عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    07-Jan-2019

أشخاص یتخذون من الکذب أسلوب حیاة
مجد جابر
 
عمان-الغد-  ”تكذب كما تتنفس“، بھذه الكلمات وصفت الثلاثینیة نھى إحدى صدیقاتھا، بعد أن فاض
بھا الأمر ولم تعد قادرة على مجاراة الأكاذیب الیومیة التي تطلقھا ھذه الصدیقة، مما دفعھا
لاتخاذ قرار بقطع العلاقة بینھما.
تؤكد نھى أنھا من الأشخاص الذین یتقبلون الاختلاف في الطرف الآخر، لكن تكرار ھذا السلوك
جعلھ یبدو أسلوب حیاة اعتادت علیھ، موضحة أن صدیقتھا غادة لا تكذب لسبب مھم، أو من
أجل النجاة من أمر معین. إنما تكذب بطریقة مستمرة في أبسط التفاصیل، وأتفھ الأحداث التي لا
تعني المحیطین بھا، ولا یمكن لشخص أن یلتفت لھا.
حاولت نھى أن تجد تبریرا لأكاذیب صدیقتھا، وقامت بمواجھتھا ونصحھا، إلا أن محاولاتھا
باءت بالفشل، وعلیھ رجحت بأن ھذه الصدیقة تعاني من حالة مرضیة.
ولربما نھى لیست الوحیدة التي لاحظت على صدیقتھا غادة ھذا السلوك السیئ، فھناك العدید من
الأشخاص الذین یواجھون أصدقاء أو زملاء أو معارف أو أقارب یتخذون من ”الكذب“ أسلوب
حیاة، مما یشعرھم بالاستیاء والشعور بالتوتر، وفي أغلب الأحیان یمیلون للابتعاد عنھم وتجنب
الحوار أو اللقاء بھم.
أحمد علي ھو شخص آخر تعرف على أحد زملائھ في العمل، وكان یعتقد أنھ شخص طبیعي
متوازن نفسیاً لا یعاني من أي عقد أو مشاكل.
ویضیف، أنھ في البدایة كان یستمع لقصص زمیلھ بصدر رحب ویستمتع بھا، رغم دھشتھ من
كثرة الأحداث والمغامرات التي یصفھا ھذا الزمیل، وبشكل یومي، بالإضافة لتكرار مشاھد
المواقف الغریبة التي تواجھھ، الا أنھ لم یخطر ببالھ على الإطلاق بأن یكون ھناك تفسیر آخر،
مثل أن صدیقھ لدیھ براعة في ”الكذب“!
لكن مع توطد العلاقة بین أحمد وزمیلھ في العمل، بدأ یلاحظ ویھتم بربط الأحداث، والظروف
المتغیرة في نقل ذات الروایة أو الحدث بین الزملاء، والعدید من التفاصیل التي أسھمت في
كشف أكاذیبھ، وفق وصف أحمد.
یقول أحمد ”لا أعرف كیف لشخص مثلھ وبعمره أن یكذب بھذه الطریقة الساذجة، والأسوأ أنھ لا
یعرف ما الفكرة أو الھدف من أكاذیبھ التي لا تفید أحدا بشيء، وھي من أتفھ الأمور وأسخفھا،
فمثلا، یكذب في شرائھ من أحد المحلات التجاریة، أو الطریقة التي تعرف بھا على الشخص
الفلاني.. وھكذا“.
ویضیف أحمد أنھ یعي بأن ھناك أشخاصا یكذبون من أجل تنجیة أنفسھم من أمر ما، لكن الكذب
بدون أي سبب، وكونھ أصبح أمرا معتادا بالنسبة للشخص، فھو أمر غریب جداً، ولا یوجد لھ
تفسیر.
ولا شك أن ھناك الكثیر من العادات السیئة التي یعاني منھا أشخاص في محیطنا، إلا أن
الشخص یمكنھ الى حد معین تقبلھا، لكن عادة ”الكذب“ تعد من أبشع الصفات، التي لا یمكن
تجاھلھا أو التغاضي عنھا من قبل الطرف الآخر، خصوصاً عندما یصبح الكذب عادة لا یمكن
التخلص منھا.
وھذا ما یؤكده الاختصاصي النفسي والتربوي الدكتور موسى مطارنة، بقولھ ”ھؤلاء الأشخاص
”استعراضیون“، یعیشون واقعا غیر واقعھم الحقیقي، والسبب أن لدیھم حالات نقص داخلیة،
یحاولون تعویضھا بالكذب، وأحیاناً یختلقون مسرحیة أو دراما أو أحداثا“.
ویعتبر مطارنة أن الشخص الذي یمیل للكذب في معظم الأوقات، ھو نتیجة لحالة الضعف التي
بداخلھ، ومحاولتھ تمثیل أدوار ھو یفضلھا أو یرغب بأن یقوم بھا فعلاً، فیتقمصھا ویبدأ بالكذب،
مبیناً أن الكذب یصبح حالة عامة لدى الشخص، لا یمكنھ التخلي عنھا، كونھا حالة لا شعوریة
تستولي علیھ.
ویشیر مطارنة الى أن ھذا الشخص یحلم بعالم مختلف ویبرره ویعیشھ من خلال سلوك
”الكذب“، ما یجعل معظم أحادیثھ یتخللھا الكذب لا إرادیا، وحتى لو أحرجتھ بكشف كذبتھ.. لا
یھتم، بل یراه أمرا عادیا، وقد یحولھ لـ“فكاھة“. ویرى مطارنة أن التعامل مع ھؤلاء الأشخاص صعب جداً، فالشخص لا یستطیع التفریق بین ما ھو كذب وما ھو حقیقي، ولا یمكن التعامل معھ إلا من باب التسلیة فقط لا غیر، ولا یستطیع الطرف الثاني اعتباره صدیقا أو زمیلا على الإطلاق. ویضیف ”قد یخدع الشخص ”الكاذب“ المحیطین بھ في اللقاء الأول، لكنھ ینكشف فوراً بعد ثاني أو ثالث جلسة“، لافتاً الى أن ھذا الشخص لم یكتسب ھذا السلوك فجأة، بل عاش طفولتھ في بیئة لم یعط فیھا أي نوع من الاھتمام
في الأسرة، كما عاش حالة تھمیش داخل المدرسة، مما جعل ھذه العادة تتولد كـ“تعویض“ عن حالة النقص لدیھ