عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    07-Oct-2019

عیون الدولة - لیفي جدعون
ھآرتس
ھكذا كان على اسرائیل أن تتصرف: سیارةعسكریة كان یجب أن تنتظر في الأسبوع الماضي لخضر سعیدي على الجانب الاسرائیلي من حاجز ایرز، من أجل أخذه للمستشفى وفحص إمكانیة إنقاذ عینھ المتبقیة، تلك التي لم تفقأ. بعد ذلك اسرائیل كان یجب علیھا الاھتمام بإعادة تأھیلھ، وأن توفر لھ كلباً لیرافقھ ویوجھھ، وأن تشتري لھ قارب صید جدید بدلاً من ذلك الذي أخذتھ منھ وأعادتھ إلیھ كومة من الأخشاب وبالطبع تعویضھ كما یجب على عماه وخراب بیتھ.
الجنود الذین فعلوا بھ ذلك كان یجب أن یقدموا للمحاكمة وأن یعاقبوا بشدة. في كل دورة في سلاح الحریة كان یجب عرض قصتھ في كل مرة وإحضاره كمحاضر أجنبي، وكشھادة حیة من قلب الجحیم. لكي یعرف الجنود الذین یلبسون الزي الأبیض ما الذي یفعلونھ بالصیادین العاجزین، الذین لا یعرضون حیاة احد للخطر ولم یفعلوا شیئاً سیئاً، باسم عبادة الأمن لكي یعرفوا ماذا یحدث عندما یطلقون النار بصورة عنیفة على الصیادین.
وھكذا تصرفت اسرائیل: طوال شھرین وقف سعیدي الأعمى على أعتابھا محاولاً الوصول إلى الفحوصات التي استدعي للقیام بھا في مستشفى برزیلاي، والذي أجریت لھ فیھ عملیة بعد أن أطلق الجنود النار علیھ. وحدة تنسیق شؤون الحكومة في المناطق، جھاز الاحتلال، رفضت طوال شھرین الموافقة على دخولھ وضاعت منھ فرصة الفحص في المستشفى. یائساً سافر لمصر وھناك قالوا لھ إنھ لا یوجد ما یعرضونھ علیھ، وربما في اسرائیل یمكنھم إنقاذ بصره.
فقط التجند المدھش لنائب مدیر مستشفى شعري تسیدك، البروفیسور دان ترنب، ومستوطن من كفار أدومیم، رابطة أطباء من أجل حقوق الانسان وبتسیلم نجحت، بعد جھد حثیث ورفص كبیر، في إحضار سعیدي للفحص في اسرائیل قبل عدة أیام، ولكن بھذا لم ینتھ الأمر. دخول أمھ التي رافقتھ كأعمى رفض. أیضاً ھي مثل ابنھا الأعمى خطیرة، مرة ثانیة توسلات وترجیات إلى ان صودق على دخولھا.
النھایة لیست سعیدة: الأطباء في مستشفى وولفسون قرروا أنھ الآن لیس بالإمكان عمل شيء وفقط بعد 5 ُ سنوات یمكنھم إعادة تقییم الوضع. سعیدي حكم علیھ بحیاة العمى، التعفن والفقر في قفص غزة. حلمھ الصغیر فقط أن یرى ثانیةً أطفالھ انتھى وعالمھ انھار نھائیاً. أمھ خرجت باكیاً من غرفة الأطباء وكذلك ھو مسح دموعھ. بعد ذلك عاد إلى بیتھ الواقع في مخیم اللاجئین الشاطئ الذي یسكن فیھ مع زوجتھ وأولاده الثلاثة ولم یخرج منھا منذ أن عمي ولن یخرج.
سعیدي ھو صیاد من غزة والذي حسب ادعاءات الجیش الاسرائیلي نشر شباكھ خارج الحدود المسموح بھا. إن وقاحة اسرائیل التي لا تصدق في منع صیادي غزة الذین یمتلكون أحد مصادر الرزق الأخیرة في سجنھم الكبیر، من الذھاب للبحر المفتوح- لا تعرف الحدود. اسرائیل ”خرجت من غزة“ وحماس مجرد تطلق صواریخ.
إلى ھذا الإجراء غیر القانوني وغیر الإنساني ھذا والذي یستخدم العقاب الجماعي الذي ھو أیضاً ممنوع حسب القانون الدولي یُضاف، وسائل لتطبیق القانون متوحشة وإجرامیة. جنود سلاح البحریة یطلقون النار على القوارب البائسة من أجل أن تھرب، مثلما یطلقون النار على قطیع من الكلاب الضالة، والتي لا یتوجب أیضاً إطلاق النار علیھا. كل ھذا بعیداً عن أعین الجمیع، في بحر غزة الذي لا یھم أحداً.
على سعیدي أطلقوا حوالي 15 رصاصة معدنیة مغطاة بالمطاط من مسافة قصیرة، جمیعھا في الجزء الأعلى من جسمھ. إحداھا اخترقت عینھ وفعلت بھا العجائب. الجنود عرفوا أن أمامھم صیاداً لیس ھنالك منھ أي خطر، ومع كل ھذا أطلقوا النار علیھ. النظام یجب أن یُتبع: النظام الذي تغزو فیھ اسرائیل بحر خان یونس وتمنع الصیادین من كسب رزقھم.
ُ سعیدي المسكین سبق وج ُ رح بأیدي الجنود وحتى أنھ سجن لمدة 13 شھراً بتھمة اجتیاز خط الصید الذي یملیھ الاستبداد العسكري العنیف. ھو لن یعود ثانیةً إلى البحر. في الأسبوع الماضي قادتھ أمھ بیده إلى السیارة التي استأجرتھا لھم رابطة الأطباء وسویة سافروا إلى غزة إلى الظلام الأبدي. عیونھ العمیاء ھي عیون الدولة وعارھا وخزیھا.