عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    29-May-2019

حــان الــوقت لمـزيـــد مــن الشمـــول

 

افتتاحية- «كرستيان سيانس مونيتور»
لا ريب في ان الانتخابات الاخيرة التي جرت في الهند تعد الفعالية العامة الاكثر شمولا في تاريخ البشرية. اذ ان اكثر من 600 مليون شخص قد اجتمعوا على مدى ستة اسابيع في شهري نيسان وايار من اجل الادلاء باصواتهم في مراكز الاقتراع التي تفاوتت ارتفاعاتها ابتداء من سطح البحر وحتى 15 الف قدم في جبال الهيمالايا. وقد عومل الناس جميعا باحترام ومساواة حتى الطبقات الاشد فقرا وبعدا عن المدنية.
على الرغم من هذا الاستعراض الحافل للعملية الديمقراطية، شعر الفائز الكبير رئيس الوزراء نارندرا مودي بان من الواجب عليه ان يغرد هذه الرسالة في اعقاب الانتصار الكبير لحزبه الذي تم الاعلان عنه قبل ايام معدودات: «سوف نبني يدا بيد الهند القوية والحاضنة للجميع». 
 
منذ مجيئه الى السلطة في عام 2014، كافح السيد مودي من اجل اقناع الاقليات الدينية في الهند، لا سيما الاقلية المسلمة التي تشكل ما نسبته 14% من تعداد سكان الهند، بانه لا يسعى الى هيمنة سياسية وثقافية لصالح الاغلبية الهندوسية. وقد شهدت الهند تحت حكمه ارتفاعا في معدلات جرائم الكراهية التي ارتكبتها جماعات هندوسية يمينية التوجه. وقد منع احد وزراء الدولة من مزاولة الدعاية الانتخابية لمدة ثلاثة ايام على خلفية ادلائه بتصريحات معادية للمسلمين. وفي سبيل ان يثبت لابناء شعبه بانه يعمل من اجل الجميع، ظل السيد مودي يردد هذا الشعار طيلة الحملة الانتخابية: «جميعنا سويا، نصنع النهضة للجميع».
جعل السيد مودي، ابن بائع الشاي، هذه الانتخابات تدور حوله الى حد كبير. ربما يبدو هذا الامر سيئا بالنسبة لدولة ديمقراطية. غير ان شعبيته تلعب دورا هاما في النأي برئيس الوزراء عن حزبه الحاكم بهاراتيا جاناتا، الذي تكمن جذوره في الفكرة القائلة بان الهندوس امة واحدة وانهم معرضون للخطر من جانب المسلمين وغيرهم. وقد اظهر احد استطلاعات الراي ان ثلث المصوتين لصالح حزب بهاراتيا جاناتا كانوا سيدعمون حزبا اخر لو ان السيد مودي لم يرشح نفسه. 
لقد ربح السيد مودي في المنافسة على الرغم من تراجع في حركة الاقتصاد وازدياد الضغوط الملقاة على كاهل المزارعين. وبدلا من استغلال حالة التعصب الديني الاعمى، توجب عليه ان يطرح عددا كبيرا من برامج الرعاية الاجتماعية للناس الفقراء. كما انه وظف هجوما شنه ارهابيون باكستانيون في شهر شباط الماضي من اجل الدعوة الى قومية واسعة النطاق. 
ومنذ قدومه الى السلطة، تضاعف عدد الاشخاص الذين اتيحت لهم فرصة الوصول الى الانترنت ليصل الى 500 مليون مواطن. واملا في تحويل الهند الى قوة عظمى على مستوى العالم، لا يسع السيد مودي ان يسمح بحصول تفاقم في حالات الكراهية الدينية التي ستؤدي الى تشويه صورة الدولة. 
تمتاز الهند بتاريخ مشرف على صعيد الحوكمة المدنية والتعايش الديني منذ ان حصلت على استقلالها في عام 1947، وذلك على الرغم من اعمال العنف الشديد التي نشأت عن اسباب طائفية خلال تقسيم الهند البريطانية. ان الشمول يعد في الوقت الراهن جزءا من هوية هذه البلاد. اذ ان اعداد المقترعين تشهد بذلك. ويتعين على السيد مودي وحزبه بهارتيا جاناتا، على الرغم من تحقيقهم للنصر، ان يرعوا هذا الارث الجميل من التعايش والانسجام.