أسرة التحرير
يواصل وزير الدفاع، نفتالي بينيت، استغلال وزارة الدفاع واستخدامها وكأنها المقر الانتخابي لليمين الجديد. فبعد أن هدد «حماس» وإيران، أعلن عن الضم، وسعى لأن يجعل متسللين من غزة أوراق مساومة في صفقات أسرى، وغيرها هنا وهناك من الإعلانات اليمينية الشعبوية، تفرغ في منتهى السبت لحربه ضد نشطاء اليسار.
في خطوة غير مسبوقة، أمر بينيت الجيش الإسرائيلي بإصدار مراسيم إبعاد عن «المناطق» – دون إقرار من قاضٍ، أو توقيع من قائد المنطقة العسكري – ضد نشطاء يساريين، ينتمون لمنظمة «فوضويون ضد الجدر».
وهذه مجموعة إسرائيلية تبلورت في العام 2003 حول أعمال فلسطينية ضد بناء جدار الفصل، وفي السنوات الأخيرة بات عدد المشاركين في تظاهراتها طفيفاً. ويتعلق القرار بنحو 30 ناشطاً إسرائيلياً، بينهم النشيط المعتقل يونتان بولك (صحافي «هآرتس»). إن المراسيم الإدارية هي أداة منتشرة ضد الفلسطينيين. أما في أوساط الإسرائيليين، بالمقابل، فمراسيم الإبعاد الإدارية لم تصدر في الماضي إلا ضد نشطاء اليمين، المشبوهين بجرائم الكراهية ضد الفلسطينيين. والآن، كما أوضح بينيت، «ستوجه أيضاً ضد نشطاء فوضويين من اليسار». إن غمز الجمهور الانتخابي في المستوطنات فظ: فمعالجة معارضي الاحتلال وتوسيع المستوطنات تنتقل إلى وزارة الدفاع، وكأنهم «حماس».
يتبنى بينيت الخط الكاذب الذي يخلق تماثلاً بين «المتطرفين من الجانبين»، ويعد بالتشبيه بين الخطوات المتخذة ضد نشطاء اليمين وأعمال «تدفيع الثمن» وبين الأعمال التي تتخذ ضد الفوضويين اليساريين. وكأن العنف منتشر بالقدر ذاته في الطرفين، وكأنه يمكن استخلاص مواقف أخلاقية متشابهة بين جرائم الكراهية ضد الفلسطينيين وبين الكفاح ضد استمرار الاحتلال ومظالمه.
هذه ديماغوجية رخيصة تتنكر لانعدام المساواة البنيوية بين دولة سيادية، قوة عظمى نووية ذات جيش هو بين الأقوى في العالم، وبين شعب بلا دولة يخضع منذ أكثر من خمسين سنة لسيطرة إسرائيل العسكرية. بل أكثر من ذلك ليس لدى جهاز المخابرات أدلة على عنف بين متظاهري اليسار، فما بالك بعنف يستوجب وسائل مثل المراسيم الإدارية.
بعد الصرخة المثيرة للشفقة جداً على «فيسبوك» من إمكانية الارتباط بشخص كايتمار بن غبير، الذي يعلق ببيته صورة المخرب اليهودي، باروخ غولدشتاين، يسعى بينيت لأن يوازن الانطباع الذي يمكن أن ينشأ لدى الجمهور الانتخابي الاستيطاني. يريد بينيت أن يبقى الناس في البؤر الاستيطانية وفي المستوطنات هادئين، فها هو يتعهد بمعالجة اليساريين بقبضة من حديد «بهدف تفريق التظاهرات في غضون وقت قصير وتقليص المس بجنود الجيش الإسرائيلي».
إن محاولة عرض «فوضويون ضد الجدر» كتهديد أمني تلاعب رخيص من سياسي متهكم، يصر على إدخال الجيش الإسرائيلي إلى المعمعان السياسي وجعل مراسيم الألوية دعاية انتخابية.
«هآرتس»