في عالم الطب.. “اسأل مجرب ولا تسأل خبير” اعتقاد قد يجلب الضرر
عمان-الغد- لأسباب عديدة يلجأ الكثير من الناس إلى غير الأطباء المختصين للمساعدة على علاج الحالات الطبية، فيقوم الشخص صاحب الحالة بالسؤال لمن حوله عن كيفية علاج حساسية الجلد، حروق الشمس، البثور التي تظهر على الجلد، أو عن سبب وعلاج ألم في منطقة ما أو حكة وما إلى ذلك.
ويتعدى ذلك أحيانا إلى قيام البعض بنشر الحالة الطبية على منتديات ومجموعات ومواقع غير طبية، فتأتي الردود بالمئات من الوصفات الشعبية، الكريمات والمراهم الطبية أو حتى علاجات عبر الفم من الصيدلية.
حتى أننا نجد الآن أن غالبية المحتوى الطبي والنصائح على مواقع التواصل الاجتماعي هي من غير الأطباء المختصين؛ فيقوم من يعرف بالمدون (blogger) بتقديم النصائح والعلاجات لأمراض الجلد والبشرة، ويقوم الصيدلاني بإنشاء صفحة لاستقبال الاستشارات الطبية بشتى فروع الطب ووصف العلاجات.
قد يعتقد الكثيرون أنه لا ضرر من تجربة العلاجات المختلفة لعلاج الحالة الطبية بدون اللجوء إلى الطبيب المختص، إلا أن العواقب لذلك وخيمة، وفيما يلي بعض ما يترتب على العلاج ونصائح غير الأطباء الاختصاصيين:
التأخر في التشخيص مما يضر بالحالة الطبية؛في الكثير من الحالات الطبية يعد التشخيص المبكّر مهما من أجل العلاج السليم للحالة، والأمثلة كثيرة، فالتأخير في علاج الحزام الناري مثلا قد يترتب عليه آلام ما بعد الحزام الناري والتي قد تستمر لسنوات.
تغيير واختلاط في الحالة الطبية نتيجة استخدام العلاجات الخاطئة؛ فمثلاً استخدام كريمات الكورتيزون لعلاج الالتهابات الجلدية البكتيرية والفطرية يؤدي لتفاقمها وتغيير صورة المرض، مما قد يؤخر التشخيص السليم والعلاج المناسب.
التفاعلات الدوائية؛ فاستخدام العلاجات من غير الأطباء الاختصاصيين قد يؤدي لتفاعلات دوائية تضر بصحة المريض، فبعض الأدوية المعقمة للأمعاء مثلاً اذا اجتمعت فإنها تؤدي إلى حالة طارئة من التهاب الجلد وتقشّره بشكل كلي، مما يستدعي دخول المريض لوحدة الحروق.
انتشار المقاومة البكتيرية للمضادات الحيوية، مما ينتج بكتيريا أشد فتكا وأقل استجابة للمضاد الحيوي، ومثال ذلك استخدام المضادات الحيوية لعلاج العدوى الفيروسية بأنواعها كالرشح والانفلونزا.
انتشار ثقافة العلاج لدى غير الأطباء المختصين تكبد المريض مبالغ طائلة لعلاج مضاعفات الحالة الطبية، والتي كان من الممكن أن تكون أكثر سلاسة عند مراجعة الطبيب فور ظهور الأعراض.
إن التقدم الطبي الذي وصل له العالم يتطلب وجود أطباء اختصاصيين بشتى مجالات الطب، وذلك للحرص على متابعة كل المستجدات في ذلك المجال لتقديم الرعاية الأفضل للمريض، فطبيب القلب لا يستطيع تشخيص حالات الجلد وعلاجها، كما لا يستطيع طبيب الجلدية علاج حالات تصلب الشرايين وانسدادها.
فللأطباء الاختصاصيين حدود وكل في مجاله، فكيف لا يكون هنالك حدود لغير الأطباء في التشخيص والعلاج والإرشاد الطبي؟
الدور يأتي بدايةً من معرفة المريض أن الطريق الأقصر للعلاج هو مراجعة الطبيب الاختصاصي، يأتي من امتناع من هم حول المريض من تقديم النصيحة لما قد تحتوي في طياتها من ضرر محتمل للمريض، يأتي من المسؤولين عن التجمعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي برفض نشر الحالة الطبية كحالة للنقاش وسرد النصائح، ويأتي من الصيدلاني بتوجيه المريض للاختصاص المناسب في الطب للتشخيص والعلاج.
الدكتورة راية حجازي
اختصاصية الجلدية والليزر والتجميل الطبي