عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Sep-2022

حوار على ضفاف الإصلاح* مالك العثامنة

 الغد

لا أخفي علاقتي الشخصية الوثيقة بالدكتور القانوني نوفان العجارمة، بل أعتز بها كثيرا، وأحد أسباب متانتها ليس في طول عمرها الممتد لثلاثة عقود، بل في معايشة النضج الفكري والوعي الثقافي السياسي فيها عند هذا الرجل الأردني الذي عرفته طالب حقوق يرعى “حلال” أهله في مراعي قريته “المشقر” ويلتهم كتبه الجامعية تحت إضاءة الشارع العام.
ألتقي “نوفان” كثيرا وأنا في الأردن، ونتحدث في كل شيء يمكن أن يتحدث به صديقان، ومن ذلك أحاديث الشأن العام الذي نختلف فيه أو نتفق، يقنعني أو أقنعه.. وغالبا ما نترك قناعاتنا كما هي ونمضي في أحاديث جديدة.
كل ما ورد أعلاه تقديم رأيته مهما في تقديري وهو ما كان يجول في خاطري وأنا أقرأ باستمتاع مقابلته في جريدة الغد المنشورة بتاريخ 5 سبتمبر وقد حاورته الزميلة هديل غبون باقتدار.
العنوان الرئيس للحوار لافت وموجز وبسيط يقول على لسان العجارمة: لا توجد سياسة تشريعية في الدولة.
وهذا التقاط مبدأي صحيح واعتراض على واقع لا بد من تصويبه يأتي من لدن رجل تعريفه “عند الأردنيين” أنه خبير التشريعات والرأي القانوني.
نعم، في الأردن لا توجد سياسة تشريعية في الدولة، وهذا يتطلب ان تكون الدولة بكامل عافيتها المؤسسية أولا حتى ترتكز مؤسساتها جميعا من القمة إلى ما دونها إلى سياسة تشريعية ثابتة، سياسة تطوير مستمر في التشريعات قائمة على التخطيط الكامل والمتكامل في الإدارة العامة والاقتصاد والسياسة والتنمية بكل مستوياتها، مما يعني ببساطة حضورا كاملا لمؤسسات الدولة في اتخاذ القرارات، ولا أعرف ما إذا كانت تلك مقاصد الدكتور نوفان، لكنها أحد محاور أحاديث عديدة بيني وبينه اتفقنا فيها واختلفنا وأيضا تركنا قناعاتنا بما لا يفسد في الود قضية.
من الالتقاطات المهمة واللافتة أيضا، قوله في الحوار الصحفي إن الحياة الحزبية “مسار لا قرار”، وقد استطرد الصديق القانوني بقراءة تاريخية موجزة عن تاريخ الحزبية في الأردن لتوضيح وجهة نظره، وأتفق معه في الخلاصة بأن الحزبية مسار لا قرار، ومن وجهة نظري ( لا وجهة نظره وهو من الاختلافات اللذيذة بين السياسة والقانون) أننا قررنا “الحياة الحزبية” مسارا مسبقا طوال سنوات، وبرأيي الشخصي أن الأولية كانت يجب أن تكون العمل على ترسيخ فكرة الدولة والمواطنة والقانون والمؤسساتية بدءا من تطوير قطاع التعليم منذ الصغر، وهي عملية طويلة لكن ضرورية للخروج بمواطنة واعية لحقوقها وواجباتها أولا وهي التي تضع تصورات حياتها الحزبية، فما أزال عند رأيي أن الوعي الجمعي مشوه وممسوخ في الأردن.
كما أتفق معه في التقاطة ثالثة بأن نظرة الحكومات للأحزاب هي في باب “أبغض الحلال”، مما يقودني إلى الاتفاق معه بأن هناك حاجة إلى “إصلاح الإصلاحات” لكن ليس من ناحية الإصلاحات السياسية بل من ناحية إصلاح وتأهيل الوعي الجمعي الممسوخ نفسه، وهذا يتطلب ثورة نهضوية في التعليم والتنمية الاجتماعية.
أحترم رأي الصديق والعالم بفقه القوانين والدستور، والاختلاف معه في تفاصيل الرؤى يصنع عندي دوما حوارا مختلفا نبني عليه توليفات جديدة وهذا اسمه “التطور” الذي لا مناص عنه في استمرار “الدولة” وتقدمها وكسر الجمود فيها.