عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    03-Sep-2019

من يكتب عن جدار فيسبوك؟!*جهاد المنسي

 الغد-كل من يطالع جدار المتصفح الأزرق يلمس حالة ضياع عند البعض، يتخللها فقر سياسي وثقافي ومجتمعي عند بعض ولا اقول كل متصفحي (فيسبوك)، هذا الفقر السياسي نلمسه من خلال تعليقات اولئك حول قضايا آنية، سواء أكانت اقتصادية أو سياسية أو تتعلق بالشؤون العربية أو الدولية، كما ونلمس اغتراب عند بعض من نعرفهم عن واقعهم وإخفاء لوجههم الحقيقي، ويرتفع منسوب العجب عندما نقرأ ما يكتب أولئك على صفحاتهم الخاصة، ويزداد العجب ونحن نطالع مواقف بطولية وآراء سياسية لم نعرفهم بها على ارض الواقع، كما نستغرب حالة الاغتراب التي يمارسها البعض، والتباين بين ما نقرأه على (فيسبوك) أو (تويتر)، وبين الواقع الحقيقي.

ليس المقصود فيما سبق محاسبة الناس عما يكتبون، أو مهاجمة احد أو منعهم من قول ما يشعرون به، ولكن أعتقد جازما ان (فيسبوك) وجد لجهة التأسيس لحالة حوار جمعي بين مكونات المجتمع المختلفة، يقول كل شخص في زاوية (بما تفكر) التي تظهر لكل شخص دخل على المتصفح الازرق، وفيها يتوجب ان يقول الناس ما يؤمنون به، ويدافعون عن وجهات نظرهم دون تزلف أو اقنعة مسرحية، أو التفاف أو تجميل، وهناك يتوجب ان يناقش جمهور الناس بعضهم بعضا، دون مصادرة حق الطرف الآخر في الاختلاف، ودون ان يمارس على اي طرف ارهاب فكري، أو دين أو عقائدي.
بيد انه وللأسف فإن ما نراه اليوم من قبل البعض، هو حالة احتكار للحقيقة، وللأسف فإن أولئك كثر، وهم يعتقدون انهم يمتلكون ناصية الحقيقة دون غيرهم، وان من حقهم كيل الشتائم للناس دون ان يوقفهم احد، حتى ان الامور قد تصل بهم لحد ممارسة تخوين الناس والتشكيك بوطنيتهم، ناهيك عن حالة الضياع الفكري الذي نلمسه عند اولئك الناس ونحن نراهم يؤسسون لآراء تفتيتية تنخر المجتمع وتضعف لبنته، وليس هذا فحسب، وإنما الأنكى والأصعب من هذا وذاك أو البعض وأقصد البعض، يهاجمون هذا أو ذاك ويتحدثون عن رواتب خيالية دون وجه حق، فيثيرون الرأي العام، ويجيشون الناس، فيما أولئك في حقيقتهم الذين يظهرون عبر المتصفح الأزرق بصفة الملائكة الذين يخافون على المال العام، هم أنفسهم يتقاضون رواتب خيالية أيضا ومن مؤسسات مختلفة، وهنا لا يمكن أن يستقيم ممارسة نقد للناس من قبل اشخاص هم أنفسهم يفعلون الامر عينه، فمن يريد ان ينتقد عليه ان يؤمن بالنقد الذاتي ايضا، وان ينظر لعيبه قبل النظر لعيوب غيره.
هذا الكلام ليس دفاعا عن احد بقدر ما هو دفاع عن أولئك الناس الذين يستخدمون المتصفح الازرق لجهة النقاش والحوار والوصول لرؤية عامة مجتمعية تعظم مفهوم الحوار وتضع لبنة اساسية في عملية التغيير المجتمعي والاصلاح السياسي الذي نريد، ولذا فإن التعامل مع (فيسبوك) بوجه مختلف غير الوجه الحقيقي للأفراد لا يؤسس لحوار مجتمعي حقيقي وإنما يؤسس لحالة ضياع وفوضى في التعامل مع هذا التطور التكنولوجي، ويتركنا في مهب ريح عدم القدرة على التأثير، ويترك علامات سؤال كثيرة حول أهداف تلك الاصناف من البشر الذين لا يبغون سوى خلق حالة فوضى غير منتظمة ورفع وتيرة التشكيك دون رؤية واضحة.
الامور بشكل عام سواء مجتمعية أو سياسية أو اقتصادية ليست على ما يرام، بيد ان ترك المتصفح الازرق هو وسيلة الناس للتعبير وترك مثل أولئك يسرحون ويمرحون على الشبكة العنكبوتية وحدهم لن يوصلنا للطريق الذي نريد ولا يضعنا امام طريق الحوار البناء الذي يوصلنا لحوار مجتمعي سياسي يمكن البناء عليه مستقبلا.