عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Feb-2025

الأسئلة التي تبحث عن أجوبتها*مالك العثامنة

 الغد

مثل غيري وكثيرون مثلي محتارون في تلك الشخصية المفاجئة التي ظهرت فجأة بكل تحولاتها فعرفناها شخصية متطرفة قريبة من داعش باسم أبو محمد الجولاني، وانتهت إلى أن تكون رئيس الجمهورية العربية السورية باسم أحمد الشرع.
 
التحولات نفسها متطرفة، ولكن الرجل استطاع أن يكون هو قائد ثورة إسقاط واحد من أبشع الأنظمة السياسية إجراما في العصر الراهن.
 
الحيرة عندي وعند من يهتم بالتقصي والبحث – وهم كثر- تجعل المرء يخوض في نظريات عديدة ومتنوعة تحاول تفسير الظاهرة في تلك الشخصية التي تملأ الدنيا وتشغل الناس، بدءا من أبسط النظريات أن الجولاني خضع لتدريب وتأهيل شامل كامل لمدة عامين تم فيها تحويله إلى المنتج النهائي الذي نراه ونسمعه ونشاهده باسم "أحمد الشرع"، وتنتهي بنظرية أكثر تعقيدا على كل ما فيها من منطق تقول إن أحمد الشرع كان دوما أحمد الشرع لكن تم زراعته وغرسه بذكاء وصبر شديد في التنظيمات والفصائل المتطرفة لأعوام طويلة كان فيها يتقمص شخصية الجولاني، لكن وقائع كثيرة في تاريخ سيرة الجولاني تضعف تلك النظرية ولا تدحضها بالكامل.
 
 
في المحصلة، وبالأمر الواقع فالرجل وبكاريزما هادئة ومنضبطة وواثقة استطاع أن يحسم الثورة الدموية الطويلة على نظام الأسد وطبعا بروافع إقليمية ودولية عملت تحت الأرض طويلا وهي التي تملك الأجوبة، وفي المحصلة النهائية أيضا فأحمد الشرع اليوم هو رئيس الجمهورية العربية السورية بكل ما في ذلك من صلاحيات وتفاصيل.
يتحدث الشرع في كل خطاباته ولقاءاته بهدوء عن مشروع "الدولة السورية" وفي خطابه محاور عن أن الدولة للجميع وفي خطابه أيضا رفض للإقصاء الطائفي او الجهوي وهو يوجه رسائل مباشرة وغير مباشرة للإقليم والعالم توحي بانفتاح على الجميع ووضع السلاح ونبذ العنف وتصفير الأزمات، وبلغة سياسية وببرقيات ذكية يتموضع الرجل ومعه سورية بتموضعات إقليمية مختلفة تماما عن كل ما رسخه النظام الساقط والسابق.
كثيرون منذ البداية تلقفوا رسائل الرجل بحذر شديد، فمسيرته وسيرته قلقة ومقلقة، لكن الخطابات والرسائل والتوجهات السياسية تتراكم يوما بعد يوم لترسخ قناعة أنه أحمد الشرع، وليس أبو محمد الجولاني.
لم يعلن حربا على إيران، لكنه أعلن عن تصفير حضورها في سورية وهي التي كانت تملأ أرضه وسماءه بحرسها الثوري ومليشياتها المسلحة، وتفاهم مع أنقرة "التي كانت أحد روافعه" واتجه في أولى مقابلاته إلى الرياض مبديا إعجابه بها ثم توج أولى زياراته كرئيس إليها "وقد مر فوق عمان مرورا" ثم عاد منها إلى أنقرة "وكذلك مر فوق عمان مرورا".
تلك العقلانية هي التي نقف معها ونريدها، ما دام الرئيس السوري أحمد الشرع يحملها حتى النهاية، والمفترق معه عودة ذلك الجولاني الذي نفترض موته نهائيا.
 
 
الأسئلة الحقيقية والصحيحة ليست موجهة إلى دمشق اليوم، بل هي موجهة إلينا في الأردن: هل قمنا بحساباتنا جيدا؟ وإذا كانت حساباتنا قد أخفقت فهل قمنا بمراجعتها سريعا لتصويب الأوضاع في إقليم متغير بتسارع؟
علينا أن نكون صريحين مع أنفسنا حتى لا نتورط أكثر في الهوامش.