عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-Apr-2021

ما بين الكويت وعبدالله الطريقي... أثر وموقف* حمزة عليان
الجريدة الكوتية - 
نتحدث عن الجانب السياسي والثقافي الذي تركته الكويت في حياة عدد من رجالات الخليج والعرب بخلاف ما جناه أبناء العروبة من "الثروة النفطية" التي أغدق بها على هذا البلد، حيث شهدت منذ أربعينيات القرن الماضي أعداداً متتالية من المهاجرين الذين عملوا فيها واستقروا في جنباتها.
 
ارتبطت الكويت بأسماء لامعة ومشهورة في دنيا العرب وأخرى مغمورة كمحطة استقرار وعيش كريم، وفرتها بيئة متسامحة ومنفتحة، ومن هؤلاء من زارها وسجل ما رأى، ومنهم من طاب له المقام فعاش في أرضها، ومنهم من قصدها لاجئاً سياسياً طالباً الحماية، فتحت ذراعيها لمن طرق بابها وكانت الحضن الدافئ لهم، عبروا عن وفائهم ومحبتهم لها.
 
لقد عرفت بأنها "لؤلؤة اقتصادية وثقافية في دنيا العرب" كما وصفها رئيس وزراء لبنان الأسبق د. سليم الحص، والذي عمل في الصندوق الكويتي لفترة من الزمن، وكان أول رئيس وزراء عربي يرفع صوته مديناً الغزو العراقي عام 1990، وهناك أسماء كثيرة مرت بالكويت من قادة ومفكرين ومستشارين وخبراء وفنيين وإعلاميين ومعلمين ورجال اقتصاد وسياسة وتربية، بدءاً من مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبدالعزيز آل سعود الذي قضى صباه في الكويت وزارها عام 1916 معزياً بوفاة الشيخ مبارك الصباح، بعد أن جاءها عام 1892 ومكث فيها 8 سنوات تعلم فيها فنون السياسة وأساليب الحروب، ووصولاً إلى عشرات الرجالات والعائلات الخليجية التي استوطنت الكويت.
 
نتوقف عند شخصية فذة طبعت بثقافة الكويت وأهلها وهو عبدالله حمود الطريقي أول وزير نفط في المملكة العربية السعودية والذي تناولته الدكتورة نور محمد الحبشي في دراسة لها حديثاً نشرتها في "المجلة العربية للعلوم الإنسانية" التابعة لجامعة الكويت.
 
كان المولود البكر لزواج والده ابن الزلفي من سيدة كويتية تنتسب لعائلة السميط، قدم إلى الكويت وهو في السادسة من عمره عام 1924 والتحق بمدرسة الأحمدية وزامل مصطفى حافظ وهبة، شاءت الأقدار أن يعمل مساعداً لعبدالله الطريقي عام 1954 في إدارة شؤون الزيت بالمنطقة الشرقية، وفي عام 1928 غادر إلى الهند ليعمل مع التاجر الكويتي محمد عبدالله السعد المنيفي. انتقل بعدها للقاهرة للدراسة هناك ثم يقع الاختيار عليه ليدرس في أميركا عام 1946 وكانت رسالة الماجستير بعنوان "جيولوجيا المملكة العربية السعودية" ثم أمضى فترة تدريب من قبل شركة تكساس، وتزوج هناك من سيدة أميركية ليعود إلى وطنه عام 1948 وكان أول طالب سعودي يتخرج في جامعة أميركية.
 
كانت له مواقف تصادمية مع شركة أرامكو، فسرت في حينه أنها لأسباب سياسية لا اقتصادية، تولى رئاسة مكتب البترول والأعمال المعدنية واقترح إنشاء كلية للبترول والمعادن في حينه التي تحولت إلى جامعة الملك فهد للبترول، وتولى منصب وزير النفط (ديسمبر 1960– مارس 1962).
 
كانت الكويت أهم محطات المنفى الاختياري، فقد نادى بإنشاء منظمة أوبك وعمل على ترتيب أول اجتماع للدول المشاركة في بغداد عام 1960 ووقع مع ممثلي خمس دول على وثيقة تأسيسها.
 
تم استبعاده من وزارة النفط السعودية نظراً لآرائه في القومية العربية وتطلعاته الليبرالية والتي ظهرت أثناء تولي الملك فيصل رئاسة مجلس الوزراء، وكان له موقف حاسم من كمال أدهم صهر الملك فيصل لتسلمه عمولة بمليون دولار أثناء المفاوضات الكويتية– السعودية مع شركة يابانية حول امتياز نفطي في المنطقة المحايدة.
 
قبل مجيئه الكويت كان في بيروت يصدر مجلة "البترول والغاز العربي" عام 1965 استمرت في الصدور إلى 1969 عندما أتى إلى هنا ليصبح اسمها "نفط العرب"، التقى بالشيخ عبدالله السالم في بيروت عام 1953 بفندق "السان جورج" وتحدث إليه عن المبالغ التي تجنيها شركات النفط من الكويت وأعد تقريراً بذلك وسلمه إياه، ثم استقبله عام 1961 في الكويت مع وزير البترول الفنزويلي، وشرح مقترحه فيما بعد حول النصيحة التي قدمها للشيخ عبدالله السالم عام 1957 بمنح المنطقة المحايدة لشركة واحدة بدلاً من شركتين، وعندما تعرضت الحكومة إلى ضغط شديد من المعارضة للحصول على شروط أفضل من شركات النفط استعانت به كخبير نفطي يعمل لديها.
 
امتدت إقامته في الكويت خمس سنوات بعد محطتي بيروت والقاهرة، كان ذلك عام 1973حيث قام بافتتاح مكتبه الاستشاري هنا، وكان محل تقدير من الشيخين عبدالله وصباح السالم الصباح، وقد رثى الطريقي رحيل الأمير الشيخ عبدالله السالم في مجلته.. وكان نشيطا في تقديم اقتراحات ومنها ورقة بحثية إلى مؤتمر النفط العربي عام 1975 بعنوان "النفط ومستقبل وحدة الخليج".
 
كانت له صداقات مع جاسم القطامي وأحمد الخطيب، وقام بدور وسيط سياسي بين الكويت والعراق عام 1973 حول الحدود، وهو أحد مؤسسي مركز دراسات الوحدة العربية عام 1975 في بيروت، وهو في الكويت كتب مقالة رائعة في "القبس" بوفاة "صديقه العظيم" عبدالله حمد الصقر عام 1974 يرثيه فيها، منهياً مقالته بالقول "إن عبدالله حمد الصقر الذي خرج من الكويت، البلد الصغير في حجمه والكبير في تطلعاته جدير بأن يلقى من الكويت حكومة وشعبا تقديراً لإخلاصه لبلده ولأمته.. والأمل كبير بأن تنقل مكتبته إلى الكويت، وأن يخلد ذكراه في مسقط رأسه، فهذا كويتي يمكن للكويت أن تفخر بأنها أنجبته وكان من الوحدويين القلائل في العالم العربي".