عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-Jan-2020

كيف يعلّم الأهل أطفالهم التعبير عن الآراء بطريقة مهذبة؟

 

ديمة محبوبة
 
عمان– الغد-  طفل “ذو شخصية قوية.. مهذب” صفات يحلم بها الأهل عند ولادة أبنائهم، والجميع يعلم أن تربية الأطفال ليست بالأمر السهل، وتتطلب الرعاية والتوجيه، وهذا ما يتفق عليه العديد من الخبراء في علم التربية والذين يختصون في علم النفس.
ويؤكد الخبراء أن تعبير الطفل عن ذاته ورأيه بأسلوب لائق، يساعد في تكوين شخصية محببة، وتجعل ذويه يشعرون بالرضا والفخر أمام ذاتهم وأمام الآخرين أيضا.
ولكن، يتساءل الأهل في كثير من الأحيان حول كيفية تعويد الطفل أساليب التعبير عن ذاته بطريقة لا تغضب من حوله، وخصوصا الكبار، فهناك أشخاص يعتقدون أن الطفل لا رأي له وسيتعلم ويفهم عندما يكبر أساليب الحوار والتعبير عن الرأي بالطريقة الصحيحة.
علياء ياسين إحدى الأمهات التي يشهد جميع من حولها باتباعها الأساليب الحديثة في تربية أبنائها، بحسب وصفها، فجميعهم منظمون، لكل منهم شخصية مستقلة، مجتهدون ولديهم مواهب. وتضيف، وأكثر ما يميز شخصياتهم طريقة تعبيرهم عما يجول بخاطرهم وآرائهم في بعض المواقف أو القضايا التي تطرق أمامهم، إذ يحترمون الكبير عند حديثه وبذات الوقت يجعلونه يحترم فكرهم ووجهة نظرهم بأمر ما.
وتبين علياء، أن هذا الأمر لم يأت وليد اللحظة، موضحة، فعندما يطمح الأهل بتنشئة ايجابية لأبنائهم عليهم المبادرة بغرس الخصال الحميدة والوسائل السليمة في نفوسهم لتحقيق ذلك، وهذا يتطلب التدريب والتوجيه.
تقول، “قرأت الكثير من الكتب عن إشراك الطفل في الحياة الأسرية بشكل فعال، وعن أهمية الأخذ برأيه وسماعه وتوجيهه للصح والخطأ”، لافتة، الصبر مهم في تنشئة الصغار، فهو كائن صغير، لا يمتلك الكثير من المهارات، ولكن، يمكن تعليمه هذه المهارات بالتكرار وتثبيت المعلومة وتوجيهه لكيفية إيصال رأيه، بالاستعانة ببعض الكلمات، مثلا، إذا سمحت، أو إذا ممكن أو أنا أرى بصوت منخفض.. وهكذا”.
وتنظر أن ما وصلت له مع أولادها لا يمكن أن يكون بسيطا وسهلا، لكنها تنصح أن التعامل مع الطفل يكون صعبا في البداية، ويحتاج إلى وقت، لكن الأهل يحصدون ثماره فيما بعد، عندما يرون بأن صغيرهم يستطيع التمييز بين الصح والخطأ بسن مبكرة، وعندما يشعر بأن هناك تصرفا خاطئا، يتراجع، ويعتذر، وهذا يجعل منه فردا يتحمل المسؤولية.
ومن النقيض تماما تشكو هالة نور من ابنتها التي تبلغ من العمر ستة أعوام، والتي تحرجها بشكل مستمر أمام صديقاتها وأقاربها بطريقة التعبير عن رأيها، وطريقة كلامها وتصرفاتها، حتى أنها تشعر بالعجز أحيانا، فتقسو عليها أمام الناس لإسكاتها وتوفير رأيها. بحسب وصفها.
تقول، “أعلم بأن الأمر يزعج ابنتي، وبذات الوقت يغضبني، لكن تعلمنا أن الصغير لا يتكلم أمام الكبار ولا يتدخل بنقاشهم، وتربينا هكذا، فعندما يتكلم الكبير يسكت الصغير ولا رأي له أمام الكبار أو حتى في القضايا المطروحة أمامه”.
وحول ذلك يقول الاستشاري التربوي د.محمد أبو السعود، إن الأسرة هي المسؤول الأول عن تربية الطفل، وهي الموجه له، والتي تزرع داخله القيم والأخلاق والدين.
ويضيف، فما يريده الأهل من طفلهم، وما يقومون بزراعته يحصدونه خلال التنشئة، ولا ضير من تغيير التصرف مع الأطفال بطرق كثيرة، حتى يصل الأهل للطريقة الفضلى في التعامل مع طفلهم، وإكسابه المهارات اللازمة لحياته العملية والمهنية والعلمية والشخصية.
أكثر ما يصقل شخصية الطفل، بحسب أبو السعود أن يعطى مساحة ليفكر ويعبر ويكون موجودا، فالطفل الصغير يعبر عن احتياجاته، وما يشعر به من خلال البكاء، أما عندما يتعلم الكلام، فمن الطبيعي أن يشرح ما يريده ويفكر به.
ويضيف، فإن لاقى القمع منذ الطفولة المبكرة بلا توجيه عن كيفية الطلب وصياغة الكلام بالشكل الأنسب فلن يكون الطفل المراد ذا الشخصية الجميلة والمتحدثة، ومن لا يعرف أن يعبر عن ذاته، وعن أفكاره وعن مشاعره، لن يستطيع التواصل مع الآخرين بالشكل الصحيح، وسيكون شخصا لديه الكثير من المخاطر في التعامل مع الآخرين.
كما يؤكد اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة أن الأسرة هي اللبنة الأولى في المجتمع، وذلك لأهميتها في حياة الفرد، فهي المؤثر الأساسي لجيل كامل.
ويلفت إلى أن الأسرة أيضا هي التي تقوم بتشكيل شخصية الفرد، وتساعد في تكوينه وتجعل لديه الثقة في النفس، وليصبح شخصية فعالة مع المحيطين به، مضيفا أنه يجب على أسرته أن تتعرف جيدا على الأساليب التربوية الجيدة، والاهتمام بما يحتاجه أطفالهم.
ويضيف بأن الرفض للاستماع له وإسكاته بشكل دائم، هذه الطرق المتسلطة تخلق منه شخصا فاقدا للثقة بنفسه، وعديم القدرة على إعطاء الرأي الصائب في الحياة، ويتميز بشخصية مترددة طيلة الوقت.
وعليه يجب على الأسرة إعطاء بعض الحرية لأطفالها في إبداء أرائهم واحترامهم حتى إذا كان خطأ، ومن ثم تصحيحها بهدوء، وأيضا إعطاء الطفل مساحة من الحرية وتركه لمعرفة ما يريده مع بعض التوجيهات البسيطة، ولكن دون التحكم والتسلط.