طروب العارف
مواقع-
لا بد أن الواحد منّا يحتفظ لنفسه بتصنيف خاص من بين المجموعة المتنوعة من أنماط الأبوة والأمومة التي يتداولها الناس في علاقة الاهل بابنائهم. فهناك الابوة والامومة المُتساهلة والاخرى المُسيطرة وتلك الراغبة في الحماية والساعية للإتقان ، وصولا إلى الأنماط المُرعبة الاستبدادية .
ليس هنا المجال لمناقشة كيف ان معظمنا يصف نفسه باوصاف تختلف عن تلك التي يراه الناس بها. فهذا أمر طبيعي ومفهوم .
الجديد في موضوع تصنيف الاباء والامهات هو ما ابتدعه موقع بيرنتس Parents” “ في دراسة متخصصة عن النهج الاستبدادي التسلطي الذي يعتمده الكثيرون من الاهل في علاقتهم بابنائهم. يسميهم " أباء وأمهات الهليكوبترات" وفي هذا النمط يخضع الأبناء الى مشاركة كاملة من الآباء مما تؤثر سلبًا على صحتهم العقلية وثقتهم ،علاوة على فقدانهم مهارات التأقلم والتصرف.
أمثلة على أبوة وأمومة المروحيات
غالبا ما ينطبق وصف "أبوة المروحيات" على المساعدة التي تُقدم للأبناء في أي عمر. مثال على ذلك في مرحلة الطفولة ،التدخل في طريقة اللعب وتوجيه السلوك والمراقبة الدائمة .ثم في المدرسة الابتدائية والثانوية في اختيار النشاطات والأصدقاء وتقديم الراي المتشدد أحيانًا حول العلاقة مع الأقران .وفي الكليات حيث يجري التدخل من طرف الاهل في اختيار التخصصات وأحيانًا في المهام التي يمكن للابناء القيام بها بمفردهم.
أسباب أبوة المروحيات:
هناك العديد من الأسباب التي تبرر تعبير "المروحيّات "منها أن يحاول الآباء منع تعاسة الأبناء وفشلهم . ولأجل ذلك يقدمون لابنائهم المزيد من المساعدة مع محاولة السيطرة عليهم بشكل أكبر لحمايتهم.
يحصل مثل ذلك الافراط في السيطرة على الابناء ، مع الآباء الذين كانوا تعرضوا هم أنفسهم للإهمال كأطفال. او مع الاياء عند رؤيتهم آباء آخرين يتصرفون بهذه الطريقة . يقلدوهم ويتصرفون بمثل الطريقة للتخلص من الشعور بالتقصير.
الآثار على الأبناء
في المقابل هناك تصرفات ابوية استبدادية أخرى كثيرة تكون نابعة من حسن النية ولها فوائد عديدة مثل مشاعر الحب والتوق لتحقيق فرص جيدة في المستقبل.
لكن المشكلة هي انه بمجرد أن تصبح الأبوة والأمومة محكومة بالخوف فعندها تأتي بنتائج عكسية. ووفقا للدكتورة آن دنوولد، طبيبة نفسية مرخصة، فإن الرسالة التي يرسلها الوالدان بهذه الحالات الاستبدادية هي أنهما لا يثقان بالطفل للقيام بأي شيء بمفرده وهذا يؤدي الى انعدام الثقة.فإذا تدخل الاهل بشكل مستديم لمنع حدوث أي مشكلة مع اولادهم فكيف يتسنى للابن أن يتعلم كيفية التعامل مع خيبة الأمل أو الخسارة أو الفشل؟
كما وجدت دراسة أخرى في علم النفس التنموي أجريت في 2018 أن الآباء الذين يتحكمون بشكل مُفرط يمكن أن يتسببوا في اضعاف قدرة الأبناء على تنظيم المشاعر والسلوك .فتصميم الآباء على القيام بالمهارات اليومية لابنائهم حتى بعد أن يكون الأبناء قادرين عقليا وجسديًا على القيام بها مثل تحضير وجبات الغذاء وحتى ربط الأحذية لهم ، ... هذا التدخل يمنع الابناء من اتقان هذه المهارات البسيطة.
وفي نفس السياق، وجدت دراسة 2014 نُشرت في مجلة دراسات الطفل والأسرة أن الإفراط في الأبوة والأمومة مرتبط بمستويات أعلى من قلق الأطفال واكتئابهم. وفيها وجد الباحثون أن الشيء نفسه ينطبق على طلاب الجامعات الذين كان آباؤهم عوملوا بتسلط مفرط.
كيفية تجنب الأبوة والأمومة المروحية
لدى الآباء عمل صعب للغاية، وفقا للدكتورة دنوولد. فهم بحاجة لمراقبة الأطفال من ناحية الضغوط ونقاط القوة والضعف والعواطف، وبنفس الوقت السماح لهم بخيبة الأمل خاصة في فترة المراهقة، ومساعدتهم أثناء التعرض للفشل والوقوف إلى جانبهم، بدون غضب، حتى يكونوا أشخاصًا مرنين وواثقين من أنفسهم. وبخلاف ذلك فإن وصف الاباء المروحيين سيظل يتوارث وينتج اجيالا جديدة من الابناء المعطوبين.