عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Sep-2020

التربية الإعلامية لم تعد ترفا*د.نهلا عبدالقادر المومني

 الغد

انفجار الزرقاء وما رافقه من أخبار بعيدة عن الحقيقة، وما تبعه من معلومات حول وقوع ضحايا انتشرت في غضون دقائق، المطعوم الذي سيأخذه الطلبة في المدارس قسرًا وفقا للأخبار المتداولة بين الافراد والحملة المضادة له، ومؤامرة كورونا الكونية ..هذه الأخبار وأكثر وتسليم الأفراد بما جاء فيها على أنه حقائق وتداول المعلومات المتعلقة بها عبر وسائل التواصل الاجتماعي والركون إلى ما جاء فيها دون تمحيص أو نقد بناء لمضمونها، يكشف لنا عن اشكالية متجذرة في العمق في التعاطي مع الأخبار والمعلومات من قبل الأفراد عموما.
هذه الاشكالية في تلقي المعلومات والأخبار بين الجمهور وتداولها على نطاق واسع والتعامل معها على أنها مصدر أولي ونهائي، يبني الأفراد توجهاتهم وسلوكهم سندا لها، تجعلنا ندرك أننا بعيدون كل البعد عن مفهوم التربية الاعلامية التي أمست حاجة ملحة في زمن تتسارع فيه وتيرة المعلومات وتؤثر فيه وسائل الاعلام على حياة الافراد سواء على المستوى المعرفي والاداركي وفي الاتجاهات والمواقف وبالتالي التأثير في السلوك الذي ينتهجه الأفراد في حياتهم اليومية وفي القرارات التي يتخذونها .
التربية الاعلامية كما عرفتها منظمة اليونسكو هي الكفاءات الأساسية التي تتيح للافراد التعامل مع وسائل الإعلام على نحو فعّال، وتطوير الفكر النقدي ومهارات التعلم مدى الحياة، في سبيل تنشئة اجتماعية تجعل منهم مواطنين فاعلين. أو هي كما عرفها أحد الخبراء بأنها القدرات الأساسية التي تسمح للافراد بالمشاركة مع مزودي المعلومات والمحتوى الإعلامي بشكل فعال، وتطوير التفكير النقدي ومهارات التقييم للرسائل الإعلامية والتعلم المستمر اللازم ليصبح الانسان فاعلًا في مجتمعه.
وحسب منظمة اليونسكو أيضا تحقق التربية الإعلامية فوائد عدة أبرزها، قدرة الافراد على تقييم المعلومات والمحتوى الإعلامي وما ينشر عبر الشبكة العالمية للمعلومات بطريقة منهجية علمية نقدية وتحليلية، والقدرة عموما على معالجة المضامين الإعلامية وعلى تحليل وتفسير ما يشاهده أو يسمعه الفرد، وعدم الركون إلى تحليل وسائل الاعلام وتفسيرها لما يحدث حصرا، وادراك الأفراد مدى الحاجة الى المعلومات ذات المصداقية وقدرتهم على السيطرة على تأثيرات الإعلام عليهم، كما تمكن التربية الاعلامية الافراد من المشاركة في المحتوى الإعلامي بأسلوب مناسب وفي الوقت ذاته مراعاة القواعد الأخلاقية والمقتضيات القانونية والابتعاد عن خطاب الكراهية بألفاظه ورموزه المختلفة والتفاعل مع الوسائل الإعلامية من خلال تعبير الأفراد عن ذواتهم باتباع اسلوب الحوار الفعّال وبما يعزز نهج الحياة الديمقراطية.
إن تأصيل مفهوم التربية الإعلامية وتجذيره بين الافراد في تعاملهم مع المعلومات والأخبار على اختلافها ليكونوا ناقدين محللين لا متلقين سلبيين، يقتضي إدماج هذا المفهوم في المناهج المدرسية واعتباره مهارة يتوجب بناؤها لدى الانسان منذ مرحلة مبكرة، فالتربية الإعلامية لم تعد ترفًا في عالم تتدفق فيه المعلومات والاخبار وغيرها دون رقيب أو حسيب.