عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Oct-2020

نمسك بطائر أمل الحكومة* رمزي الغزوي

الدستور - 

 
بهت البريق الذي كان يرافق مغادرة حكومة وتشكل أخرى. ولم تعد اللهفة لمعرفة المختلف في بنية وتركيبة الحكومة الجديدة مثيرة، لأن كثرة تعاقب الوزراء شكل في الشارع الأردني شعورا يشبه اللامبالاة يجعله يرى الأمر سواء بسواء.
في العادة ينشغل بعض الناس بتقليب وغربلة الوزراء الجدد، والبحث عن مسوغات توزير فلان دون علان. وهذا ما يجعلني أسأل بشوق: إلى متى ستبقى معادلة تشكيل الحكومات غير مفهومة؟ ومتى سنصل إلى مرحلة إبراز مسوغات توزير كل وزير بشفافية؟.
في ظل جائحة كورونا وما يرافقها من انكماش في النمو الاقتصادي لم نشهده من ثلاثين عاما، يبدو أن خيارنا الأوحد أن نستبشر خيراً لا غير. ففي الأسطورة اليونانية قدمت الأسياد هدية رائعة للإنسان، هي امرأة بهية اسمها (باندورا)، أي هدية الجميع، لأن الكل اشترك في تجميلها، وأعطوها هدايا كثيرة وبضمنها صندوق ذهبي شريطة ألا تفتحه. وكانت آخر هدية قُدمت لها هي: الرغبة بمعرفة المستقبل.
عاشت (باندورا) وظل يؤرقها أنها كشفت الهدايا، إلا الصندوق الذي دفنته لتدفن فضولها معه. ولكنها في ليلة حفرت حتى بان الصندوق، وأخذت مفتاحاً ذهبياً من ثوبها، وأدخلته في القفل، ورفعت الغطاء. كان هناك أزيز ونبضات سريعة، وضجيج لحمي داخل الصندوق، وعندما فتحته أزّت وطارت مخلوقات شبيهة بالسحالي المحرشفة ذات العيون الحمراء الملتهبة.
حامت الطيور المخيفة حول رأسها وخبطت بأجنحتها، وصرخت في حين باندورا شبه مغمى عليها، راكعة وقد تشبثت بغطاء الصندوق بما تبقى لها من قوة وأقفلته لتمسك آخر وحش، كان يحاول أن ينطلق. طرحته في الداخل، وأطبقت الصندوق ودفنته مجدداً.
المخلوقات القبيحة التي انطلقت حسب ما تقول الاسطورة هي الأمراض التي تحيط بالإنسان: الفساد، المحسبوية، التخبط، الحروب، والجنون، والتزييف. والأمور كانت ستجري أسوأ لو أن المخلوق الذي أطبقت عليه قد انطلق، لأنه نذير شؤم، وهو الضربة القاضية للإنسان. فلو أنه تحرر لكان كل فرد يعرف حظه وما سيحدث له، وعندها لن يكون الأمل ممكناً أو متاحاً. الإنسان يقدر على كل مشقة وفساد وخراب، ويحتمل الأمراض والديون والأسقام والانقسامات والاضطرابات، إلا أنه لا يحيا بلا أمل.
بعيداً أو قريباً من أسطورة بندورا والأوجاع التي تحوم حولنا؛ فإننا نتمسك بطائر أمل الحكومة الجديدة ونعول عليه. لا خيار.