عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    24-Sep-2020

انتخبوا كــورونــا*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور

هل حقا تطور تفكير المستعرضين بالصوت والوعي الزائف، ونسوا التنظير في «المابعديات والماورائيات» ، فبات الخبر يقينا بأن ما بعد «كورونا» مختلف عما قبلها؟! أعتقد أن بيننا من يعجبه الظرف الاستثنائي الناجم عن كورونا، ويريده أن يستمر أطول فترة ممكنة، ولو قدر له التصويت على احتمال بقائها أو اختفائها، لصوّت لصالح بقائها 4 سنوات ليليات لا شمسيات..!
 
دعونا نواجه الحقائق، فهي أيضا أردنية:
 
لو تبخر اليوم خطر الكورونا، فما الذي ستفعله الحكومة في اليوم التالي؟ وما الذي ستفعله القوى الأخرى أعني المنفلتة أو المنظمة؟ ..
 
ستهبّ أعاصير النضالات الصاعقة، وفي الساحة بيدر من أزمات، منها ما هو سياسي، واقتصادي واجتماعي وخدمي..الخ، وهناك سوق له مساحة معروفة على خشبة المسرح، وهو سوق الخصومات والمناكفات، مساحة تتسع يوما بعد يوم كما نعلم، إلى الدرجة التي نعتقد معها بأن لا عمل ولا مسؤول سيبقى على حاله ومكانه بعد 24 ساعة، بسبب الازدهار المتنامي للمناكفات والخصومات وبسبب طغيان حجم الاستثمار في بورصة الأسماء، وهذه يوميات أردنية قبل الجائحة والعمل بقانون الدفاع، واليوم تناسلت عواملها وأسبابها خلال الظرف الاستثنائي، حيث ستجدون اعتصاما مفتوحا على الرابع وآخر على الخامس والثامن وعلى كل ال «دواوير»، وكل اعتصام له مطالبه التي قد تكون متناقضة مع الاعتصام الآخر، ويبرز مفهوم آخر لسوق السياسة اليومية الحرّة، التي تحررت من الوطنية وخطابها.
 
الوضع الاقتصادي قبل الجائحة كان صعبا، ومع الجائحة ازداد صعوبة في الأردن وفي كل الدنيا كما نعلم، وهناك دول فقيرة تقوم الآن حرفيا بـ»حلب» مواطنيها، ولا تفسير لهذه الحملات في تلك الدول سوى قلة المال فيها، وهذا مثال يعبر عما آلت إليه الأزمات المالية والاقتصادية في العالم، حتى التي تمتاز بمقدرات كبيرة جدا مقارنة مع الأردن، وعلى الرغم من صمودنا الكبير في الأردن والتزامنا بالقيم السياسية، فإن الحقيقة هي ارتفاع مديونيتنا وانحسار ايرادات الدولة، واستنزاف المال المتوفر لمواجهة الجائحة وتداعياتها الشاملة، ولا يمكن لعاقل القول بأننا سنمضي بالحياة بشكل طبيعي أو يشبه ما كنا عليه قبل الجائحة.
 
حتى على الصعيد السياسي الخارجي، نعلم أن تغييرات مؤسفة حدثت في المنطقة أثناء الجائحة، وما زالت مستمرة، على نحو يؤثر بشكل مباشر على الأردن وقضاياه ودوره ومستقبله، ويقلل فرصه بعلاقات دولية محايدة من القضايا الإقليمية، ولولا ظرف الجائحة القسري لانشغل الرأي العام والدولة بهذه التغييرات، لأنها بالنسبة للأردن وجودية، ولا تقبل تفاوضا ولا مناورات، وهذا يقودنا الى الاستنتاج أيضا، بأن المجتمع الدولي والجهات المانحة والداعمة ستتأثر علاقاتها، بشكل ينعكس على التزاماتها بدفع المال والمنح والقروض، التي كانت تعهدت بدفعها على خلفية قضايا دولية أو مشاريع واتفاقيات .. وهذا سيؤثر بالتأكيد على الأردن، حيث هناك نسبة كبيرة من الموازنة العامة تعتمد على القروض والمنح والمساعدات التي تمكن الأردن من مواجهة تداعيات القضايا الإقليمية وأزماتها.
 
حتى على صعيد الإصلاح السياسي واستحقاقاته، فهناك إجراءات كثيرة وقرارات رسمية، صدرت في ظرف الجائحة، وهي قد تتطلب «نضالات» سياسية جديدة للتخلص منها، وسوف يتطلب الأمر ثورات بيضاء تقوم بها الدولة نفسها ومؤسساتها لإنقاذ وتعويض الخسائر في التعليم مثلا ..وفي غيره من القطاعات التي تأثرت بشدة من كورونا..
 
وحتى لا نطيل السرد في المابعديات، نتمنى أن لا تتبخر «التحديات» بطريقة مفاجئة، لأننا لن نقوى على مواجهة الواقع الصعب دفعة واحدة..
 
إن حدث وفعلتها كورونا فغادرتنا بسرعة، فإنني شخصيا أحتاج إشعال معاركي الشخصية حتى لو كان العدو طواحين هواء.