عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-Dec-2019

الاتفاق التركي مع حكومة الوفاق الليبية وآثاره على الأمن والسلم في البحر المتوسط - باسل ترجمان

 

الدستور- شكلت المعاهدة بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج حول ترسيم الحدود البحرية والاتفاق العسكري الذي يسمح بطلب ارسال قوات عسكرية تركي لمناطق الغرب الليبي، مفاجأة للجميع وخاصة دول حوض المتوسط التي تتقاطع حدودها البحرية مع البلدين والتي اعتبرت الاتفاقات تهديداً خطيراً للأمن والسلام في حوض البحر الابيض المتوسط.
الاتفاق بشقيه البحري والعسكري عكس رغبة تركية بتصعيد الخلاف مع دول الاتحاد الاوروبي جراء رفضها انضمام تركيا للاتحاد، وبعد إجراءات سبقت ذلك وتمثلت بإرسال عشرات الارهابيين الدواعش الى بلدانهم الاصلية كورقة ضغط ولإيصال رسائل لهذه الدول بأن لدى تركيا اوراق ضغط كثيرة قادرة على استعمالها لفرض موقفها، مع الحديث عن وجود احتياطات خيالية من الغاز في وسط وشرق المتوسط ورغبتها بنيل حصة كبيرة من هذه الثروات التي بدأ اكتشافها في المنطقة.
الرئيس التركي الذي يسعى لتأزيم الوضع في حوض المتوسط على أمل تحقيق مكاسب سياسية، اصطدم برفض اوروبي ومصري، واسع مما يهدد بمزيد توسيع العزلة السياسية التي فرضها الرئيس اردوغان على بلده جراء انتقاله الى حالة العداء المباشر مع قبرص واليونان وفرنسا التي دخل معها في صراع مفتوح جراء تناقض المواقف بين البلدين بخصوص الموقف من الاوضاع في ليبيا.
استغلال الرئيس التركي لحالة العزلة التي يعيشها فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الليبية جراء تحالفاته مع جماعات الاسلام السياسي والمليشيات المسيطرة على العاصمة طرابلس وجماعات متهمة بالتورط في الارهاب أوصل الطرفين لتوقيع هذه الاتفاق الذي سمي اتفاق «تقاسم السيادة البحرية المشتركة بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية»، والاتفاق العسكري الذي تلتزم بموجبه تركيا بدعم حكومة السراج في مواجهة الجيش الوطني الليبي، رغم ان هذه الحكومة لا تمتلك السيطرة على المليشيات التي تواجه قوات الجيش الوطني الليبي على مشارف العاصمة طرابلس.
إيطاليا التي بقيت محافظة على علاقات طيبة مع رئيس الحكومة الليبية فايز السراج، اعتبرت على لسان وزير خارجيتها لويجي دي مايو، انها لا تتفق بالرأي مع حكومة السراج حول الاتفاقيات الاخيرة التي تم التوصل اليها مع تركيا، وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة بالحدود البحرية، وبحسب الوزير الايطالي ليست شرعية حتى من وجهة نظري، لأنها لا تأخذ بعين الاعتبار اليونان، وما قرروه من حدود يمر بالقرب من سواحل جزرها ولكنهم لم يشركوها في هذه الاتفاقية.
هذا الموقف يعني أن هنالك رؤية اوروبية مشتركة ضد الاتفاقيات الموقعة وهذا سيضع بقاء حكومة فايز السراج موضع الشك، وسيزيد من اضعاف العلاقات التركية الاوروبية المهتزة أصلاً، وقد يدفع بالرئيس التركي المحاصر بالأزمات مع كثير من دول الجوار، وبالمشاكل الداخلية، للقفز في اتجاه تصعيد خطير قد يشكل تهديداً للأمن والسلم في حوض البحر الابيض المتوسط والذي يمر منه أكثر من نصف التجارة العالمية.
الرفض المصري القاطع لهذه الاتفاقيات والذي بررته بأن رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج ليس مخولاً وبحسب اتفاق الصخيرات الذي عين بموجبه بالتوقيع على معاهدات دون موافقة مجلس النواب الليبي، لن يقف عند حدود الرد الدبلوماسي بل سيتجاوز ذلك باتجاه مزيد الدعم العسكري والسياسي للجيش الوطني الليبي الذي هدد قائد قواته البحرية بإغراق أي سفينة تركية تقترب من المياه الاقليمية الليبية.
مخاطر التصعيد الدبلوماسي والعسكري تتصاعد في منطقة شرق ووسط البحر الابيض المتوسط ودول العالم معنية بمنع تفاقم هذا النزاع مخافة انتقاله لصدام عسكري يصعب وقفه او توقع نتائجه.