عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    03-Mar-2020

إسـرائيـل وصــلـت الحضــيض.. الإنــــقــاذ بــات مــتــأخــــراً - ب. ميخائيل

 

نعم، هذا بالضبط ما حدث.
ولكن ما هو الخطأ الأول؟ النكبة؟ عدم فصل الدين عن الدولة؟ عدم وجود دستور؟ الأخطاء الفظيعة في استيعاب المهاجرين؟ تيارات التعليم المتعددة؟ الأحلام الوهمية  بـ»يهودية وديمقراطية»؟ حرب سيناء الفاسدة؟ حرب «الأيام الستة» المفسدة؟ حرب «يوم الغفران» الزائدة؟ الاحتلال؟ النفوس التي سُمّمت؟ الغرائز التي حُرّرت؟ الوثنية اليهودية؟ الاستيطان الإجرامي؟ تجاهل ولادة المسخ الأصولي – الوطني؟ الشر الذي لا لبس فيه (ولا مناص منه) للاستبداد العسكري في الأراضي المحتلة في الشرق؟ الغياب المطلق لضوابط الحكم؟ حلقة الفساد؟ جشع لا يشبع؟ الاستخذاء الزاحف للجهاز القضائي؟.
ولكن بماذا يهم كل ذلك؟ حقاً بماذا يهم؟ حيث أصبح الآن كل ذلك خلفنا. أصبح الملاذ من هذه الشعب المرجانية غير ظاهر للعين.
لقد كان هناك من حذروا. وكان هناك من عرفوا ما الذي سيحدث. هرتسل مثلا، الذي حلم في كوابيسه الوردية بدولة متنورة لليهود والعرب، تحارب حاخام شوفينيا يريد السيطرة عليها، وتنتصر عليه.
واللورد نتنئيل روتشيلد، الذي ارسل في آب 1902 رسالة الى هرتسل كتب فيها ما يلي: «أقول لك بصدق إنني أرى من خلال إقامة مستعمرة يهودية، أنها ستكون غيتو مع كل الآراء السابقة للغيتو. دولة يهودية صغيرة وصغيرة جدا، ارثوذكسية وغير ليبرالية، تلفظ من داخلها غير اليهودي والمسيحي».
اللورد ادفين مونتيغيو، الوزير اليهودي الوحيد في حكومة جلالة الملك في حينه، الذي ارسل في تشرين الاول 1917 الى مجلس الوزراء البريطاني مذكرة بعنوان «لاسامية حكومة بريطانيا الحالية». خطأ الحكومة، كتب، يكمن في الموافقة على وعد بلفور، الذي نهايته هي ايجاد قومية مصطنعة في فلسطين. وبهذا إثارة موجات من اللاسامية، التي ستتهم اليهود بالولاء المزدوج وتطالب بإرسالهم جميعهم إلى فلسطين. ويمكن أن نضيف إلى القائمة المزيد من اليهود القلقين. ولكن بماذا يهم ذلك؟ حقا بماذا يهم؟ لقد أصبح هذا من خلفنا.
بعد حرب «الأيام الستة» كانت هناك أقلية رأت إلى أين تسير الدولة. هناك من نشر بعد ثلاثة اشهر على انتهاء الحرب إعلانا في «هآرتس» بتاريخ 22/9/1967، ورد فيه «السيطرة على الاراضي المحتلة ستحولنا الى شعب قتلة ومقتولين». البروفيسور لايفوفيتش وموشيه حاييم شبيرا (المفدال) وبنحاس سفير واسحق بن اهارون، ويمكن اضافة المزيد من الإسرائيليين القلقين الى القائمة. ولكن المارد الديني الذي تسرب من بين شقوق «حائط المبكى» لم يعد ممكنا وقفه.
التتمة كانت كلاسيكية. لا توجد أي دولة محتلة لم تسر في هذا المسار: الروح الفظة، فقدان المعايير، زيادة العنف والقمع، الإدمان على السيادة، الكراهية، الشر والجشع. وبعدها، ممتطيا كل هذه، دائما يصل الى السلطة شخص حقير، فاسد، منفلت العقال، يجمع حوله اتباعا مثله، تجارا للكراهية ومسوقين للشر وراقصين على الدماء وكهنة يقدسون الخالق بالفم ومحتالين في جيوبهم. والجمهور دائما أسير سحرهم. لأن الكراهية دائما أقوى من التنور. والمعتقدات هي دائماً أقوى من المنطق البارد. والغرائز منفلتة العقال هي دائما مغرية أكثر من المعايير الكابحة.
هكذا وصلنا إلى الحضيض. من هنا نرى الظلام الذي يوجد في قاع الشعب المرجانية. إذاً، ما الذي سيكون فيما بعد؟ «لقد صنع الله معروفا مع إسرائيل عندما شتتها بين الأمم». وهذا سيكون عزاءنا.
«هآرتس»