عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Dec-2019

موازنات ضخمة للأمن الفلسطيني.. ما الأسباب؟

 

 
رام الله - الجزيرة نت - يستحوذ قطاع الأمن على الجزء الأكبر من موازنة السلطة الفلسطينية مقارنة مع قطاعات أخرى خدمية وتنموية تحظى بنسب أقل من الموازنة العامة؛ مما دفع مراقبين للتساؤل عن أهمية هذا الإنفاق وجدواه ومدى الشفافية في تحديد الأولويات.
 
وشكّل الإنفاق على قطاع الأمن نحو 21% من موازنة السلطة الفلسطينية خلال 2018، إذ بلغت الموازنة الجارية لهذا القطاع 3.475 مليارات شيكل (نحو مليار دولار)، حسب ما نشره مؤخرا المنتدى المدني لتعزيز الحكم الرشيد في قطاع الأمن.
 
وخلافا لنص الدستور الفلسطيني الذي ينص على تقديم الموازنة العامة قبل بدء السنة المالية التالية بشهرين، لم تعرض الحكومة الفلسطينية الحالية موازنتها للعام القادم (2020) حتى اليوم.
 
66 ألف عسكري
وفي مؤتمره السنوي الثاني بعنوان "واقع النزاهة في قطاع الأمن الفلسطيني"، أكد المنتدى المدني أن رجحان كفة الإنفاق على القطاع الأمني يُضعف الإنفاق على قطاعات خدمية وتنموية أخرى، مثل التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية.
 
ويشير المستشار القانوني بمؤسسة الحق عصام عابدين إلى خلل بنيوي مزمن -قديما وحديثا- في موازنة السلطة، مبينا أنه لطالما أكدت ذلك تقارير لجنة الموازنة العامة بالمجلس التشريعي منذ عام 1997.
 
ورغم تأكيد الجهات الرسمية وجود نظام جديد متبع للترقيات معتمد منذ بداية 2019، وتفعيل معايير الترقية، لتقليل الضغط على الرتب العليا، أكد عابدين أن أهم أسباب الخلل في الموازنة هو استمرار التعيينات العشوائية التي رأى أنها لا تستند إلى أي أسس أو معايير مهنية، ولا القانون الأساسي، ولا دورة الموازنة التي تتطلب الإعداد والمناقشة والإقرار ثم التنفيذ.
 
وورد في تقرير المنتدى المدني (وهو منتدى يجمع مؤسسات مدنية عاملة بمجال مراقبة أداء أجهزة الأمن والتزامها بالقانون) أن 83.5% من الموازنة الجارية لقطاع الأمن تذهب للرواتب والأجور، مشيرا إلى انخفاض حجم موازنة الأمن المرصودة لعام 2018 قياسا بسنوات سابقة بسبب التقاعد المبكر.
 
فارق الرواتب
وحسب نتائج مقياس واقع النزاهة في قطاع الأمن الفلسطيني المنشور في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بلغ مجموع الرواتب الشهرية المخصصة للعاملين في قوى الأمن 242 مليون شيكل شهريا (نحو 69 مليون دولار)، 63% منها رواتب لفئات الضباط من ملازم حتى لواء.
 
وأظهر تقرير المنتدى أن عدد العاملين العسكريين في قوى الأمن الفلسطينية يبلغ نحو 66 ألف عسكري، بينهم مئتا لواء و410 عمداء و2592 عقيدا.
 
وسجلت النتائج فارقا كبيرا في الراتب بين الرتب، فمثلا راتب اللواء الواحد الشهري يعادل الراتب الشهري لستة جنود، والراتب الشهري للعميد يعادل رواتب خمسة جنود.
 
وقال عابدين إن المواطنين يموّلون من جيوبهم أكثر من 80% من حجم الإنفاق العام، ومن حقهم أن تعرض الموازنة عليهم وعلى مؤسساتهم المدنية بدل غياب الشفافية.
 
وحذر من "تفرد وتجاوز غير مسبوقين في السلطة لمبدأ سيادة القانون والفصل بين السلطات، وغياب المبادئ والقيم الدستورية والمساءلة".
 
وشدد على أهمية التوزيع العادل للموازنة بما يعزز صمود شعب تحت الاحتلال بوصفها أولوية، ويأخذ بعين الاعتبار قطاعات الصحة والتعليم والصناعات والتنمية.
 
بقية القطاعات
وبلغت موازنة وزارة الـصحة لعام 2018 نحو 1.78 مليار شيكل (أقل من ستمئة مليون دولار)، أي ما نسبته 10.8% من إجمالي الموازنة.
 
وبينما بلغت موازنة وزارة التربية والتعليم نحو 4.9 مليارات شيكل (1.4 مليار دولار)، أي نحو 22% من الموازنة، لم تتجاوز موازنة وزارة التنمية الاجتماعية بقليل حاجز ثمانمئة مليون شيكل (نحو 230 مليون دولار).
 
وأوضح أن المطلوب ليس فقط تعزيز هذه القطاعات بالموظفين، بل السعي لضمان تعليم نوعي وخدمات صحية بأعلى مستويات الصحة، مشددا على أن الخلاص لا يكون إلا بانتخابات تشريعية تمكّن المواطنين من اختيار ممثلين عنهم، واحترام نتائجها واستمراريتها.
 
لماذا التضخم؟
من جهته، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخليل الدكتور بلال الشوبكي أن تضخيم الميزانية مرتبط مباشرة بالبنية السياسية الفلسطينية الداخلية؛ "فهي بنية غير ديمقراطية وبحاجة لذراع أمنية تضمن استقرار النظام".
 
ويضيف الشوبكي أنه أسوة بدول العالم الثالث، تلقي السلطة بكل اهتمامها على المسار الأمني، وإذا كانت ثمة مسارات أخرى فهي مرتبطة بالمسار الأمني.
 
وتابع أن الأخطر في المسألة الفلسطينية هو التقصير في قطاعات أخرى؛ مما يضعف قدرة المجتمع الفلسطيني على الصمود أمام الاحتلال.
 
وشدد على أن الشعب الفلسطيني ينتظر موازنات تركز على قطاعات الصحة، ثم التربية والتعليم، والزراعة، والصناعات الخفيفة بوصفها قطاعات ضرورية في تقوية وتعزيز الصمود الفلسطيني، وتسهم في الانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال الذي تتحدث عنه الحكومة.
 
وأشار الشوبكي إلى أن الأجهزة الأمنية -ورغم موازناتها الضخمة- غير مكلفة بوظيفة الجيش وتوفير الحماية الخارجية أو توجيه السلاح ضد الاحتلال.
 
وانتقد الشوبكي تضخيم بعض الحوادث الجنائية كمبرر للإبقاء على موازنات ضخمة لهذه الأجهزة، معتبرا أن أي مصروفات من هذا القبيل "هدر للمال العام، وصرف له في غير ما هو واجب".
 
وعن الخشية من تكرار أحداث غزة عام 2007، قال أستاذ العلوم السياسية إن أي شخصية أمنية يمكنها أن تسوق هذا المبرر، وهذا مقبول لو كانت الموازنات معقولة ودون انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
 
المصدر : الجزيرة