عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Nov-2025

محمد بن سلمان حين يزور البيت الأبيض| حسين بني هاني

 

عمون-
تَحْتَسِبُ إسرائيل كثيرًا لما سوف تُسْفِرُ عنه زيارة ولي العهد السعودي للبيت الأبيض، في الشأنين السياسي والعسكري، باعتباره الصديق الشخصي للرئيس ترامب. فهو يسعى مثلًا لشراء مفاعلات نووية، وطائرات مُتطورة وأنظمة دفاع صاروخية، ناهيك عن الشروط السعودية لتشكيل الشرق الأوسط الجديد، الذي تسعى له كل من واشنطن وتل أبيب، في ظل الرغبة في إشراك الرياض عسكريًا وماليًا في اليوم التالي في غزة، والعزم على توسيع اتفاقات إبراهيم التي وضعت الرياض لها شروطًا لا تحظى بموافقة إسرائيل.
 
التوافق المتوقع بين ترامب وبن سلمان، سوف يشمل مستقبل المنطقة، وربما مستقبل نتنياهو أيضًا، بل تحديد خَطِّ مسارِه السياسي كذلك. الرياض التي سبق وأن استقبلت الشَّرْع، ليست بَعيدة تمامًا عما حدث بينه وبين ترامب في لقاء البيت الأبيض، بل هي تسعى جاهدة ومعها واشنطن، لِفَهْمِ الدور التركي في دمشق، وتدوير زوايا التعاون الإقليمي وفق رؤيتها.
 
تعرف السعودية أن استقبال ترامب للشَّرْع هو ترجمة واضحة لمعادلة المصلحة، بعد أن وَجَدَتْ واشنطن أن التعاون مع دمشق، من شأنه أن يُكرِّس نفوذها في المنطقة. وفقًا لذلك، لا أظنّ أنّ الرياض بعيدة عن هذا السيناريو، الذي تهدف واشنطن من خلاله إلى إعادة هندسة التوازنات الأمنية في المنطقة بعد حرب غزة، إذ ترى الرياض أن أيّ اتفاق بين سوريا وإسرائيل، يتعلّق بالجنوب السوري، يجب أن تُغزَلَ حروفه، وتُنسَجَ خيوطُه تحت إشراف أمريكي مباشر، كونه يمثّل فرصة لتقليص النفوذ الإيراني هناك. هذا يعني بالضرورة موافقة تل أبيب أيضًا على انسحابات إسرائيلية جزئية من الجنوب السوري في إطار تعزيز الثقة بين الطرفين. واضح أن الرياض تريد تهدئة المنطقة وتثبيت الاستقرار، وتقليص نفوذ طهران بعد حرب غزة، بينما تريد واشنطن نفوذًا جديدًا لها، دون كُلَفٍ عسكرية.
 
كانت الأجيال السابقة في المنطقة، وحتى بعض الحالية منها، ترى في السلام غيابًا مؤقتًا للحرب، بينما بات البعض يفهمه اليوم ولو نسبيًا، باعتباره بوابة لمرحلة ترفض معقولية استمرار الصراع في المنطقة، لتحقيق المصالح، وفقًا لرؤية ترامب الجديدة، والتي تنظر إليها الرياض بعين الرضا، خاصة بعد أن بدا بنظر بعض الأمريكيين، الذين يهمهم تهدئتُها، أنّه خلافًا لكل قواعد الحرب والسلام، فإنّه عندما اكتشف أصوليو المنطقة مثلًا، أنهم لن يستطيعوا إسقاط الرئيس العراقي الراحل، الذي نُظِرَ إليه كقائد مُقْلِق لهم وللمنطقة أيضًا، وحجر عثرة أمام تحقيق طموحاتهم، فقد استطاعوا وبذكاء لافت عِوَضَ ذلك، إغضاب واشنطن بهجمات الحادي عشر من سبتمبر، مما دفع واشنطن لتدمير العراق بغير حق، بدل ملاحقتهم وتحجيم دورهم، وهو ما تَوَكَّلَتْ به الإدارة الأمريكية لاحقًا. لقد بدا واضحًا للسعودية وواشنطن، أن التاريخ لا يحتمل استمرار مثل ذلك الفراغ وسوء الفهم وعدم الاكتراث، فحين تتقلص الحروب فإن أمرًا آخر بنظرها يجب أن يَحُلَّ مكانها، وهو ما يسعى إليه الطرفان السعودي والأمريكي اليوم على ما يبدو، بعد أن سيطر الخوف وساد الفشل في تحقيق السلام فترة طويلة من الزمن، وهو الأمر الذي كان يَحُول دون ما يمكن أن يُعتبر اليوم محاولة لإبداع الدولتين السياسي ورغبتهما في تحقيق النمو والازدهار الاقتصادي، عِوَضَ الانتظار لنشوب عنفٍ جديد في المنطقة.