أردنيون يشاركون لبنان آلامها.. وصفحاتهم مغلفة بالحب لأهالي بيروت
تغريد السعايدة
عمان-الغد- عاصفة إلكترونية “عاطفية” مشحونة بالحب والوفاء هزت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، تعاضداً وتأثراً لما حدث للشعب اللبناني جراء حادثة انفجار مرفأ بيروت، فسرعان ما امتلأت الحسابات الإلكترونية بعبارات التعاطف والتضرع لله بأن يحفظ لبنان وشعبها، وتأكيداً على الوقوف إلى جانب الأشقاء في تضميد جراحهم.
مئات الآلاف من الأردنيين استبدلوا صورهم الشخصية عبر حساباتهم بصور تمثل محبة لبنان، فمنهم من تعمد تشبيك علم البلاد بعلم لبنان، دلالة على الأخوة بين البلدين، وآخرون زينوا صفحاتهم بمشاهد لأرزة لبنان، وثبوت جذورها في الأرض، والبعض وضع صوراً لفيروز تبكي حباً وحزناً على بيروت، حيث تمثل الفنانة القديرة رمزاً لفن لبنان العريق.
أدعية وابتهالات حتى ساعات الصباح، منذ مساء يوم الثلاثاء، يوم واقعة الانفجار، وضعها الأردنيون في حسابتهم، راجين الله أن يخفف من وقع تلك “المصيبة” التي حلت على البلاد في ليلةٍ وضحاها؛ حيث أمسى اللبنانيون يتقاطرون في الشوارع تبدو عليهم آثار الصدمة والخوف والرعب مما حل ببلادهم، ليكون لتلك الصور والمقاطع المتبادلة والمنشورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وقع على مشاعر العالم أجمع.
إسراء فوزي، نشرت على “فيسبوك” و”واتساب” مقطعاً مدبلجاً بمشاهد من حادثة الانفجار مع ابتهال ودعاء بأن يخفف الألم على الشعب اللبناني، والذي يُظهر مدى تأثر إسراء بما رأته عبر شاشات التلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي التي بثت الحدث أولاً بأول.
إسراء تبادلت هذا المقطع مع معظم أصدقائها، تدعوهم فيه إلى الدعاء للبنان وشعبه الكبير الذي توالت عليه الأحداث والفواجع، مع وجود عدد كبير من الشهداء جراء الحدث، فيما استنفدت مستشفيات بيروت طاقتها من الحالات التي وصلت إليها من الجرحى.
“لا نملك إلا الدعاء لأشقائنا في لبنان اللهم احفظهم وخفف عنهم مصابهم”، تقول حنين عبر حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي، ويبدو عليها من خلال ما تكتبه من عبارات حزن على ما شاهدته عيناها من صور مقاطع “تدمي القلب”، لما حل في لبنان؛ ذلك البلد الوديع الجميل ببحره وجباله وشعبه الذي يعيش على الأمل.
الأردن على المستوى الرسمي والأهلي والمجتمعي، قدم الكثير من صور التضامن مع الشعب اللبناني، كان أبرزها، إرسال مستشفى ميداني متكامل إلى بيروت، بأمر من جلالة الملك عبد الله حفظه الله، فيما تم تنكيس العلم الأردني على السارية، تعبيراً عن مدى الحزن الذي خيم على سماء الأردن، لما حلّ في بيروت.
الشاب الناشط راكان الفاخوري، كتب في حسابه الشخصي “الله يحمي لبنان المنكوب الشقيق.. وأزال عنهم هذه الغمة، الله يرحم الشهداء ويشفي الجرحى ويكون بعونهم، والله بكتنا بيروت”، فيما يعبر عن فخره بوقوف الأردن بجانب الشقيقة لبنان من خلال إرسال الفريق الطبي، متوجاً حسابه بتلاحم العلمين الأردني واللبناني.
ابتسام المناصير عبرت عن حزنها الشديد وتعاطفها مع الشعب اللبناني عبر حسابها، كتبت “من الأردن الى لبنان سلاماً يا أرض الأرز برداً وسلاماً على بيروت.. رحمتك ولطفك يا رب الله يكون معهم سكان بيروت اليوم بلا مأوى وبلا ذنب غير أنهم رضوا بواقعهم وتأملوا خيرا وكانوا ينتظرون تحسن أوضاعهم الله أكبر من كل هم ومن كل كرب ومن كل سوء”.
وحتى هذه اللحظة، ما يزال الأردنيون يتناقلون مقاطع فيديو وصورا، تمثل آثار أحداث بيروت الدامية، وتوثق اللحظات العصيبة على الشعب اللبناني، الذي استيقظ في اليوم التالي على مشاهد خيالية من الدمار والحزن والدم، لتترافق تلك المقاطع بكلمات المواساة من الأردنيين، الذين عبروا عن عجزهم عن التعبير عن مدى الأسى الذي يشعرون به جراء ما حدث.
فيما آخرون بثوا مقاطع تمثل أحد مظاهر التفاعل والتعاطف في الأردن، كما في إضاءة البترا بالعلم اللبناني، وجسر عبدون بألوان العلم كذلك، التي قام بنشرها الشاب سعيد عايد، وكتب يقول “إنارة جسر عبدون بألوان العلم اللبناني رسالة تضامن مع مدينة بيروت تعبيراً عن وقوف الأردن الى جانب الأشقاء في لبنان بهذا المصاب الأليم”.
آلاف العبارات المسيجة بالحب والدعاء، ما هي إلا صورة لمدى تعامل الشعب الأردني بإنسانية ومحبة في القضايا الوطنية والعروبية، التي تمثل أخلاق وصفات الشهامة في المجتمع الأردني، الذي يرى أخصائي علم الاجتماع الدكتور محمد جريبيع أن الدولة اللبنانية من أكثر الدول التي تُشكل حالة وجدانية وثقافية واجتماعية لدى الشعوب كافة، ومن بينها الأردن، فهي عاصمة للثقافة والمجد وملجأ للمثقفين، وغالبية الإصدارت المميزة تصدر من لبنان، ما شكل حالة إيجابية ومشرقة يحملها الشعب الأردني عن بيروت مدينة الجمال والفرح والسهر ونشر الفرح. ويضيف جريبيع “إلا أن أجيالا متتابعة من الأردنيين تشكلت لديهم صورة إيجابية وذاكرة حية من الذكريات التي قد يكونوا عاشوها في لبنان، رغم مرور الكثير من المآسي وعدم الاستقرار سياسيا وأمنيا واقتصاديا، وهذا خلق كذلك اتجاها إجباريا من التعاطف الدائم مع الشعب اللبناني، ويحرص فيها الأردنيون في كل مرة على أن يكونوا متلاحمين مع لبنان وإيجابيين في الحديث عنهم في كل مأساة يتعرض لها”.
هذا التعاطف والحالة التلاحمية بين الشعبين، وفق جريبيع، “تفجرا” عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال ما شاهدناه خلال الأيام الماضية من تعابير وجدانية، ويفسر ما حملت الكثير من مشاعر المحبة والمواساة، وهذا يؤكد أن لبنان كدولة وشعب وأفراد تشكل حالة وجدانية مع المجتمع الأردني، الذي يرى الى لبنان كدولة نموذجية في الاختلافات السياسية وبلد يستقبل حتى الباحثين عن النضال والمقاومة.