الدستور - إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وجدت نفسها أمام خيارين لا ثالث لهما في سوريا، أولاهما الإنسحاب أمام تركيا والسماح لها بتصفية مشروع الأكراد السياسي، بمعنى التخلى عن مصالح حلفائها في إسرائيل ودول المنطقة أو المواجهة مع أنقرة سياسيا بفرض عقوبات اقتصادية عليها كايران أو التصدي عسكريا لها وما لذلك من تداعيات على حلف شمال الأطلسي (الناتو) وخاصة امن أوروبا وهذا يؤشر على أن حلم الأكراد في الانفصال ومن ثم الاستقلال يتلاشى وأن نهايته اقتربت .
الرئيس ترمب قلب معادلات جيواستراتيجية في الشرق الأوسط، بقبوله التعايش مع القوتين الاقليميتين إيران وتركيا مقدما مصالح أمريكا على مصالح حلفائه بالمنطقة وخاصة إسرائيل، وهو بذلك يجنب العالم حربا كونية مصغرة ثالثة بافتراض أنه اختار الطريق الآخر وأدخل بلاده في حروب جديدة ليست مضمونة النتائج سياسيا وامنيا .
تراجع ترمب في الشرق الأوسط سوف يفتح الطريق أمام تمدد النفوذ الروسي، والمواجهة ستكون بين تركيا وإيران في سوريا، والنهاية أن التظام السوري سيحقق مبتغاه في إعادة جميع أراضي الدولة لسيادته، وليس أمام الأكراد سوى التحالف معه أو بالحد الأدنى قبول العودة بلا احلام سياسية في إقامة كيان أو ما الى ذلك إليه، وستبقى المواجهة ما بين إيران وأمريكا في الخليج باطارها الاقتصادي والنهاية أن تقاسم النفوذ على حساب حلفائها هو الحل الأقرب للتفاهم على جميع الملفات العالقة وفي مقدمتها الملف النووي وأمن الملاحة في هرمز والخليج كله.
أحلام أكراد سوريا يتلاشى اليوم، وقصة الدعم المالي والتسليحي وما الى ذلك سوف يجبر تركيا على وقف عملياتها العسكرية هو محض خيال، فكما فقد أكراد العراق حلمهم بالاستقلال ، فإن أكراد إيران وتركيا سيبقون ضمن معادلات الشرق الأوسط القائمة اليوم دون النظر إلى أي اعتبارات أخرى، فقصة اجتثاث داعش ، وإقامة كيان كردي مقاوم للإرهاب ومعادٍ لايران وتركيا والعرب بات أحلام تغنى بها السياسيون الأكراد وحلفاؤهم بالمنطقة.
قوات سوريا الديمقراطية «قسد» تتراوح ما بين (14-20) الف مقاتل ولدى تركيا نحو (16)الف مقاتل من الجيش السوري الحر المتحالف معها وتفوقها العسكري لا يحتاج إلى تفكير أو عقد مقارنة، فالمعركة محسومة لصالحها، وكل المراهنيين على حرب عصابات واقتتال أهلي طويل الأمد، سوف لا ينتظرون طويلا لرؤية نتائج المعركة سريعا، ولجهة انتصار تركيا ومن ثم النزاع مع سوريا وإيران وروسيا لاجبارها على تحديد موعد للانسحاب لصالح الجيش السوري.
أكراد سوريا منذ البداية راهنوا على حلفاء غير قادرين على تحقيق مشاريعهم السياسية فكما جرى استعمالهم في حروب متنقلة وضد هذا وذاك، يتم الآن التخلص منهم كون اللعبة الدولية في نهاياتها، والدرس القاسي عليهم مماثل لما جرى لاكراد العراق، فخلافهم ليس مع العرب، ورغبتهم في الاستقلال أو الانفصال عن شعوب المنطقة انتهت اليوم، فكل الرهانات سقطت، وتبين أن تركيا وإيران لن تسمحا لهما برؤية أحلامهم تتحقق في الشرق الاوسط.