عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Oct-2025

على مشارف دراسة "بيرلس".. كيف تحقق مدارسنا نتائج متقدمة في الاختبار؟

 الغد-آلاء مظهر

 على اعتاب مشاركة الأردن العام المقبل في الدراسة الدولية لقياس مدى تقدم مهارات القراءة لدى الطلبة بيرلس (PIRLS)، رأى خبراء تربويون أن المشاركة في هذه الدراسة تمثل فرصة إستراتيجية للنهوض بجودة التعليم وتعزيز مهارات القراءة لدى الأجيال. 
 
 
وبينوا في أحاديث منفصلة لـ"الغد"، أنه مع اقتراب تنفيذ دورة بيرلس القادمة، يسعى العديد من الدول إلى رفع الجاهزية وتحسين مؤشرات أداء القراءة، على اعتبار أن نتائج هذه الدراسة تمثل مؤشرًا حاسمًا في تقييم فعالية المناهج والسياسات التعليمية.
وقالوا إن ضمان المشاركة الفعالة وتحقيق نتائج متقدمة في الدراسة يتطلب إستراتيجية وطنية شاملة من محاور عدة تبدأ بتطوير أسس تعيين معلمي اللغة العربية ومواءمة المناهج مع معايير PIRLS في مهارات الفهم القرائي، وتضمين إستراتيجيات القراءة التحليلية والناقدة ضمن وحدات اللغة العربية، وتنوع النصوص (السردية، الأدبية، المعلوماتية)، إلى جانب تدريب معلمي الصفوف الأولى على تعليم القراءة وتحليل أخطاء الطلبة، وتصميم برامج علاجية مبنية على نتائج التقويم.
الاختبارات الدولية أداة إستراتيجية
في هذا السياق، أكد الخبير التربوي الدكتور محمد أبوغزلة، أن الاختبارات الدولية تعد أداة إستراتيجية لتطوير الأنظمة التعليمية، خاصة في ظل التحديات المتسارعة التي تفرضها التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، فهي لا تقتصر على قياس التحصيل الدراسي والاجتماعي والشخصي، بل توفر قاعدة بيانات موثوقة تُسهم في صياغة السياسات وتحسين جودة التعليم.
ولفت إلى أن هذه التقييمات تتيح للدول فرصاً ثمينة للمقارنة مع الأنظمة المتقدمة، واستلهام أفضل الممارسات؛ لضمان التقدم المستدام في العملية التعليمية التعلمية وتحسين جودته.
وأكد أبوغزلة، أهمية ألا تُوظف هذه الاختبارات فقط لتحسين النتائج، بل تجب مأسستها كأدوات لتطوير كفاءة وفاعلية النظم التعليمية بجميع عناصرها، وتحويلها إلى ممارسات يومية تعزز جودة التعليم، لا أن تُختزل في غاية الاختبار ذاته.
وأشار إلى أن أهمية اختبار PIRLS تبرز كدراسة دولية تقيس مدى تقدم مهارات القراءة لدى الطلبة وتجرى كل خمس سنوات، وتستهدف طلبة الصف الرابع الأساسي باعتبارهم في مرحلة حاسمة من نموهم الأكاديمي، موضحا أن هذا الاختبار يعد مؤشراً حيويا على جودة التعليم، إذ يقيس قدرة الطلبة على فهم النصوص وتفسيرها، وهي مهارة أساسية تؤثر في تحصيلهم بجميع المواد.
وتابع: "كما يتيح الاختبار للدول تحديد الفجوات التعليمية، خاصة لدى الفئات الاجتماعية الضعيفة، ويساعد في فهم العلاقة بين ضعف المهارات القرائية واستمرار دائرة الفقر".
وبين أن اختبار PIRLS يقيس أيضاً العوامل المرتبطة بأداء الطلبة، مثل البيئة المدرسية، وأساليب التدريس، وأثر المعلمين، ما يتيح للدول تقييم فعالية المناهج  وأساليب التدريس، وتوجيه السياسات التعليمية بدقة لتحسين البيئة التعليمية، وتوفير الدعم والموارد اللازمة لمعالجة فقر التعلم، وبذلك تسهم الجهود في تقليص الفجوات وتقليل الفقر التعليمي، وتعزيز تكافؤ الفرص لبناء جيل يمتلك مهارات قرائية قوية تؤهله لمواجهة متطلبات العصر.
وأضاف أبوغزلة إن الأردن شارك لأول مرة في هذا الاختبار عام 2021 من خلال الورقة والقلم وليس بشكل رقمي، في حين أن غالبية الدول المشاركة قدمت الاختبار بشكل رقمي، وكشفت النتائج عن ضعف كبير في أداء الطلبة في هذا الاختبار، حيث حقق طلبتنا (381) نقطة، بينما كان متوسط الطلبة الدولي (503) نقاط، في حين كان المتوسط العربي (429) نقطة.
وتابع: "أما أعلى متوسط للدول المشاركة فبلغ (587) نقطة أي أن نتائج طلبة الأردن كانت أقل من المتوسط العالمي بـ(122) نقطة، وأقل من متوسط الطلبة العرب بـ(48) نقطة، وجاء ترتيب الأردن سادسا عربيا من بين (8) دول مشاركة، أي قبل مصر والمغرب، بينما كانت المتوسطات للأردن ومصر والمغرب متقاربة، وتقع في المراتب الأخيرة دوليا.
وزاد: "ولضمان مشاركة فعالة وتحقيق نتائج متقدمة في دراسة وتحسين نتائج اختبار PIRLS، يتطلب الأمر إستراتيجية وطنية شاملة من محاور عدة تبدأ بتطوير أسس تعيين معلمي اللغة العربية، إلى جانب تطوير مناهج اللغة العربية من خلال العمل مع المركز الوطني للمناهج، ليشمل التطوير المنهج والمحتوى القرائي، ودمج مهارات الفهم العميق في مناهج اللغة العربية منذ الصف الأول حتى المرحلة الأساسية الدنيا، وتوسيع محتوى القراءة ليشمل النصوص الأدبية والمعلوماتية، وإعادة بناء كتب الصفوف الدنيا لتكون بنائية وتتضمن مهارات وأسئلة يقيسها الاختبار، كما تفعل الدول المتقدمة."
وقال: "كما ينبغي تعزيز جرعة القرائية في المواد الأخرى، وتضمين أنشطة قراءة تفسيرية وتحليلية في كتب الصفوف (1–4)، والتركيز على الفهم لا الحفظ، وتطوير الأدلة الإرشادية للمعلمين، وتشمل الإستراتيجية أيضاً، تدريب معلمي الصفوف الأولى على تعليم القراءة وتحليل أخطاء الطلبة، وتصميم برامج علاجية مبنية على نتائج التقويم، بالتعاون مع الجامعات والمراكز المتخصصة، لضمان تنوع إستراتيجيات تنفيذها".
وأشار إلى أن تحسين النتائج يتطلب أيضا العمل على محور توفير البنية التقنية وتدريب الطلبة على استخدام الأجهزة، لاسيما أن الاختبار المقبل سيكون رقميا على أوسع نطاق، بخلاف ما قدمناه عام 2021 بالورقة والقلم، وسيعتمد على الاستجابات التفاعلية في تقييم الطلبة، كما ستكون عملية التصحيح آلية مؤتمتة لتأكيد جودة التصحيح، وسيتم تطوير أدوات قياس المتغيرات في أداء الطلبة لضمان دقة أثرها.
وأضاف: "كما ينبغي أن تشمل الإستراتيجية تعزيز تبادل الخبرات بين المدارس عبر مجتمعات تعلم القراءة، وتفعيل المكتبات، وتنظيم مسابقات قرائية، وتوظيف التقنيات الرقمية (كالقصص الإلكترونية والتطبيقات الصوتية) لتحفيز الفهم والمشاركة في المنافسات المحلية والدولية."
وأكد أهمية إشراك الأسرة والمجتمع كمحور أساسي في تنمية القراءة منذ الصفوف الأولى، إلى جانب محور الإعلام والاتصال الذي يجب أن تقوده وزارة التربية ومديرياتها عبر حملات مجتمعية على وسائل التواصل، لنشر التجارب الناجحة وتحفيز القراءة، كما يجب أن تركز الخطة الإعلامية على رفع مهارات القراءة لدى طلبة الصفوف (1–4)، بما يحقق نتائج تفوق المتوسط الدولي في PIRLS 2026. 
ورجح أبوغزلة أن تسهم هذه الإستراتيجية في ترسيخ ثقافة القراءة المجتمعية من الروضة حتى الصفوف العليا، وتحسين مشاركة الأردن في الاختبارات الدولية، وصولاً إلى مستوى متقدم في دورة 2026، كما ستنخفض نسبة الطلبة دون المستوى الأدنى إلى أقل من 5 %، وترتفع نسب الأداء العالي في المدارس كافة، مع تحقيق العدالة التعليمية بين الجنسين، وتلاشي الفجوات، إضافة إلى أنها ستتحول القراءة إلى قيمة وطنية تبدأ من الأسرة والروضة، ويقودها معلمون مدربون يمتلكون أدوات فهم الطفل ومتابعته، ضمن شراكة حقيقية بين الوزارة والمديريات والمدارس والمجتمع، لبناء جيل قارئ ومفكر يمتلك أدوات التعلم مدى الحياة.
رفع جاهزية المدارس
بدورها، رأت الخبيرة التربوية الدكتورة حنان العمري، أن PIRLS تعد من أبرز الدراسات الدولية التي تُجريها الجمعية الدولية لتقييم التحصيل التربوي (IEA) لقياس مهارات الفهم القرائي لدى طلبة الصف الرابع الابتدائي في مختلف دول العالم، إذ تمثل مرآة حقيقية لجودة التعليم الأساسي، وتقيس قدرة الطلبة على فهم وتحليل وتفسير النصوص بأنواعها، ما يعكس كفاءة الأنظمة التعليمية في تنمية مهارات القراءة بوصفها أساس التعلم مدى الحياة.
وأضافت العمري إنه مع اقتراب تنفيذ الدورة المقبلة PIRLS 2026، يسعى العديد من الدول إلى رفع الجاهزية وتحسين مؤشرات الأداء في القراءة، باعتبار نتائج هذه الدراسة مؤشرًا حاسمًا في تقييم فعالية المناهج والسياسات التعليمية، لافتة إلى أن المشاركة في هذه الدراسة تعتبر فرصة إستراتيجية لتشخيص واقع التعليم الوطني، عبر مقارنة أداء الطلبة عالميًا وتحديد مكامن القوة والضعف، خاصة في تعليم اللغة والقراءة، كما توفر نتائجها بيانات دقيقة لتطوير المناهج وأساليب التدريس بما يعزز مهارات الفهم القرائي العليا. 
وأكدت أن الدراسة تسهم في تحسين جودة التعليم من خلال تطوير البيئة الصفية وتنمية التفكير النقدي، إلى جانب رفع كفاءة المعلمين عبر تدريبهم على إستراتيجيات القراءة العميقة، كما تُعزز نتائج PIRLS مكانة الدولة التعليمية دوليًا، وتُستخدم في صياغة خطط وطنية ترفع تنافسية النظام التربوي.
وبينت أن الدراسة تسهم في رفع جودة التعليم عبر تحفيز إصلاح المناهج، من خلال كشف الفجوات بين ما يتعلمه الطلبة وما تتطلبه معايير الفهم القرائي الدولية، ما يدفع لإعادة تصميم المناهج لتكون أكثر عمقًا وتكاملًا، كما تعزز الدراسة مهارات التفكير التحليلي والنقدي، وتدعم بناء ثقافة قراءة داخل المدارس عبر أنشطة قرائية مستمرة ومكتبات صفية، ومبادرات تحفّز القراءة الحرة ، إلى جانب تحسين مخرجات التعليم.
ولضمان مشاركة فعالة وتحقيق نتائج متقدمة في دراسة PIRLS، بحسب العمري، يتعين على الدول والمؤسسات التعليمية تبني خطة متعددة المحاور، تبدأ بمواءمة المناهج مع معايير PIRLS في مهارات الفهم القرائي، وتضمين إستراتيجيات القراءة التحليلية والناقدة ضمن وحدات اللغة العربية وتنوع النصوص، كما تشمل الخطة تدريب المعلمين على تعليم القراءة العميقة، وتزويدهم بأدوات لتقويم مهارات الفهم القرائي، وإشراكهم في تحليل نماذج الأسئلة السابقة إلى جانب تعزيز ثقافة القراءة في المدارس، من خلال أنشطة ومسابقات ومكتبات تفاعلية، ودمج القراءة في مختلف المواد الدراسية.
وتابعت: "إضافة إلى ذلك، يجب تهيئة البنية التقنية استعدادًا للتحول الرقمي الكامل في PIRLS 2026، وتدريب الطلبة على استخدام الحواسيب والمنصات الإلكترونية، فضلا عن إشراك الأسرة والمجتمع في دعم القراءة المبكرة وتنمية المبادرات القرائية المدرسية."
وبينت العمري أن المشاركة في PIRLS 2026 تمثل فرصة إستراتيجية للنهوض بجودة التعليم وتعزيز مهارات القراءة لدى الأجيال القادمة، مشيرة إلى أن نجاح الدول في هذه الدراسة لا يتحقق عبر التدريب على الاختبار فقط، بل من خلال إصلاح تربوي شامل يبدأ من تطوير المناهج ورفع كفاءة المعلمين، مرورًا بتفعيل ثقافة القراءة في المدرسة والمجتمع، وانتهاءً بتوظيف نتائج الدراسة لتحسين السياسات التعليمية، وبذلك، تتحول الدراسة من اختبار دولي إلى مشروع وطني شامل لتجويد التعليم.
تقييم القدرات القرائية
من جانبه، اعتبر الخبير التربوي عايش النوايسة، أن الهدف الأساسي من الدراسة الدولية لقياس التقدم في القراءة PIRLS هو تقييم القدرات القرائية والفهم القرائي لدى طلبة الصف الرابع، وهي تجرى مرة واحدة كل خمس سنوات.
وأوضح النوايسة أنه ولتحقيق نتائج تعكس المستوى الحقيقي لطلبة الصف الرابع في الأردن في القراءة والفهم القرائي، لا بد من فهم دقيق لمتطلبات الدراسة وتعزيز المهارات الفهم القرائي لدى الطلبة التي يركز عليها الاختبار، مثل استخراج المعلومات، وتكوين الاستنتاجات والاستدلالات، وتفسير الأفكار، وتقييم المحتوى واللغة، لافتا إلى أن ذلك يتطلب تمكين الطلبة من التعامل مع نصوص متنوعة، تشمل الأدبية بأنواعها، والواقعية والخيالية، إلى جانب النصوص العلمية والمعلوماتية، مع إتقان إستراتيجيات تحديد الكلمات وفهم السياق. 
وأضاف إن العمل التكاملي بين جميع الاطراف المعنية في تعليم اللغة العربية يشكل حجر الأساس في تطوير هذه المهارات وتحقيق نتائج متميزة.
وبين النوايسة أن الاستعداد للاختبار يكون على مستوى المدرسة والصف من خلال التركيز على القراءة الهادفة، بما يعزز الخبرة الأدبية لدى الطلبة من خلال القصص والروايات، ويكسبهم مهارات استخراج المعلومات وتوظيفها. 
وأكد وجوب أن يشمل التدريب مهارات الاستنتاج والتفسير، بما يتجاوز الفهم الحرفي نحو تحليل المعاني الظاهرة والضمنية، كما يقع على عاتق الوزارة ومديرياتها مسؤولية تعريف المعلمين بشكل الاختبار ونماذجه، وتنفيذ اختبارات تجريبية لتأهيل الطلبة، موضحا أن الاستخدام الواعي للمصادر الرقمية يكتسب أهمية خاصة، نظرًا لتضمين القراءة الرقمية في النسخة الحديثة من الاختبار، ما يستدعي تدريب الطلبة على الوصول إلى الصفحات الإلكترونية المناسبة والتنقل بينها بفعالية.