الغد
تحت شعار (كلنا إيجابيون)، دعا المؤتمر الثاني للاستجابة لفيروس نقص المناعة البشري والصحة الإنجابية والجنسية لتعزيز الحوار الإيجابي ومناقشة التحديات والإنجازات في هذا المجال. مواضيع متشابكة ومعقدة تناولها المؤتمر، مثل التوعية بخطورة الفيروس، إتاحة الفحوصات السريعة والذاتية، وتعزيز البدء بالعلاج الفوري عند ثبوت الإصابة. خاصة وأن العلاج المبكر يحقق فوائد متعددة، منها الحد من انتشار الفيروس وتحسين نوعية الحياة للمصابين.
عبد الله الحناتله، مدير مركز سواعد التغيير والمنظم للمؤتمر، قال بأن شعار "كلنا إيجابيون" يعكس رغبة المجتمع في التصدي للتحديات من منظور إيجابي، داعيا الجميع للعمل على إزالة الحواجز الهيكلية التي تعيق الوصول إلى المعرفة والخدمات الصحية. ولفت إلى أن الوصول إلى هذه الخدمات حق من حقوق الإنسان، يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة التي تسعى لتحقيق العدالة الصحية والاجتماعية.
وقد علمنا أثناء المداولات بأن الترابط وطيد بين الصحة الإنجابية وفيروس نقص المناعة البشري حيث انها معضلة عالمية، كما أشار إيلي الأعرج، الرئيس التنفيذي لشبكة (مينارة) للشرق الأوسط وشمال افريقيا، إلا أن المرض يستمر كحالة مزمنة يمكن التعايش معها عبر الوقاية والعلاج المبكر. ومن خلال اعتماد سياسات صحية واجتماعية تعطي الأولوية لحقوق الإنسان بدلاً من العقاب والتجريم. خاصة وان تعاطي المخدرات بالحقن يزيد من خطر الإصابة بفيروس نقص المناعة- الايدز بأضعاف مضاعفة، مما يستدعي منهجية "خفض الضرر" التي تسعى إلى تقليل المخاطر عبر توفير العلاج والتأهيل وخفض الوصمة الاجتماعية المرتبطة بمتعاطي المخدرات.
أحد أكبر التحديات التي تواجه المصابين بفيروس نقص المناعة البشري هو الوصمة الاجتماعية وضعف الوعي العام. ورغم وجود قوانين دولية ومحلية تحمي حقوق المصابين، فإن تطبيقها يواجه عوائق ثقافية واجتماعية. ومن هنا فلا بد من تعزيز الحماية القانونية، وتنفيذ تشريعات تحترم حقوق المصابين، والعمل على تغيير المواقف المجتمعية من خلال التثقيف والحوار.
ولهذا كان لا بد من التوجه للقادة الدينيين والمجتمعيين والحقوقيين واعطاء رسالة واضحة بضرورة إظهار التعاطف والمحبة تجاه المتأثرين بفيروس نقص المناعة، مع التأكيد على ضرورة تغيير النظرة المجتمعية السلبية التي تعيق المصابين من السعي للعلاج. فالشراكات بين القيادات الدينية، الأكاديمية، والإعلامية مهمة جدا لتحقيق التغيير الإيجابي المنشود بكل محبة وشفقة للمعاناة الشخصية الشديدة للمتأثرين بهذا المرض، سواء بصورة مباشرة أوغير مباشرة. إلاّ أن، ميل المجتمع للحكم على الغير واللوم قد الصق وصمة عار على المصابين بفيروس نقص المناعة/الإيدز.
شكل هذا المؤتمر منصة للحوار العلمي والحقوقي، حيث سلط الضوء على قضايا رئيسية تتعلق بالحقوق الصحية والاجتماعية. ومع التأكيد المستمر كل عام باليوم العالمي للايدز بتعزيز التوعية والتثقيف المجتمعي، مع التركيز على الوقاية والتشخيص المبكر، لتحقيق بيئة أكثر إنصافًا ودعمًا للمصابين بفيروس نقص المناعة البشري والمهددين بالمخاطر الصحية المرتبطة به.
شعار "كلنا إيجابيون" اذن ليس مجرد كلمات، بل دعوة لعمل جماعي يعكس قيم التعاطف والتضامن المجتمعي.