عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Jul-2025

خطر التهجير ما يزال قائما*نادية سعدالدين

 الغد

ما يزال المخطط الصهيوني لتهجير الفلسطينيين خارج فلسطين المحتلة قائماً، ولن يتوقف، إذ إن فشله حيناً، لا يعني إلغاءه، فالتهجير ركيزة أساسية في المشروع الصهيوني وعماد حركته الاستيطانية، وأحد الأدوات الحيوية لتغذية كيانه المُحتل بمقومات الحياة.
 
 
 لا تحيد العقلية الأميركية – الصهيونية، في إرثها التاريخي، عن إطار “الترانسفير” أو “الترحيل”؛ وهي كلمة إنجليزية مُخففة لهدف التهجير، المرافق لأساليب منطوية على نزعات العنف والقوة والعدوانية، بما يتراءى بوضوح من خلال طرح مشاريع متعددة تحمل عناوين برّاقة، مثل “الريفيرا” و”مدينة الخيام” و”المدينة الإنسانية” وغيرها، وهي خطط “تصفوية” تستهدف التخلص من الشعب الفلسطيني، أو العدد الأكبر منه على الأقل، أو هكذا يتخيلون.
 
يُدرك “نتنياهو” جيداً أن الهدف الأساس الذي رفعه منذ اليوم الأول لحرب الإبادة الجماعية ضد قطاع غزة بالقضاء على “حماس” بعيد المنال؛ لأنه ينطوي على جهل بأيديولوجية الحركة وفكرة المقاومة وعقيدتها الدينية وبنيتها الهيكلية التنظيمية وقدراتها العسكرية وبوصفها حركة تحرر وطني متجذرة في نسيج المجتمع الفلسطيني وراسخة في وجدانه، تحظى بتأييد شعبي إسلامي وعربي وعالمي لاسيما بعد 7 أكتوبر. 
 لكن “نتنياهو” لا ينفك يتذرع به لاستمرار عدوانه على غزة، لأن هدفه الأساس من وراء مجازره الوحشية وجرائمه الدموية بحق الشعب الفلسطيني، يتجه نحو محاولة تنفيذ مخطط تهجير سكان غزة إلى سيناء، أو أي دولة أخرى، وتسهيل السيطرة على القطاع، ولربما إعادة استيطانه كحال ما قبل 2005، توطئة لتكرار المشهد في الضفة الغربية نحو الأردن، والاستيلاء على كامل الأرض الفلسطينية. ورغم أن هذا المخطط يصطدم بصمود الشعب الفلسطيني وصلابة المقاومة الفلسطينية، والموقف الأردني، وكذلك المصري، الثابت والرافض لتهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم، إلا أن التحديات مستمرة.
 ولا يوجد أي انقسام داخل الأوساط السياسية والأمنية الصهيونية حول هدف تهجير الفلسطينيين، بل هناك توافق عام على ضرورة تنفيذ المخطط للحفاظ على بقاء الكيان الصهيوني وعدم زواله.
 إن هدف تهجير الفلسطينيين من أراضيهم وديارهم في فلسطين المحتلة مُتجذر في الفكر الصهيوني، إذ يسعى إليه “نتنياهو” اليوم بالاقتداء بزعيم ومُنظر “الليكود” المتطرف الصهيوني “زئيف جابوتنسكي”، الذي حدد بوضوح أهداف حركته الصهيونية “بطرد الفلسطينيين العرب من فلسطين للأردن”، تماهياً مع مؤسس الحركة الصهيونية “ثيودور هرتزل” الذي زعم بأن “أرض إسرائيل لن يقطنها تاريخياً سوى الشعب اليهودي المختار والمُقدس”، وهي نفس الرؤية الزائفة التي تدفع بها “الصهيونية الدينية”، وكل المتطرفين الأكثر غلواً، لطرد الفلسطينيين إلى الأردن ومصر، حسب مزاعمهم.
   وتنثبق تلك الرؤية من نزعات العنف والعنصرية والعدوانية التي تنطوي عليها الصهيونية تجاه الفلسطيني العربي، الذي لا يعد بالنسبة إليها كائناً إنسانياً له قيمة معترف بها بل مجرد بؤرة خطر لا بد من مجابهتها بالقوة، عبر “طرده من أرض إسرائيل التاريخية”، أسوة بعامي 1948 و1967 عبر التهجير وارتكاب المجازر وتدمير 531 قرية فلسطينية. 
   ويجد اللجوءُ إلى العنف والقوة مكانة بارزة في المشروع الصهيوني إلى درجة التقديس، بصفتهما وسيلة للطرد والتهجير والقتل والاستيلاء على الأرض الفلسطينية، والحفاظ على وجود الكيان المُحتل واستمراره وضمان أمنه الذي يشكل هاجساً بالنسبة للساسة الصهاينة من دون أن يسهم مسار عملية السلام الذي انطلق في مؤتمر مدريد (1991) قبل تعثره ومن ثم جموده، في تبديده، حيث يتناقض السلام مع الصهيونية التي تحمل في طياتها حتمية شن الحروب، بوصفها وسيلة “لتحقيق أهداف سياسية ولمنح الشعب اليهودي صوتاً في قدرهم النهائي في فلسطين”، بحسب مزاعم الصهيوني المتطرف “عيزر وايزمان”، فتحولت إلى ظاهرة تلازم اليهودي في مختلف مراحل حياته حد التعايش معها حياتياً، والعيش في حالة حرب دائمة مع العالم العربي المحيط به، حتى لو لم تكن قائمة فعلياً، مما أفقده حالة الاستقرار، فتحول الداخل الصهيوني بفعلها إلى ثكنة عسكرية تحظى فيها القيم العسكرية والنزعة العدوانية بالأهمية، في جو يشخص فيه العربي عدواً، كما شكلت محوراً زمنياً يتحرك الكيان المُحتل وفقاً له في كافة الجوانب الحياتية.
 أما “حل الدولتين”؛ فلا مكان له عند “نتنياهو” وزُمرة المستوطنين من حوله، ولا توجد هناك اليوم من القوى الإقليمية والدولية التي تستطيع فرضه عليه.