معاريف
حذر رئيس جهاز الأمن العام “الشاباك” مؤخرا أعضاء الكابينت السياسي الأمني من مغبة آثار الخطوة التي بادرت اليها الحكومة لاقتطاع أموال السلطة الفلسطينية. وذلك، بالتوازي مع محاولات التسوية مع حماس، الخطوة التي معناها اعطاء جائزة للمنظمة التي تمارس العنف ضد مواطني إسرائيل، بينما معنى اقتطاع الأموال معاقبة السلطة التي يقدرها جهاز الأمن العام والجيش الإسرائيلي كشريك في مساعي احباط الهجمات في يهودا والسامرة.
في الوقت الذي يكون فيه من الحيوي التخفيف من أزمة سكان القطاع، سواء بسبب الجانب الإنساني، ولكن ما لا يقل عن ذلك بسبب تأثير أزمتهم على عدم الاستقرار الأمني، فان على حكومة إسرائيل أن تحذر من الرد على عنف حماس بخطوات تزيد فقط تقديرها بأن “إسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة” وبالتالي فان استخدام العنف سينتج مزيدا من التسهيلات.
مع كل قيود ونواقص السلطة الفلسطينية فان استقرار السلطة الفلسطينية، الذي يضمن استمرار التعاون الأمني ويبعد إسرائيل عن إدارة وتمويل احتياجات ملايين الفلسطينيين، هو مصلحة إسرائيلية. من هنا الحاجة للامتناع عن كل خطوة تضعضع استقرارها، بل العمل على تعزيزها، وتعزيز دوافع أجهزة أمنها. خير تفعل الحكومة إذا ما عملت بروح تحذير رئيس المخابرات.
يمكن عمل ذلك من خلال الدفع إلى الأمام بتسوية مع السلطة اساسها عودتها التدريجية لادارة القطاع. هذا الاتفاق سيتضمن ضمانات إسرائيلية في أنه طالما لم ينزع سلاح حماس وتعمل السلطة بنجاعة لفرض وقف النار، لن يرد الجيش الإسرائيلي ضدها في حالة قامت جهة ثالثة بخرقه. وبالتوازي، فان المقدرات لاعمار القطاع – التي توقفها الدول المانحة طالما يلوح أنها ستعزز حماس وطالما لم يستقر وقف نار طويل المدى يضمن الا تضيع استثماراتها هباء في جولة عنف إضافية – تستثمر بواسطة أجهزة السلطة. وهكذا تمنح السلطة قدرة على ان تظهر لسكان القطاع فضائل حكمها على فترة حماس القاتمة. ويشكل التمويل الدولي بطاقة دخول السلطة إلى غزة، بدلا من أن يكون رافعة تعاظم لقوة حماس. كما ستستكمل سيطرة السلطة في غزة ، بما في ذلك كل صلاحيات انفاذ القانون والنظام، وكذا حماية المعابر والحدود.
مفهوم من تلقاء ذاته ان كل تقدم في مخطط إعادة السلطة واعمار القطاع سيشترط بالالتزام المتشدد لوقف النار بكل اشكالها وإعادة جثماني الجنديين اورون شاؤول وهدار غولدن وتحرير المواطنين ابرا منغيستو وهشام السيد. توجد غير قليل من الموانع في الطريق لتطبيق المبادرة المقترحة هنا وعلى رأسها معارضة رئيس السلطة ورئيس حكومتنا. والاستنتاج الواضح هو أن الظروف في قطاع غزة والمنطقة بأسرها تسمح بتنفيذ الخطة وتدحض بالتأكيد الادعاء بان الخيار أمام إسرائيل هو فقط بين وهم “ضربة واحدة وانتهينا” وبين دفع الخاوة لحماس.
وإذا لم يكن كل هذا بكاف، جدير ان تسأل الحكومة ما هي المخاطرة في فحص البديل المقترح؟ إذ انه إذا نجحت المبادرة فسيتحقق أخيرا الاستقرار في الجنوب لفترة زمنية ذات مغزى.
إذا تبين أن حماس خرقت شروط التسوية، لن نقف أمام تحد أمني يختلف جوهريا عما هو قائم اليوم. فضلا عن ذلك، فان مجرد التجربة، التي تجسد جدية نواياها، ستحس شروط الساحة الاقليمية والدولية لحالة الا نتمكن من الامتناع عن الهجوم في القطاع.
واضح أن طريق الحكومة، الذي معناه تعظيم قوة حماس وضعضعة استقرار السلطة، من شأنه أن يؤدي الى واقع يكون فيه الى جانب حزب الله من الشمال سنلتقي حماس مقوية من الجنوب. اضافة الى ذلك، فان اضعاف السلطة سيضعضع الاستقرار وينتج موجة عنف من الشرق ايضا، في ارجاء يهودا والسامرة. أحد لا يعرف اذا ما تحققت سيناريوهات التهديد أم لا. أمر واحد يجب ان نسأله: لماذا تخاطر حكومة اسرائيل في المساهمة بتحقق هذه السيناريوهات ولا تعمل على منعها.
*عميد احتياط، الرقيبة العسكرية
الرئيسة، عضو في لجنة ادارة حركة قادة من أجل أمن اسرائيل