بقاء الفايز في سدّة الأعيان*د. مهند مبيضين
الدستور
بصدور الإرادة الملكيّة السامية باعادة تعيين دولة فيصل الفايز رئيساً لمجلس الأعيان، حسمت الكثير من التوقعات، عن مصير رئاسة المجلس الذي قاده فيصل الفايز بكل حكمة واقتدار، وقد أوجد الفايز لنفسه صيغة قابلة للبقاء في المشهد عنوانها الانحياز للدولة، وابقاء المجلس ملاذا وحصناً من حصون الحكمة والخبرة الوطنية.
وفي كل المنعطفات التي كان يشتد بها جدل مجلس النواب حيال القوانين المحالة منه لغرفة الأعيان، بقي مجلس الأعيان ميزان الحكمة والخبرة والعقل، وكان الفايز متمسكا بالوصف الذي يجب ان تكون عليه صفة الأعيان كمجلس لرجال الملك الذين يجب ان يتصفوا بصفات العقلانية والتعقل، والخبرة التي كان يجب ان توظف كل مزاياها القابلة للتوظيف نحو مصلحة الدولة والناس.
ابقى الفايز طيلة رئاسته لمجلس الأعيان على أهمية العمل في التشريع بعقل بارد بعيدا عن الشعبوية، وعن الشعاراتية، وعن الميول الآنية التي غالبا ما تحدث للتشريعات خاصة عندما تكون جدلية، وبهذا صار هناك توازن كبير في العملية التشريعية.
أما عن دوره الشخصي، فالفايز ظلّ وفياً للقيم الوطنية، وظلّ حريصا على الاستقرار، ودخل في اكثر من منعطف وطني معبرا بوضوح عن مواقفه دون ريبة او خوف، حتى وإن كان هذا ضد توجهات الشارع، أو القوى السياسية، أو النخب الاقتصادية، وهو الذي كان يحاور الناس ويتفهم غضبهم، ويسعى للتوافق في الأمور الوطنية، ويغلب الصبر وسعة الصدر على منتقديه.
يميز الفايز بين النقد الموضوعي، وبين التجريح، وحتى عندما كان يضيق صدره بالاتهامات والنقد العشوائي، كان يصفح ويتجاوز عن الذين يرمون الناس بشتى سبل النقد، الذي لا أساس له من الحقائق. وهو لا ينفي وجود أخطاء ولا يضيره ان يقول بأن قناعاته كمواطن قد تخالف موقعه السياسي، وهو يجيد الانصات للناس، ويقدر رغباتهم وامنياتهم، لكنّه بذات الوقت يرفع منسوب الحرية في الحوار، وأراد لملجس الأعيان أن يكون مقراً للتوافقات وملاذا للنهايات المحتملة لأي جدل وطني.
يعترف الفايز بنفسه كزعيم قبلي، بالقدر الذي يعظم دروه على رأس دار الأمة التي تشرّع وتقنن، ولكنه لا يحيد عن مبادئه الحاكمة لمسيرته الوطنية الرفيعة، ولارث اجداده الذين اسهموا في بناء واستقرار الدولة.