حروفيات الفنان الأردني فاروق لمبز ... نصوص بصرية مفتوحة وغنية بجمالياتها
عمان - الدستور - يواصل الفنان فاروق لمبز السعي لانضاج تجربته التشكيلة الحروفية عبر عرض وتحليل بصري جديد للكتل الحروفية والفضاءات المحيطة بها. وقد بقي الفنان محتفظا بمفردة الحرف والكلمة العربية بوصفهما كيانا تشكيليا دائم الحركة يحرك الفراغ في سبيل اشباع بصري يستهدف تنشيط عقل وحواس المتلقي، وقد صاغ الفنان فاروق تكويناته النشطة الدائبة الحركة عبر ما يمكن تسميته « مشبكات المتواليات الحروفية»، تلك المشبكات التي عبر من خلالها الفنان فلسفة بصرية وسطية نابعة من فهمه العميق للجمالية العربية الاسلامية تجمع ما بين ما هو قدسي و ما هو دنيوي، وبالتالي بين ما هو فراغ فيزيائي معاش في واقعنا ( كتوظيف كل من البعدين الثاني والثالث في تشكيلاته )، وما بين ما هو جمالي صوفي متعال.
الأميرة عالية توفيق الطباع افتتحت أمس الاول في جاليري نبض معرضا جديدا للفنان فاروق لمبز بعنوان «جنات عدن 5». ويمثل هذا المعرض الخامس من سلسلة معارض «جنات عدن» التي يقوم فيها فاروق لمبز بتقديم مجموعة مختارة من اللوحات الحروفية ويستمر المعرض حتى الثاني عشر من حزيران القادم.
وقد نجح الفنان لمبز كما يقول أستاذ الفنون في الجامعة الأردنية الدكتور الناقد مازن عصفور في تحقيق التميز عبر تخطيه اشكالية كل من اللوحة الحروفية الزخرفية التقليدية ذات الطابع الحرفي واللوحة الغربية الأيقونة، فجمع بينهما عبر جعل نصوصه البصرية مفتوحة تستقطب نظر المتلقي في كل الاتجاهات، وهي رؤية جمالية مستخلصة من فلسفة التجريد الاسلامي المعروف بشفافيته اللونية الروحية و المفتوح باتجاهاته البصرية والمتعددة الاتجاهات كقوله تعالى ( زيتونة لا شرقية ولا غربية)، (فاينما تولوا فثمة وجه الله)، بنفس الوقت الذي لم يتخل فيه الفنان لمبز عن جمالية المادة المحسوسة كما هي ماثلة في دنيانا بألوانها الممتلئة الدافئة كاللون الاحمر وغيره من الكثافات اللونية الارضية الممتلئة التي اسهمت جليا في تجسيد البعد الثاني والثالث في لوحاته . وبذلك يكون الفنان فاروق لمبز قد عبر من خلال تلك المشبكات المتواليات الحروفية، تعبيرية لونية وخطية ذات نكهة جديدة خاصة به في توظيف الحروفية في ثوب حداثي جديد في اللوحة العربية المعاصرة.» استثمار التراث في الفن المعاصر.
يقول الفنان فاروق لمبز عن أعماله: «يعتبر التراث الفني العربي الإسلامي من أغنى الموارد التي يعتمدها الكثير من الفنانين في العالمين العربي والإسلامي، كونها أحد أهم المخزونات الذاتية لكل منهم، ويتفاوت أثرها وظهورها في الأعمال الفنية من فنان لآخر، ولا يمكن لأي فنان أن يتجاوزها لعلاقتها الوثيقة بالبيئة والواقع الاجتماعي والعقائدي، ولكونها موضوعاً يرفد الفنان بما يحتاجه للتعبير عن البعدين الزماني والمكاني والسكون والحركة. وأعمالي هنا ليست لنقل مفردات هذا التراث بل لتكريمه واعطائه القيمة الحقيقية التي يستحقها وتقديمه للأجيال الحالية والقادمة.
ويتابع صاحب عشرات المعارض في الأردن والخارج، «الفن لدي لغة خاصة ذاتية تعكس تراكمات وتفاعلات الذاكرة والحس الواعي واللاواعي لدى الفنان، يستعملها للتعبير والإتصال، وذلك باستعمال أساليب وتقنيات مرئية ذات أبعاد متعددة تخرج عن نطاق استيعابها للوهلة الأولى من قبل الفنان نفسه، وأنا أعتقد بأن الفنان يسبق بعمله الفني زمانه، والعمل الفني المبدع يحتوي في حيثياته الماضي والحاضر والمستقبل، وكثير من الفنانين فهمت وقدرت أعمالهم بعد رحيلهم ورحيل من لم يفهمهم في حينه.» مسيرة فنية حافلة.
فاروق لمبز مواليد عمان. يحمل درجة ليسانس حقوق من جامعة دمشق. تخصص في الترويج والتصميم والانتاج الفني وعمل في الملكية الأردنية كمدير تنفيذي من عام 1967 ولغاية 2004. عُين مديرا لدائرة التصميم والمعارض في المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا من عام 1999 حتى 2000 ومديرا تنفيذيا لجاليري عالية من 1982 حتى 1996.
أقام لمبز ستة عشر معرضا شخصيا معظمها خصص لفن الخط والحروفيات العربية، كما شارك في العديد من المعارض الجماعية المحلية والدولية، كما شارك ضمن معرض الفنون التشكيلية الأردني في بكين عام 1984 ومعرض «نقطة لقاء» في جوتنبورج، السويد عام 1998 وتوجد أعماله لدى العديد من متذوقي الفن في الأردن وعدة دول عربية، الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، فرنسا والسويد.
منح لمبز وسام الكوكب الأردني من جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال.