عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    18-Feb-2020

بين المثول داخليا أو المحاكمة في لاهاي.. أي مصير ينتظر البشير؟

 

 
الخرطوم - أحمد فضل- حُصرت قضية الرئيس السوداني المعزول عمر البشير مع المحكمة الجنائية الدولية في مصطلحي "التسليم" و"المثول"، وكأن الحكومة الانتقالية تبحث عن معادلة بين لاهاي وسجن كوبر بالخرطوم لإنصاف ضحايا الحرب بدارفور.
 
وما إن أعلن المتحدث باسم وفد الحكومة المفاوض محمد حسن التعايشي في جوبا الأسبوع الماضي موافقة الحكومة على مثول البشير أمام المحكمة الجنائية الدولية، حتى برز السؤال الكبير: هل سيرحل البشير مخفورا إلى زنازين المحكمة في لاهاي؟
 
وحتى مدير منظمة "هيومن رايتس ووتش" كينيث روث عندما التقى رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان أخيرا تساءل في تصريح لرويترز "هل تأكيد البرهان التعاون مع المحكمة يعني تسليم البشير (والمطلوبين الآخرين) إلى لاهاي؟ أم يعني التعاون مع المحكمة بشأن إجراء محاكمات محلية قوية وعادلة؟".
 
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمرين باعتقال البشير عامي 2009 و2010 بتهم تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية. وتطلب المحكمة مثول أحمد هارون وعبد الرحيم محمد حسين المسؤوليْن السابقين في حكومة البشير، فضلا عن علي كوشيب قائد إحدى المليشيات العربية.
 
جدل المصطلحات
وتبدو الإجابة حاضرة عند المحامي محمد الحسن الأمين عضو هيئة الدفاع عن البشير، فهو يقول إن البرهان يحاول "التوليف" بين تصريح سابق له بعدم تسليم البشير وبين الموقف المتخذ بناءً على التفاوض مع الحركات المسلحة.
 
ويوضح الأمين للجزيرة نت أن البرهان بعد تصريحات التعايشي في جوبا أراد أن يقول إن "المثول" لا يعني "التسليم"، وقال إن من المحتمل أن يأتي قضاة المحكمة الجنائية الدولية للخرطوم ويمثل البشير أمامهم، "وهذه مشكلة لأن وجود قاض أجنبي يعد طعنا في السيادة".
 
والملاحظ أن القوات المسلحة التي كان البشير قائدا أعلى لها حتى 11 أبريل/نيسان 2019، تبنت مصطلح "المثول" الذي أطلقه البرهان.
 
وقال المتحدث باسم الجيش العميد عامر محمد الحسن خلال ورشة بالخرطوم السبت الماضي إن قضية البشير والمحكمة الدولية أمر حكومي يندرج في الإطار السياسي، قبل أن يضيف "ليس تسليما بل مثولا أمام المحكمة".
 
حرج سياسي
ويمضي مسؤول السياسات بمنظمة كفاية الأميركية سليمان بلدو في ذات معادلة تفادي الحرج السياسي الذي يمكن أن يسببه تسليم البشير، بقوله إن "المثول" لا يعني بالضرورة ترحيل المتهمين من سجن كوبر إلى مقر المحكمة بلاهاي.
 
ووصف بلدو موافقة الحكومة الانتقالية على مثول المطلوبين أمام المحكمة الجنائية بأنه "خطوة متقدمة"، مشيرا إلى أن المحاكمات يمكن انعقادها داخليا وفقا لميثاق روما المؤسس للمحكمة الدولية، خاصة أن القضاء السوداني في طريق التعافي وتحقيق العدالة في كل الجرائم.
 
وطبقا لميثاق المحكمة الجنائية الدولية، فإنها لا تتدخل إلا إذا كانت الدول غير مستعدة أو غير قادرة على محاكمة المتهمين بنفسها.
 
عواقب وخيمة
ويحذر محمد الحسن الأمين بأن "تسليم البشير أو مثوله أمام المحكمة الدولية، حتى في الداخل، ستكون له عواقب وخيمة لأنه موضوع فيصلي لن يقبلوا به".
 
ولفت عضو هيئة الدفاع عن البشير إلى أن وقوف البشير أو أي من المطلوبين وحتى الحديث عن ولاة ولايات دارفور أمام هذه المحكمة "المسيسة" هو تلبية لدوافع انتقامية للحركات المسلحة، لكنه يفتح بابا لن يغلق، بحسب وصفه.
 
ويضيف أن هناك قيادات في الجيش وقوات الدعم السريع والشرطة وهيئة العمليات التابعة لجهاز الأمن حاربت في دارفور تحت إمرة البشير، ويمكن أن تطالها المحاكمات.
 
ويقول الأمين "حال ترحيل أو مثول البشير في الداخل أمام قضاة المحكمة الجنائية الدولية سيحصل ما يحصل وسنحتاج لمزيد من الحوار لاستتباب الأمن. البشير ليس شخصا واحدا بل هو توجه. النظرة السطحية ستدخل البلد في مسألة وخيمة".
 
محكمة مختلطة
لكن الصورة تبدو مختلفة وسط الحركات المسلحة بدارفور والتي تتحدث باسم ضحايا الصراع الذي انطلقت شرارته عام 2003.
 
وبحسب القيادي في حركة العدل والمساواة عوض إبراهيم داود فإن مثول البشير أمام المحكمة الدولية سيكون بمثابة تضميد لجراح ضحايا الحروب.
 
واعتبر داود في تصريحات للجزيرة نت أن تعهدات الحكومة الخاصة بمثول البشير أمام المحكمة الدولية بمثابة أول امتحان حقيقي وتحد لحكومة الفترة الانتقالية بالمحافظة على القرار وتنفيذه.
 
وقال "إننا نشكك في القضاء السوداني بشكل مطلق، وهناك أحوال تحول دون تحقيق العدالة بالداخل على رأسها حماية الشهود.. نريد مثول المطلوبين أمام المحكمة في لاهاي. هذه الإحالة هي الأصح حتى لا يتقاعس أي طرف".
 
وإذا زار فريق من المحكمة الدولية الخرطوم بحسب تقارير صحفية، فإنه ينتظر أن يبحث مع السلطات السودانية خيارين لا ثالث لهما: ترتيب عملية تسليم وترحيل المطلوبين إلى لاهاي، أو محاكمتهم داخليا، ربما بمشاركة قضاة أجانب.
 
المصدر : الجزيرة