عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Oct-2019

ترامب یأخذ العالم الحر لجولة خطیرة - بقلم: موشیھ بن عطار
ھآرتس
 
إن قرار الرئیس الأمیركي ترامب الانسحاب من شمال سوریة وتمكین تركیا من تغییر المعادلة الاستراتیجیة في المنطقة، یجب أن لا تفاجئ أي أحد. الولایات المتحدة برئاسة ترامب غیر معنیة بما یجري في العالم، إلا اذا كان ذلك متعلق بشكل مباشر بمصالحھا. ھي مستعدة للتدخل فقط عندما یكون الأمر متعلقا بالإرھاب أو بتھدید مباشر لأمنھا القومي. وعندما لا یتوفر ھذان الشرطان، فان حلفاء مثل الاكراد یتركون لمصیرھم.
سیاسة ترامب ھي ”أمیركا أولا“، لكن یجب عدم الدمج بینھا وبین الانفصالیة. ھذه سیاسة معلنة لترامب وباسمھا تم انتخابھ. الأمیركیون لا یریدون سفك المزید من الدماء في نزاعات بعیدة وضارة. ھل شاھدوا نتائج الحرب في افغانستان والعراق وتساءلوا: ما الذي سنستفیده من ذلك؟
باسم مصلحة الولایات المتحدة أعلن ترامب عن الانسحاب من سوریة وعزز القوات الموجودة في السعودیة بثلاثة آلاف جندي.
الخط الذي وجھ راسمي السیاسات في واشنطن منذ الحرب العالمیة الثانیة ھو أن السیاسة الخارجیة ھي سیاسة داخلیة. أي أن سیاسة خارجیة قویة وناجحة تقوي امریكا ایضا داخل حدودھا. ترامب ینتقد ھذا الافتراض الاساسي، وعملیا ھو اعلن الحرب على المؤسسة الامریكیة. نتائج سیاستھ المتسرعة یمكن ملاحظتھا الآن في الشرق الاوسط، مثلما في اماكن اخرى في العالم. الولایات المتحدة تنازلت عن الصدارة العالمیة، ودول لھا قدرة تستغل ھذا الامر لتحقیق مصالحھا.
ایران بالطبع ھي الدولة الاولى التي لاحظت ھذا الضعف. الزعماء فیھا یعرفون كیف یستغلون بنجاعة الفرصة المتاحة بسبب الضعف الأمیركي، وشد الحبل حتى النھایة والدفع قدما بخططھم من اجل الحصول على الھیمنة الاقلیمیة. اذا كان المجتمع الدولي لن ینشئ في المستقبل القریب اتفاقا جدیدا لتقیید تطویر المشروع النووي الإیراني، فان استقرار الشرق الاوسط سیتضعضع بشكل أكبر. یمكن الافتراض أن الاحداث الاخیرة بالذات ھي التي ستسرع اتفاق جدید مع ایران، ولیس بالضبط اتفاق یھديء من روع اسرائیل.
زعیمة العالم الحر حظیت بقوتھا الدولیة، ضمن أمور أخرى، بفضل صدق ردعھا. وما بقي من كل ذلك الآن ھو الشعار الاجوف ”لنجعل أمیركا عظیمة مرة اخرى“. الولایات المتحدة ستعلن وستضغط وستفرض عقوبات وربما ستھاجم بصورة رمزیة ھنا وھناك، لكن فعلیا، من كانوا قریبین من طاولتھا ویحصلون على رعایتھا، سیجدون أنفسھم معزولین، أمام إیران وفي مراكز احتكاك اخرى في العالم. التحدیات العالمیة تقتضي قیادة متحررة من رؤیا قومیة ضیقة. ترامب ھو عكس ذلك، وفي ھذا یكمن خطر كبیر.