عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Dec-2019

انتهى السحر - بن كسبيت

 

معاريف
 
بنيامين نتنياهو لم يتخلّ حتى اللحظة الاخيرة. بخلاف الانطباع الخارجي، والذي بموجبه لم يحصل شيء طوال كل يوم امس، في القنوات السرية اعتمل النشاط.
في الساعات المتأخرة من مساء أمس أيضا واصلت الرسائل تنتقل من هنا الى هناك بطريق ليست بطريق. فقد ناشد نتنياهو من ناشده كي يناشد أزرق أبيض اعطاءه ثمانية اشهر في المنصب. ومقابل هذا، وافق على أن يبلغ رئيس الكنيست خطيا تخليه عن الحصانة. في أزرق أبيض لم يوافقوا على السماع عن ثمانية اشهر. فالصفقة الاصلية كانت نصف سنة. فضلا عن هذا يطرح السؤال من سيتخذ الخطوة الاولى؟ اذا أعلن نتنياهو عن التخلي عن الحصانة، فلا يمكنه أن يندم. هذه خطوة لا مرد لها. ماذا سيفعل اذا ما تنكر أزرق أبيض لوعوده؟ وبالعكس: اذا وافق أزرق أبيض على صيغة اللحظة الاخيرة التي اقترحها نتنياهو، قبل أن يبلغ نتنياهو رئيس الكنيست، فمن سيضمن للغانتسيين الا يختفي بيبي في اللحظة الاخيرة ويترك أزرق أبيض مع مصداقية محطمة وخرق وعد للناخب؟
في النهاية هذه قصة مصداقية. المخطط الذي كشفت عنه “معاريف” يوم الاثنين الماضي كان حقيقيا، ولكن بـ “طريقة نتنياهو”. فما هي طريقة نتنياهو؟ هذه هي الطريقة التي من خلالها يخدع كل العالم منذ أكثر من عشرين سنة. فهو يجري مفاوضات مضنية، مفصلة، مركبة ومكثفة، يستنزف الطرف الاخر، ولكن يعرض تنازلات ايضا.
المشكلة هي أنه يجري المفاوضات من خلال رسول. بشكل عام اسحق مولكو، ولكن ليس هو فقط. اما في لحظة الحقيقة، عندما ينبغي صرف الشيكات، يختفي نتنياهو. مولكو؟ عمل بناء على رأيه الخاص. اتفاق لندن؟ مناورة اكاديمية من الامريكيين. مسار كيري؟ مسودة غير ملزمة واقتراح امريكي. مسار بيرس – ابو العلاء او بيرس – ابو مازن؟ الأمر ذاته بالضبط. المفاوضات مع بوجي عن الوحدة؟ لم تنضج. نتنياهو يبقي على مسافة عن الاقتراحات، كي يتمكن بعد ذلك من التنكر للتنازلات. هكذا نغصت عيش عدد لا يحصى من الزعماء، الرسل والوسطاء على مدى الزمن. والآن يعجب فجأة من أن احدا لا يصدق كلمة له.
ان المخطط القضائي الذي بناه بجهد جم الرسل المختلفون، بعلم أزرق أبيض، خلق مبنى لا يمكن لاحد ان يتحرر منه. كان يفترض بهذا ان يكون سلاح يوم الدين لأولئك الذين اعتقدوا انه يمكن اعطاء نتنياهو نصف سنة اخرى في الحكم. فقد قالوا: “هو لن ينجح في الهروب من هذا”، ولكن نتنياهو كان هذه المرة ضحية صورته. المقابر السياسية مليئة بالقبور الجماعية لاولئك الذين دخلوا معه في “مخطط” أو “حلف” أو أي مفاوضات. كلهم حملتهم الروح. وتناثر رمادهم في حقول الصيد الخالدة. والآن، حين بدا صندوق ائتمانه خاليا من أي ثقة، حاول ان يحقق لنفسه مزيدا من الاشهر في المنصب، وذلك على ما يبدو كي يحاول الوصول الى صفقة قضائية هينة مع الجهاز القضائي الذي يحاول هو نفسه تفكيكه بالتوازي. اذا لم يتغير أي شيء دراماتيكي في الساعات الثلاث الاخيرة حتى انتهاء الـ 21 يوما، فهم نتنياهو أمس بأنه انتهى الاحتفال، انتهى السحر. وهو يقف الآن امام نفسه ومصيره، وفرصه غير لامعة.