عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Mar-2021

عون والحريري أمام اختبار حسم التشكيلة.. وجنبلاط يدعو إلى تسوية وسط الانهيار والجوع

 القدس العربي-سعد الياس

 بات موضوع تأليف الحكومة اللبنانية ينطبق عليه الإعلان التجاري للفوز بلعبة الحظ “اللوتو” (إذا مش الإثنين الخميس). وعليه بات موضوع ولادة الحكومة ينتظر حلاً عجائبياً خصوصاً بعدما أطاح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بأجواء الانفراج التي أشاعها الرئيس المكلّف سعد الحريري بعد لقائه الـ17 مع رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا، وعكست انقلاباً من الحزب على المبادرة الفرنسية لحكومة مهمة بالعودة إلى طرح حكومة تكنوسياسية وليس حكومة اختصاصيين.
 
واللافت أن التيار الوطني الحر هلّل لخطاب نصر الله في وقت أكدت مصادر قصر بعبدا ما تسرّب عن فحوى اللقاء بين عون والحريري لجهة طرح رئيس الجمهورية سؤالاً على الحريري الخميس “هل الصيغة التي تحملها مكتملة وهل تتضمّن أسماء وزراء حزب الله؟” فأجابه الحريري بأنه طرح أسماء. فسأله عون هل وافق عليها حزب الله؟ فكان رد الحريري بالنفي. عندها توجّه إليه عون بالقول “شاور نفسك وعد يوم الإثنين. وإذا لا القوات ولا التيار الوطني الحر ولا الكتائب معك، فمن يغطّيك مسيحياً بحسب الميثاق؟ طبعاً رئيس الجمهورية سيتولى عملية التغطية. لكن إذا كنت تتعامل مع الرئيس على قاعدة أنا أترك لك حصة وأعود وأتولى منفرداً تسمية وزراء مسيحيين بينما أترك للشيعة والدروز حق التسمية فأنت تكسر الميثاقية والدستور والتوازن”.
 
ونقلت “وكالة الأنباء المركزية” عن مصادر بعبدا أنها “تنتظر بعقلانية وهدوء أن يأتي الحريري إلى القصر يوم الإثنين بصيغة جديدة. وإذا لم يحصل ذلك -لا سمح الله- يكون قد قرّر الإمعان في ضرب الدستور وعدم تأليف حكومة”.
 
وكان تطوّر طرأ على حركة الاتصالات تمثّل بزيارة مفاجئة قام بها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى قصر بعبدا تلبية لدعوة الرئيس عون بعد قطيعة دامت سنة ونصف السنة، تخلّلتها اتهامات للعهد بالفشل وبأنه يريد الانتحار.
 
وأعلن جنبلاط بعد اللقاء تأييده التسوية الحكومية بعدما عبّر مراراً عن خوفه من انهيار البلد بقوله “وصلنا إلى حالة الجمود المطلق وسط انهيار اقتصادي، والجوع يدقّ أبواب كل الناس”.
 
ولم يشأ سيّد المختارة الدخول في أرقام التشكيلة الحكومية بين 18 وزيراً أو أكثر، ورأى أنها “لم تعد ضرورية لأن مشاكل البلد فوق بعض الأرقام”. ودعا جنبلاط “إلى تجاوز كل الماضي والحساسيات كون البلاد لا تحتمل المزيد من التباعد، وأهم نقطة هي التسوية وما من أحد يلغي الآخر أياً كانت الظروف”.
 
وبدا جنبلاط كأنه يحاول استباق أي انفجار من خلال دعوته إلى إتمام تسوية بين عون والحريري من دون أن يتسبب بإشكالية مع بيت الوسط. غير أن زيارة الزعيم الدرزي وإطلالة الأمين العام لحزب الله الأخيرة لا شك أنها ستشكّل دافعاً للعهد وتياره لتصعيد الشروط في وجه الرئيس المكلّف ومحاولة إحراجه.
 
وقد شجب رؤساء الحكومات السابقون فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام هذا الأسلوب في التعاطي مع الرئيس المكلّف وخصوصاً مخاطبته ببيان متلفز. ونوّهوا “بروح المسؤولية العالية الكاظمة للغيظ التي تمتّع بها الرئيس المكلف سعد الحريري والتي أبداها بترفّع واتزان، إزاء المحاولات المتكررة لجرّه إلى شجارات ونزاعات إعلامية، كان يمكن أن تطيح بآخر ما تبقى من صدقية للدولة المتهالكة”، واعتبروا أنّ “الكتاب الذي يجب أن تهتدي به الدولة اللبنانية في عملها هو الدستور الذي ينبغي أن يلتزم به الجميع وفي مقدمتهم فخامة الرئيس الذي هو الحَكَمْ بين جميع الفرقاء السياسيين، والذي أوكل إليه الدستور مهمة السهر على احترامه والحرص على عدم خرقه، والذي يقول في الفقرة الرابعة من المادة 53 في معرض إشارته إلى صلاحيات رئيس الجمهورية: “يصدر بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة، ولم تنص على عبارة تشكيل بل إصدار”.
 
وكانت الهيئة السياسية في التيّار الوطني الحرّ التي نظرت بارتياح إلى خطاب السيّد نصر الله وإلى “استئناف الحوار بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلّف، لتشكيل حكومة طال انتظارها”، لكنها لم تهضم الربط بين اعتذار الرئيس المكلف واستقالة رئيس الجمهورية فقالت “إن رئيس الجمهورية هو منتخب من النواب لمدّة محدّدة هي ست سنوات غير قابلة للمساس، وهو الوحيد في الدولة الذي يقسم على الدستور؛ ورئيس الحكومة هو مكلّف من رئيس الجمهورية بناءً على استشارات النواب الملزمة وهو لم يحصل بعد على ثقة مجلس النواب، وخاضع لاختبار تلك الثقة على امتداد ولايته الحكومية”.
 
نصر الله ينقلب على حكومة الاختصاصيين وردّ الراعي مطالباً بقلب الطاولة على المعرقلين
 
في هذه الأثناء، بدت عظة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وكأنها ردّ مباشر على أمين عام حزب الله الذي هوّل وطالب بحكومة تكنوسياسية، فقال الراعي “حرصاً منا على ولوج الحل الحقيقي نشجّع جميع المبادرات والمساعي على خط تأليف الحكومة، ونأمل أن يسفر اللقاء الإثنين بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف عن نتيجة إيجابية، فيؤلّفا بعد طول انتظار، وشمولية انهيار، حكومة إنقاذ تضم اختصاصيين مستقلين ووطنيين، حكومة مواجهة الوضع المالي والنقدي والمعيشي، تجري الإصلاحات، وتعزّز الاقتصاد الليبرالي الحر والإنتاجي، وتصحّح الثغرات في صلاحيات الوزراء فلا يتقاعسون عن تنفيذ القانون، ولا يمتنعون عن تطبيق قرارات مجلس الوزراء، ومجلس شورى الدولة، حماية لمصالح الدولة والمواطنين”.
 
وقال “إننا ننتظرها حكومة مبادئ وطنية لا مساومات سياسية وترضيات على حساب الفعالية. ونأمل من الرئيسين أيضاً أن يخيّبا أمل المراهنين على فشلهما، فيقلبا الطاولة على جميع المعرقلين، ويقيما حائطاً فاصلاً بين مصلحة لبنان وبين مصالح الجماعة السياسية ومصالح الدول”، مضيفاً “كفى اقتراحات جديدة وشروطاً تعجيزية غايتها العرقلة والمماطلة!”.
 
وأكد الراعي أن “تأليف حكومة للبنان فقط، وللبنانيين فقط، لا يستغرق أكثر من أربع وعشرين ساعة. لكن إذا كان البعض يريد تحميل الحكومة العتيدة صراعات المنطقة ولعبة الأمم والسباق إلى رئاسة الجمهورية وتغيير النظام والسيطرة على السلطة والبلاد، فإنها ستزيد الشرخ بين الشعب والسلطة، وستؤدي إلى الفوضى، والفوضى لا ترحم أحداً بدءاً بمفتعليها”.