عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    10-Mar-2019

جمال جدتي البدوي".. وشوم النساء تختصر خبایا وكنوز الصحراء"

 

تغرید السعایدة
عمان- الغد- تجاعید وجوه تستنشق منھا أسرار وتفاصیل الزمن، وخطوط من الوشم تزین أیادي تختصر خبرات وحكایات الماضي.. كلھا لجدات بدویات اختصرن جمال الصحراء وعنفوانھ بملامحھن.
تلك التفاصیل نقلتھا ووثقتھا المصورة والناشطة الاجتماعیة غزوة متروك العون عبر عشرات الصور التي تناولت حیاة البادیة بكل تفاصیلھا الصغیرة واللافتة، لتتصدر صفحات كتابھا ”جمال جدتي البدوي“ الذي جاء باللغة الإنجلیزیة.
یعكس الكتاب جوانب وتفاصیل غنیة بالجمال، بعد أن تنقلت العون بكامیرتھا لمناطق صحراویة عدیدة، فھي تقطن في قریة صبحا في المفرق، البادیة الشرقیة، ولمست في بیئتھا أسرارا ملیئة بالحیاة.
كل ذلك كان یحتاج لعین تلتقط ما تراه لتبثھ للعالم، وما التصویر الفوتوغرافي إلا طریقة لنقل ھذا الجمال. والعون حاولت من خلال كتابھا والتقاطاتھا أن تُركز على جمال البداوة والجدات المسنات بملامحھن القویة وتحدیاتھن لعناء الصحراء والسنین، مبینة أن ”أجمل ما في صحراء الأردن.. نساؤھا“.
ومع ذرات الرمال التي تتطایر مع ھبات الریاح الصحراویة، تبحث العون عن خبایا البادیة، تتلمس الجمال من عیون الجدات، ووقفتھن الصلبة، في رحلة الحیاة التي تبدأ وتنتھي من الصحراء، لم تطلھن غبار المدن وحداثتھا، بل بقیت تلك الجدة صامدة تربي وتُكبر وتُخرج للوطن رجالا یتمتعون بالقوة والشجاعة والصلابة.
وتتحدث العون عن جدتھا التي توفیت، وتقول أنھا استنبطت ذلك الجمال من بساطة منھا، ومن كلماتھا البدویة وجمال روحھا وتلك الید التي تطرزت بالوشم البدوي، والذي بدا یتلاشى حضوره في ھذه الأیام، لتبدو صور الجدات بتفاصیل حیاتھن واضحة في كتاب العون ”جمال جدتي البدوي“.
وبعد أن تعلمت العون على فنون التصویر، وأصبحت أول مصورة ”بدویة“ متخصصة بالتراث ّ غیر الملموس، قررت أن یكون جل إلتقاطاتھا في البادیة، وحملت كامیرتھا أینما حلت وارتحلت، لتخرج بباقة من أجمل الصور التي یمكن أن تُمثل جمال البادیة، فكان أن جمعت مجموعة مختارة في كتابھا، وبالتعاون مع إحدى صدیقاتھا من أمیركا، كاثلین ھوود من جامعة كالیفورنیا.
وقامت بتحریر الكتاب باللغة الإنجلیزیة، فكان كتابOF BEAUTY BEDOUIN THE MYGRANDMOTHER“ جمال جدتي البدوي“، وتم إصداره بدعم من وزارة الثقافة والصندوق الھاشمي لتنمیة البادیة الأردنیة.
اختیار العون للغة الانجلیزیة جاء لاظھار ذلك الجمال للعالم أجمع، ولیس فقط في الأردن أو الدول العربیة، حیث أن الصور البدویة انتشرت بمختلف الدول العربیة عبر برامج أو مسلسلات منذ عدة عقود.
بید أن ھذه الصور الجمالیة التي تؤخذ بعین ”غزوة“ ما ھي إلا علاقة حب متبادلة للبادیة والجدات اللواتي یمثلن بلباسھن وأحادیثھن تاریخا عریقا للأردن، لم تغب فیھ البادیة عن كل تفاصیل الوطن بمعاركھ وحداثتھ وتطویره، فكثیرات منھن فقدن أبنائھن فداء للوطن، ولم تغب عنھن القوة والجمال البدوي المعتق بالحنین والحب.
وحاولت العون أن تعبر عن حبھا لبادیتھا وطبیعتھا وعرفانھا لھذا الوطن بأن تكون مدونة وجامعة للجمال الخالي من المؤثرات الصناعیة، لا تحتاج إلى إضافات مساحات خضراء أو انھار، بینما یمكن ان تلتقط الجمال بالحجارة السوداء الصحراویة، لتبقى ھذه اللحظات ثابتة رغم تقلب السنوات ومرورھا.
ھذه الصور المرافقة لشرح بسیط ومختزل، جعل من المتصفح للكتاب یلمس سھولة في التعرف على التفاصیل والاستمتاع بالصور الجمیلة، وما تسمیھ العون بـ ”التراث غیر الملموس“، والتي تحاول منھ نقل الحدیث إلى صورة موثقة.
انتقال العون للعیش في المفرق بعد أن كانت تسكن عمان، جعلھا تكتشف الجمال الذي غاب عن
الكثیرین من سكان المدن، إذ استمعت للقصص والتفاصیل البدویة لسكان البادیة والتي للأسف
أمست تتلاشى، متمنیة أن تبقى حاضرة لدى الاجیال القادمة، كجزء من التراث والھویة الاردنیة.
الجلوس مع الجدات وكبار السن، نمى لدى العون شغفھا بالتوثیق في الكتاب بعد تنقلھا في الصحراء الواسعة في البادیة الأردنیة، ووضع عینیھا على ذلك الجمال بین حنایا الصخور والرمال والوجوة والأحادیث في ذات الوقت، لتعكس ذلك الجمال بالصور، وتلك الأماكن التي تحتاج إلى تسویق سیاحي.
تطمح العون بتوصیل رسالتھا للجمھور من خلال أكثر من معرض فني نظم بین الأردن والسوید، مؤكدة على وجود الجمال العفوي ”العتیق“ في الروح والوجدان، وفي تفاصیل الوجوه التي تزین بھا الكتاب، فیما تسعى إلى أن یكون ھناك أعمال اخرى مماثلة تنقل تفاصیل بدویة تحاكي الواقع وتُعرف باقي المجتمعات ودول العالم بالكنوز الأردنیة المتمثلة بالصحراء، فالجمال خلقھ الله في كل ما على الأرض، ولكن ینتظر من یكتشفھ وینقلھ بعیداً عن التشویھ والتزیین المبالغ فیھ.