه المستقبلي.
صحيح أن هناك ثلاث جامعات خاصة ستبدأ هذا العام بتدريس الطب وطب الاسنان وهذا يساهم في استيعاب عدد من الطلاب ولكنه يبقى محدودا وضمن ما تسمح به معايير الاعتماد وربما تكون الكلفة المادية مرتفعة جداً قياساً على البرنامج الموازي وتكلفته المرتفعة ايضاً.
مهم أن نشير هنا ومن باب تقليل دواعي القلق؛ أن عدد الدارسين في الخارج سيتراجع في السنوات المقبلة بسبب قيام مجلس التعليم العالي بتحديد معدل 85 % الفرع العلمي للاعتراف بخريجي الطب وطب الاسنان؛ غياب هذا القرار سابقاً ساهم في موجة دراسات الطب الهائلة خاصة في دول الاتحاد السوفياتي السابق وتركيا ومصر والجزائر وبالتالي من المتوقع أن تتراجع الاعداد في المستقبل وبشكل تدريجي ويضاف لذلك القرار الحكيم والمسؤول بوقف فوضى شهادات الثانوية العامة من تركيا وخاصة تلك التي كانت تمنح من مدارس عربية موجودة هناك.
من المناسب أن يفصل مسؤولو التعليم العالي بين حق الطالب في دراسة ما يريده خاصة إذا انطبق عليه شروط الحد الأدنى من المعدل وهو 85 %، وبنفس الوقت أن يتحمل مسؤولية أن هذا التخصص مشبع وأن فرص العمل خاصة في القطاع الحكومي صعبة جداً.
يقيني؛ أن التشدد يجب أن يكون في تجويد شهادة الطب في الأردن وليس في تقليل الدارسين، لا سيما وأن الأردن وبفعل حالة الاستقرار والأمان التي يعيشها أضحى يملك ميزة مهمة وهي نوعية الخدمات الطبية المتميزة والتي جعلت منه مركز جذب للباحثين عن العلاج المتوفر بأسعار مقبولة وأيضا مركز جذب للاستثمارات في مراكز الاستشفاء الحديثة والمنافسة بكوادرها وأجهزتها التي تواكب الاحدث عالمياً وبالتالي تبدو المغالاة في التحفظ والتحذير في دراسة الطب لا مبرر لها على الأقل داخلياً.