عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Jul-2020

«عدوانية الأطفال» .. أسباب وحلول

 

عمان-الدستور-  حسام عطية - معروف لدى بعض افراد المجتمع ان «العدوانية» تختلف بين الأطفال أنفسهم، ومن ثم فهي لا تدعو إلى القلق؛ لأنها من طبيعة الحياة نفسها بأنها تزول بزوال أسبابها، فليس هناك من طفل من الجنسين لا يقدم على سلوك عدواني في حياته وفي مواقف التنافس والغيرة ومواقف الدفاع عن النفس وليس هناك طفل لا يتشاجر أو يخرّب أو ينتقم من منافسه أو من المعتدي عليه، فيما يمثل السلوك العدواني إحدى أهم المشكلات السلوكية والانفعالية لدى الطفل؛ لما له من أضرار جسمية ومعنوية بليغة على نفسية الطفل والمحيطين به، حيث يزداد انتشاراً في الآونة الأخيرة؛ إذ يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحالة النفسية لدى الطفل من إحباط وعدم الثقة بالنفس والضغط الذي يتطور خلال مراحل نموه، فيما يتخذ العدوان بين الأطفال أشكالاً عديدة، فقد يدافع الطفل عن نفسه ضدَ عدوان أحد أقرانه، أو يعارك الآخرين باستمرار لكي يسيطر على أقرانه، أو يقوم بتحطيم بعض أثاث البيت عند الغضب، ولا يستطيع السيطرة على نفسه.
لماذا يلجأ!
بدورها الدكتورة هند البريزات الباحثة في علم الاجتماع علقت على الامر بالقول، يلجأ الأطفال الى استخدام العنف بسبب عوامل خارجية محيطة بهم مثل الأسرة، المدرسة، أثر التكنولوجيا عليهم أو بسبب عوامل نفسية تكونت لدى الأطفال خلال مرحلة التنشئة التي يتعرضون لها والتي تتعدد وتتنوع خاصة الآن في ظل التطور التكنولوجي الذي نشهده والذي أصبح عاملاً هاماً وخطيراً يتدخل في تنشئة الأطفال ويؤثر على سلوكياتهم، اضافة الى اللجوء لتربية الأطفال من قبل مربيات غير مؤهلات لهذا الأمر الذي يعتقد البعض أنه أمر سهل ويستطيع أي شخص القيام به، إلا أن الافتقار الى المعرفة والخبرة والأساليب التربوية السلمية تؤدي في كثير من الأحيان الى تولد سلوك عدواني لدى الأطفال خاصة أولئك الذين يتعرضون للعنف بشتى أنواعه من قبل والديهم، المربيات، الأقران، المعلمين والمعلمات، أو أي شخص لديه تواصل أو احتكاك معهم، اضافة الى الألعاب الالكترونية أو التقليدية التي تحمل طابعا عدوانيا وهجوميا يزرع في نفوس الأطفال سلوكيات غير مقبولة ومرفوضة مجتمعيا وتؤدي الى نفور الكبار والصغار من الطفل العدواني.
ونوهت البريزات يتسم السلوك العدواني لدى الأطفال بالرغبة للجوء الى ايذاء الآخرين أو ضربهم واستفزازهم، والتفوق عليهم والتقليل من شأنهم أو الصراخ عليهم وتعمد التخريب في الأماكن المختلفة أو على الآخرين من خلال العبث بممتلكاتهم، بحيث يكون الأطفال الذين يلجأون الى العنف مفتقرين الى الطرق السليمة بالتواصل مع الآخرين خاصة مع أقرانهم، فيصبح العنف وسيلة للتواصل وللتعامل مع المواقف المختلفة، فهذا السلوك يستخدمه بعض الأطفال كنوع من اثبات الذات ولفت الأنظار أو الحماية أو وسيلة للحصول على ما يرغبون، فظاهرة العنف عند الأطفال تحتاج الى دراسة ووقوف على أسبابها وطرق معالجتها لأنها تعكس الميول العدواني المبكر لدى من يتصفون به والذين قد يتطور لديهم الأمر في المستقبل بارتكاب جرائم والتعدي على الآخرين والوقوع في المشاكل التي قد تنتهي بالسجن أو القتل أو الخسارة المادية والمعنوية.
وتقول البريزات ان الحرمان العاطفي والتمييز الذي يتعرض له الأطفال والغيرة من الآخرين والرغبة في جذب الانتباه والمداومة على مقارنة الطفل مع غيره من الأطفال وتراكمات الاحباط لدى الأطفال والاهمال من قبل الأسرة خاصة الوالدين والتفكك الأسري، اضافة الى المشاكل الأسرية والضغوط التي يتعرض لها الأطفال والأساليب المزدوجة وغير المناسبة لعمر الطفل أو الموقف والعقاب الجسدي والنفسي المؤذي له، جميعها ترتد بشكل غضب وعصبية وسلوك عدواني لدى البعض، كما أن التدليل المفرط ومنح الطفل كل ما يطلب وحمايته بشكل زائد يؤدي الى استخدامه سلوكيات عدوانية في حال تم رفض أي طلب له من قبل أي شخص، كما أن الخلل في الصحة النفسية أو الاصابة بمرض ما اضافة الى التقليد الذي يقوم به بعض الأطفال عند مشاهدتهم برامج التلفاز أو الفيديوهات أو تقليد سلوكيات الآخرين أيضا تجسد مظاهر العنف والايذاء رغبة مستمرة في ضرب أو شتم الأطفال الآخرين والشعور بأنهم خصوم لا أصدقاء أو أقرباء، كما أن بعض الأهل يقومون بتشجيع ودعم أبنائهم باستخدام أساليب العنف والانتقام من الآخرين؛ ما يولد لدى الأطفال تصورات وقناعات راسخة بأن هذا أمر مسلم به ومقبول اجتماعيا.
حلول وعلاج
ولفت البريزات الى انه يتخذ الصغار من غيرهم قدوة لهم، كما أن شخصياتهم وتصوراتهم تتشكل بناءً على ما يتعرضون له خلال أهم سنوات التنشئة وهي السنوات الأولى، ولهذا لا بد من الحرص على تربية الطفل بشكل سليم وايلائه أهمية لا تقتصر على الأم فقط بل على الأب أيضا وعلى الأسرة والمحيطين بشكل عام. كما أنه لا بد من تجنب التعامل مع الطفل بأسلوب عدواني وعنيف واستخدام أساليب تتناسب مع الطفل وعمره؛ فمن الضروري جدا الشرح للأطفال عندما يتم معاقبتهم عن السبب، كما أنه من الخطير ترك أمور تربية الأطفال والاهتمام بهم بشكل مطلق للمربيات أو المراكز التي تعنى بهذه الأمور بل يجب المتابعة الدائمة من قبل الوالدين أو المعنيين وقضاء وقت أطول معهم والتحدث اليهم بهدوء وعدم الصراخ عليهم أو تعنيفهم خاصة كونهم يتبعون سلوكيات عدوانية؛ ما يزيد من سلوكهم العدواني والاصرار عليه، لذلك لابد من اشغال الأطفال بأمور هادفة واستغلال أوقات فراغهم بممارسة الهوايات أو بالأنشطة المفيدة بدلا من قضائها باستخدام أدوات التكنولوجيا المختلفة وتحفيزهم على أداء الأمور بطريقة ايجابية واعطائهم أمثلة مناسبة لأعمارهم والتركيز على التربية المعتدلة السليمة في مختلف مؤسسات التشنة الاجتماعية، ومن الأمور الهامة أيضا مراجعة أخصائي عند الحاجة وعدم نكران عداونية الطفل أو سلوكياته العنيفة ومعالجتها بأسرع وقت بدلا من تأخير معالجتها.