عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    19-Jan-2019

المعرکة الاخیرة - ألون بن دافید
معاریف
 
الغد- لقد صعدوا إلى المنصة الواحد تلو الاخر، ستة رجال في أفضل سنواتھم، واصطفوا بصف واحد أمام بطاریة المصورین. كل واحد منھم تعرض في الماضي لاضواء الكامیرات، ومع ذلك بدا علیھم الانفعال. سنوات طویلة من التجارب المشتركة في الأماكن الأشد قسوة غطت على رواسب الماضي بینھم، وخلقت نوعا من الأخوة الاستثنائیة، نجحت في ان تلصق معا كمیات الأنا الثقیلة التي اصطفت على المنصة.
عندما ساد الھدوء في القاعة، خطى الملتحي وأكبرھم سنا نصف خطوة إلى الأمام وقال بصوتھ
الاجش: ”على ھذه المنصة تقف أمامكم أكثر من 300 سنة تجربة امنیة وسیاسیة، بالتراكم. كل واحد ممن یقفون ھنا سبق أن اثبت عشرات المرات في حیاتھ جاھزیتھ للدفاع عن الدولھ بجسده.
كل واحد منا رأى رفاقھ یسقطون إلى جانبھ ویعرف جیدا الثمن الذي دفع لضمان وجود ھذا الشعب. نحن الذین وقفنا في وجھ كل تھدید خارجي للدفاع عن الوطن، نشعر الیوم بان الاساسات الداخلیة للوطن توشك على الانھیار، ولھذا اجتمعنا“.
”نحن في حالة طوارئ“، وصل بصوت ھادئ المظلي الذي وقف إلى جانبھ. ”إسرائیل لا تحتاج الیوم إلى اعداء خارجیین، فھي تفكك نفسھا بنفسھا. في كل مؤسساتنا الرسمیة سقط نیزك – في
الجیش، في المحاكم، في المجلس التشریعي، في النیابة العامة، في الشرطة. الفساد استشرى في اوساطنا، والنفور لا یتجاوز أي جانب. في البدایة كانت ھذه ھي السلطات المحلیة، بعد ذلك وزراء، رئیس ورؤساء وزراء. والآن الجھاز القضائي أیضا: لا قاضي واحدا ولا اثنین فسدا، بل المنظومة التي تعینھم.
”على خلفیة ھذا الفساد وبمبرر ”النقد المشروع“، اعطي إذن صریح للانفلات على كل شيء:
رئیس الاركان، المخابرات، الشرطة، القضاة وحتى الرئیس. لیس ھناك من مؤسسة محصنة من النقد الھدام. وحتى تعبیر ”البقرة المقدسة“ ذبح. ھذا الانفلات، إلى جانب تحریض اجزاء من الشعب ضد اجزاء اخرى، تحطم أسس مجتمعنا. ھذا اللھیب یھدد بان یأكل آخر ما تبقى لتستند الیھ الدیمقراطیة الإسرائیلیة.
”إذا لم نرجع لان نكون دولة واحدة وشعبا واحدا لن یبقى ما ندافع عنھ“، قال الطیار بصوتھ الخفیض. ”من یعرفني یعرف اني لم ابحث عن مھنة سیاسیة. ولكن ھذه الدولة عزیزة علي، والكل من یقف ھنا، أكثر من أي وظیفة شخصیة ولھذا تجندت انا أیضا. رغم أن بعضا من رفاقي ھنا قفزوا لیسبحوا في المستنقع السیاسي، فإننا لا نقف ھنا كسیاسیین محبین لھالة السیاسة بل كمن یشعرون بالواجب لان ینھضوا للدفاع مرة اخرى عن الوطن“.
”كل واحد منا شعر بثقل المسؤولیة وبالعزلة في لحظات اتخاذ القرارات عن الحیاة والموت“، اضاف المظلي الطویل. ”یقف ھنا رئیس وزراء اسبق. رئیس وزراء اسبق وبالاجمال ستة رؤساء اركان. كل واحد من ھؤلاء الاشخاص سبق أن اثبت بانھ كفؤ بان یكون زعیما. ولكننا اجتمعنا معا لا كي نعلن عن زعیم جدید بل كي نعرض زعامة اخرى، تضع إسرائیل اولا، قبل كل مصلحة شخصیة“.
”كما تعرفون، لم یكن ھناك حزب لم یغازلني في السنوات الاخیرة“، قال الجولاني، الذي حتى الآن لم یسمع صوتھ في الجمھور. ”وانا اقول لكم بصدق ان العمل السیاسي لا یغریني. ولكني جندي، وعندما دعوني رفاقي إلى العلم – امتثلت. ینبغي للمرء أن یكون اعمى كي لا یرى عملیة التآكل التي تمر بالدیمقراطیة الإسرائیلیة. ھذا لیس امرا نتمیز بھ نحن وحدنا – ففي العالم منذ الان توجد نماذج للدیمقراطیات التي أكلت نفسھا.
”لا ینبغي أن نذھب إلى المانیا قبل سبعین سنة. یكفي أن ننظر إلى تركیا، فنزویلا وھنغاریا.
سیناریو الدیمقراطیة التي تتبخر امام عیون المواطنین المندھشة، وبدلا منھا تصعد دكتاتوریة ُ تحمل على اكتافھا جمھور ساذج لا یفھم انھ مستغل – لم یعد من مجال علم الخیال بل ینتمي إلى نوع من الافلام الوثائقیة. كما قاتل اربعین سنة في الدفاع عن دولة إسرائیل – فانا ملزم بان انطلق للدفاع عنھا الیوم أیضا“.
واصل المظلي ذو العینین الزرقاوین حدیثھ: ”نظرت إلى من خلفي ومن إلى جانبي وفھمت انھم بالذات ھنا امامي، عصبة من رؤساء الاركان على اجیالھم. الوحیدون الذین لھم القدرة على ان یلقوا بأنفسھم إلى المعركة الاخیرة، ولكن المعركة الاھم التي یشاركون فیھا في اي مرة من المرات. معركة تتطلب شجاعة لا تقل، جسارة لا تقل، تضحیة لا تقل، مسؤولیة لا تقل بل وربما اكثر من كل ھذا.
”في داخل ھذه العصبة تجربة ھائلة من الفعل الأمني، من ادارة منظومات كبیرة ومركبة، من الصھیونیة وطھارة المقاییس. الانقسام سیجعلنا منغلقي الحس، منفردین وعدیمي المعنى. اما الارتباط فیمكن لھ ان یخلق سلسلة ذات قدرة نوویة ھو وحده یمكنھ وحده أن یغیر قواعد اللعب التي تتجسد أمام ناظرینا.
”انتم تعرفون جیدا ما الذي تنبأت بھ لي الاستطلاعات. ولكني لم ادخل السیاسیة كي ارتب لنفسي وظیفة. لا ینقصني دخل ولا شرف أیضا. وھذا صحیح بالنسبة لنا جمیعا ھنا. اخترنا معا أن نضع جانبا الموضوع الشخصي وان نضع دولة إسرائیل في المركز. لیس ھاما لنا من یكون رقم واحد في القائمة او من رقم 5 .ومن أجل تعطیل كل موضوع شخصي وأنا وافقنا على ان نجري قرعة تتم ھنا فورا، بالبث الحي والمباشر، تقرر ترتیب القائمة الجدیدة. وتشھد ھذه القرعة اكثر من اي شيء آخر من أن المھمة ھي الاساس ولیس منفذیھا“.
وأجمل رئیس الوزراء الاسبق: ”اعرف انھ سیكون ھناك من یھزؤون ویلوون شفاھھم على الطبیعة العسكریة لھذه المجموعة. بل وربما یسموننا الجنرالات السابقین. ولكني اعرف أیضا بان احدا لن یعلمنا ما ھو الامن. رئیس الوزراء بنیامین نتنیاھو كان مرؤوسي. انا مقتنع بان أمن إسرائیل عزیز على قلبھ وھو یفعل افضل ما یستطیع كي یحمیھ. ولكن على الطریق نحن نفقد كل ما ھو عزیز لنا في ھذه الدولة. والنتیجة ستكون اننا في النھایة سنفقد الأمن أیضا. دولة إسرائیل لا یمكنھا أن تسمح لنفسھا برئیس وزراء مع لائحة اتھام، یأمر بھجوم في سوریة في الوقت الذي یصعد فیھ على منصة الشھود للتحقیق المضاد.
”كلنا ھنا نشأنا في مدرسة الجیش الإسرائیلي نفسھا، والتي تجندنا لھا جمیعا كمتساوین دون
صلة بارائنا ومعتقداتنا الشخصیة. بیننا أیضا خلافات، ولكن فوقھا زمالة جبلت بالدم، في سنوات القتال في سبیل قیمة أكبر من الانا الشخصیة أو من اراء الیمین والیسار“.
”ھذا ما نحن فاعلوه الآن: في عصر كل قیمة فیھ تھتز وكل مؤسسة فیھ تتھالك، نحن نتوجھ الیكم، انتم مواطني إسرائیل ونعرض علیكم العودة إلى نقطة البدایة، إلى وثیقة الاستقلال. ھي الاساس لوجودنا ھنا والبنیة التحتیة التي یمكن ان یقوم علیھا مجتمع حر، عادل، متساو، محب للسلام بل وأیضا جاھز للدفاع عن نفسھ. ادعو كل من تھمھ إسرائیل، أكثر من أي مكانة أو منصب، ان یرتبط بنا ویعید معنا دولة إسرائیل.