عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    29-Jun-2024

دراسة تحدد 6 أنواع من الاكتئاب.. ما أثر التشخيص الصحيح؟

  الغد- قد يتسبب عدم العثور على الدواء المناسب بالنسبة لبعض الأشخاص المصابين بالاكتئاب في تفاقم الأعراض. لكن، ماذا لو تمكن الأطباء، عند تشخيص مصاب بالاكتئاب، من تقييم كيف يؤثر الاكتئاب على دماغ المريض، ووصف العلاج الناجع له من المرة الأولى؟

 
 
‎قد يكون العلماء على بعد خطوة من تحقيق هذا الواقع، بفضل بحث جديد حدد ستة أنواع فرعية، أو "أنماط حيوية"، للاكتئاب الشديد، من خلال تصوير الدماغ مع التعلم الآلي. واختبرت الدراسة، التي نشرت في مجلة "Nature Medicine"، مدى استجابة ثلاثة من هذه الأنماط الحيوية لمضادات الاكتئاب، والعلاجات المختلفة.
 
‎وقالت الدكتورة ليان ويليامز، كبيرة مؤلفي الدراسة وأستاذة الطب النفسي والعلوم السلوكية بكلية الطب في جامعة ستانفورد بولاية كاليفورنيا الأميركية، "لا توجد حاليا اختبارات متاحة للمساعدة في تحديد نوع الاكتئاب الذي يعاني منه الأشخاص". وتابعت "أن الوضع الحالي هو أننا نعتمد على شخص ما ليخبرنا بما يعانيه، حيث يجب على الطبيب أو المعالج مراقبة الأعراض، والتوصل إلى التشخيص".
‎يعاني حوالي 280 مليون شخص في جميع أنحاء العالم و26 مليون شخص في الولايات المتحدة من الاكتئاب. وبحسب الدراسة، فإن ما بين 30 و40 % من الأشخاص المصابين بالاكتئاب لا يشعرون بتحسن الأعراض بعد تجربة علاج واحد. ويعاني حوالي 30 % من الأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بالاكتئاب، من الاكتئاب المقاوم للعلاج عندما لا يتحسن الاضطراب بعد محاولات علاج متعددة.
‎وشرحت ويليامز، التي تشغل أيضا منصب مديرة مركز ستانفورد للصحة العقلية الدقيقة والعافية "أن هذا الأمر أدى إلى تحفيز هذه الدراسة للتوصل إلى طريقة جديدة للحصول على العلاج المناسب بسرعة أكبر، واكتشاف العلاج المناسب لكل شخص من المرة الأولى".
‎وكانت ويليامز قد فقدت شريكها في صراع دام عقودا من الزمن مع حالة الاكتئاب في العام 2015، وركزت عملها لأكثر من 20 عاما على رعاية الصحة العقلية الفردية.
‎رسم خريطة للاكتئاب في الدماغ
‎استخدم الباحثون بيانات 801 مشارك بالغ تم تشخيص إصابتهم سابقا بالاكتئاب أو القلق، و137 مشاركا في مجموعة مراقبة صحية. استخدم الباحثون التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي لقياس نشاط دماغ المشاركين عندما كانوا في حالة راحة لا يفعلون شيئًا، مع التركيز على مناطق الدماغ المعروفة بالفعل بأنها تلعب دورا بالاكتئاب، والروابط بين تلك المناطق. كما قاموا بمراقبة نشاط الدماغ عندما شارك المشاركون، الذين كانوا في منتصف الثلاثينات من العمر كمعدل وسطي، في اختبارات مختلفة لتقييم الأداء المعرفي والعاطفي.
‎قام الباحثون أيضا بتخصيص 250 مشاركا على نحو عشوائي لتلقي العلاج السلوكي الحديث أو واحد من ثلاثة مضادات الاكتئاب شائعة الاستخدام: "فينلافاكسين"، أو "إسيتالوبرام"، أو "سيرترالين". 
‎تشمل الأنماط الحيوية الستة للاكتئاب التي وجدها الباحثون نوعا يتميز بفرط النشاط في المناطق المعرفية، والذي كان مرتبطا بمزيد من القلق، والتحيز السلبي، وخلل التنظيم التهديدي، وانعدام التلذذ مقارنة بالأنماط الحيوية الأخرى، وفق ما نشر على موقع "سي ان ان. عربية".
‎وتابعت ويليامز أن المشاركين الذين لديهم هذا النمط الحيوي كان أداؤهم أسوأ أيضا في مهام الوظيفة التنفيذية التي قيمت مدى قدرتهم على إدارة الأفكار، أو السلوكيات، أو اتخاذ القرارات، أو الحد من الإلهاء، ونقص الاهتمام أو الاستمتاع بتجارب الحياة.
‎وكان لديهم أيضا أفضل استجابة لمضاد الاكتئاب "فينلافاكسين". وتميز النمط الحيوي الآخر بمستويات أعلى من الاتصال الدماغي في ثلاث مناطق مرتبطة بالاكتئاب وحل المشاكل. 
‎وارتكب أولئك الذين لديهم هذا النمط الحيوي أيضا أخطاء في اختبارات الوظائف التنفيذية، لكنهم أبلوا بلاءً حسنًا في المهام المعرفية. ووجدوا أن أعراضهم تخف بشكل أفضل عن طريق العلاج السلوكي الحديث الذي يعلم المهارات اللازمة لمعالجة المشاكل اليومية بشكل أفضل.
‎وأفاد الدكتور جون ما، المؤلف المشارك بالدراسة، في بيان صحفي، بأن الاتصال العالي في مناطق الدماغ هذه قد يكون هو ما ساعد المشاركين الذين لديهم هذا النمط الحيوي على تبني مهارات جديدة بسهولة أكبر. 
‎وكان هناك أيضا نمط حيوي يتميز بمستويات منخفضة من النشاط في دائرة الدماغ التي تدير الانتباه. وارتبط هذا النمط الحيوي بمزيد من الأخطاء في المهام التي تتطلب اهتماما مستمرا، وفرصا أقل للتحسن مع العلاج. 
‎وقال ما وهو أستاذ الطب بجامعة إلينوي في شيكاغو، إن الأشخاص الذين لديهم هذا النمط الحيوي قد يحتاجون إلى دواء لعلاج الخلل الوظيفي أولاً حتى يتمكنوا من الاستفادة بشكل أكبر من العلاج.
‎وأوضحت ويليامز أن الباحثين وجدوا أيضًا نمطًا حيويًا يتميز بالتفاعل العاطفي العالي، ما يعني أن أدمغة المشاركين في هذه المجموعة كانت أكثر تأثراً بالمدخلات العاطفية مثل عواطفهم أو تعابير وجوه الأشخاص. وارتبط نمط حيوي آخر بانخفاض النشاط في مناطق الدماغ المعرفية وانخفاض الاتصال في المناطق العاطفية، ما يعني أن هؤلاء المشاركين واجهوا صعوبة في الاستجابة للمعلومات المعرفية وتنظيم المشاعر السلبية.
‎وأشارت ويليامز إلى أن هذين النوعين الحيويين الأخيرين لم يستجيبا للأدوية أو العلاج، ما يشير إلى أنه قد تكون هناك حاجة إلى خيارات أخرى للأشخاص الذين يعانون من هذه الأنواع. 
‎ولم يختلف النمط الحيوي السادس الذي تم تحديده عن فحوصات الدماغ للمنطقة ذاتها لدى الأشخاص الذين لا يعانون من الاكتئاب. وقالت ويليامز إنها تعتقد أن هذا الاكتشاف قد يعني أن النطاق الكامل لبيولوجيا الدماغ الكامن وراء الاكتئاب لم يتم اكتشافه بالكامل.
‎ومن جهته، أفاد الدكتور ريتشارد كيفي، الأستاذ الفخري للطب النفسي والعلوم السلوكية في المركز الطبي بجامعة ديوك في ولاية كارولينا الشمالية، غير المشارك في الدراسة، بأن الاكتئاب عبارة عن أشياء مختلفة كثيرة، ولها أسباب مختلفة وتغيرات بيولوجية وعلاجات. وأضاف أن الدراسة "تتخذ خطوة إيجابية في اتجاه" اكتشاف هذه الأمور.
‎العقبات والخطوات التالية
‎أوضح الدكتور جوناثان ألبرت، رئيس دوروثي ومارتي سيلفرمان لقسم الطب النفسي والعلوم السلوكية في مركز مونتيفيوري الطبي بمدينة نيويورك الأميركية، أن الدراسة، رغم كونها "معقدة وجيدة للغاية"، ولكنها تعاني من مشاكل رئيسية، بما في ذلك انخفاض عدد الأشخاص المسجلين في العلاج.
‎وقال ألبرت، غير المشارك في الدراسة، وأستاذ الطب النفسي وعلم الأعصاب وطب الأطفال بكلية ألبرت أينشتاين للطب، إنه بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة إلى عينات أكثر تنوعا. إذ كانت غالبية المشاركين من البيض، و2 % من السود.
‎وأضاف ألبرت وهو رئيس مجلس الأبحاث التابع للجمعية الأميركية للطب النفسي، أن الخطوة التالية الأكثر أهمية هي دراسة تختبر فرضية المؤلفين، ومفادها بأنه إذا كان لدى المرضى أنماط حيوية معينة، فسوف يكون أداؤهم أفضل عند الخضوع لعلاج معين، بالإضافة إلى تتبع المشاركين بمرور الوقت.
‎لم يتم اختيار المشاركين في العلاج وعددهم 250 شخصًا بشكل عشوائي بل على أساس أنماطهم الحيوية. لذا، يوصي ألبرت المؤلفين بتخصيص علاجات للأشخاص بناءً على أنماطهم الحيوية ومعرفة ما إذا كان هؤلاء المشاركون لديهم نتائج أفضل عند اعتماد هذه الطريقة بالمقارنة مع لو تم تخصيصهم للعلاج وفقًا للحكم السريري من دون معرفة نمطهم الحيوي.
‎وبحثت الدراسة في شكل واحد فقط من أشكال العلاج النفسي وثلاثة أدوية؛ وعلق ألبرت قائلًا "إن هناك الكثير من كل منها في العالم الحقيقي. وكانت جميع الأدوية أيضًا تعتمد على السيروتونين، ولكن هناك فئات قليلة أخرى من مضادات الاكتئاب".
‎وأكد ألبرت أن الدراسات لا يمكنها أن تفعل الكثير في وقت واحد، لكن معالجة أوجه القصور هذه بشكل تدريجي من شأنها أن تساعد على مواصلة التقدم نحو الطب النفسي الدقيق.