عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    04-Sep-2025

العبقرية المرفوضة*أ.د. محمد الرصاعي

 الراي 

مع بداية العام الدراسي الجديد في المدارس والجامعات، لا بد من الإشارة والتنويه إلى هدف أساسي من أهداف التعليم، وهو الكشف عن الموهوبين ورعايتهم، وضرورة تكليف وحدات وأقسام محددة للقيام بهذه المهمة، إلى جانب وضع الخطط اللازمة للمضي قدماً نحو تحقيق هذا الهدف. وتكمن الغاية العظمى وراء ذلك في إنتاج طاقات بشرية مبدعة وفريدة، حيث لم تعد القدرة التنافسية الحضارية والفكرية للدولة تعتمد على إعداد أفراد يحملون المعرفة والمهارات التقليدية غير المنتجة.وعلى مستوى الأفراد وفي مقابل تنامي الزخم الكبير لخريجي الجامعات ومؤسسات التعليم تتراجع الفرص المتاحة لتوظيفهم، حيث تسعى الشركات وأرباب العمل لإستقطاب الموهوبين وذوي القدرات الفريدة لشغل وظائف نوعية.
 
يكاد يغيب عن أذهان الإدارات التعليمية، وواضعي المناهج الدراسية، وحتى الأباء أحياناً إضطلاعهم بهذه المهمة العظيمة، بل إنَّ الأمر يذهب إلى أبعد من ذلك فالسياسات التدريسية في الغرف الصفية، ومواقف التعلم في الكثير من الأحيان تكون سبباً في فشل ألمع الطلاب وأكثرهم ذكاءا، الشيء الذي يجعل آلاف الطلاب الموهوبين والمبدعين لا يظهرون إمكاناتهم، وفي ذات الوقت لا تتوفر فرص مواتية لمن لديهم طاقات وإمكانات كامنة أن يكتشفوها، وأن يتم العمل على تنميتها وتوجيهها.
 
في كتابهما المعروف بـ " العبقرية المرفوضة" يصف جان وبوب ديفيدسون " الأزمة الهادئة" في التعليم تهف بما يلي: يقضي الطلاب الموهوبون أيامهم في الفصول الدراسية لا يتعلمون سوى القليل عن كيفية التعامل مع الملل بينما "يعيدون تعلم" المواد التي أتقنوها قبل سنوات،ويؤدي هذا النقص في التحدي إلى الإحباط، وضعف التحصيل، وحتى الفشل،ويصاب بعض الطلاب الموهوبين باكتئاب حاد.
 
ورغم وجود إجماع عالمي بين المختصين بالتعليم ورعاية الموهبة على أن المدارس والجامعات برتابتها المعتادة وأنظمتها الجامدة هي في الغالب من يحاصر الموهوبين، ولا يتيح فرصا واضحة ومخطط لها لتنمية القدرات العبقرية ورعايتها، لا زال التدريس لغايات التحصيل المعرفي يحتل المساحة الأوسع في دائرة أهداف التعليم، ولا تخصص دوائر القرار في مؤسسات التعليم برامج تدريبية وأنشطة من شأنها بناء قدرات المدرسين على الكشف عن الطلبة الموهوبين وتعزيز مواهبهم وإبداعاتهم، وقبل ذلك إعادة بناء فلسفتهم إزاء أدوارهم الوظيفية، لكي يصبح المدرس يؤمن بأنه المعني بالدرجة الأولى بهذه المهمة النبيلة.
 
نأمل أن تبادر وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي هنا في الأردن بإعادة التفكير في البرامج الموجهة للموهوبين، وكذلك خطط وأستراتيجيات تصميم المناهج الدراسية، ومشاريع تدريب المدرسين بحيث تصبح رعاية الموهوبين والمبدعين وتعزيز قدراتهم في سلم أولويات نظامنا التعليمي، حيث لم يعد ذلك ترفاً في وقت تحتدم فيه التنافسية، وتتسارع فيه المتغيرات، وتتبدل سريعاً متطلبات مواكبة المستجدات، وبالذات التطور والتغير في مفهوم الموارد البشرية.