عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-Mar-2019

الشعر حارس بوابة الإبداع وسید الفنون (شعراء ونقاد)

 

عمان – رفض شعراء ونقاد ان یكون الشعر قد اخلى موقعھ في المشھد الابداعي للروایة، ”فالشعر حارس الفنون الادبیة الابداعیة وسیدھا، على الرغم من تراجع اھتمام بعض شرائح المجتمع والمؤسسات الرسمیة والخاصة“. یقول الناقد الدكتور زیاد الزعبي لوكالة الانباء الاردنیة(بترا)؛ ”مثّل الشعر العربي في مراحل حیاتھ الممتدة عمیقا في الثقافة العربیة عبر قرون الفن الأكثر تأثیرا وحضورا في المحتمع العربي، فقد مثل الفن المعبر عن القضایا التي تشغل الإنسان العربي ویحاور الأسئلة التي تشغلھ ویعبر عنھا تعبیرا فنیا، یملك القدرة على التواصل مع المتلقي والتأثیر فیھ، أي أنھ كان ینبثق في موضوعاتھ ولغتھ من الإطار الذي یتخلق فیھ ویعبر عنھ“.
ّ الزعبي یرى ان الشعر تحول في معظمھ، إلى بنى فنیة جمالیة خالصة وفقد كثیرا من إمكاناتھ في التواصل مع المتلقین والتأثیر فیھم، كما أن البنیة الثقافیة والاجتماعیة العربیة الراھنة تمعن في الاستجابة لمعطیات الواقع المعاصر الذى أتاح وسائل تواصل أكثر تأثیرا وقربا لغویا وفكریا وبصریا، مما أدى إلى اجتماع أكثر من مؤثر في جعل الشعر العربي الیوم یفقد كثیرا من تأثیره وحضوره، وھي مؤثرات یتعلق بعضھا بالشعر نفسھ وبعضھا بالتحولات العمیقة التي أصابت بنى المجتمع وثقافتھ وخلقت بالتالي ھوة حقیقیة وبین فن الشعر المكتفي بالجمالیات.
الناقد الدكتور عماد الضمور الذي لم یقر بتراجع الشعر بقدر ما تراجع الاھتمام بھ، اكد لــ(بترا)
انھ منذ العصر الجاھلي وحتى الآن الشعر دیوان العرب، لافتا الى ان ما حدث في وقتنا المعاصر ھو عدم وجود مؤسسة حاضنة للشعر، ”فبعدما كانت القبیلة تحتفي بالشعراء المبرزین، وتجعل منھم رسل محبة وسلام، وقادة رأي، وجنود یدافعون عن القبیلة، ومن بعد عن الدعوة الإسلامیة، ببلاغة الكلمة وروح المعنى، إلا أنھ للأسف الآن لا ناصر للشعر من المؤسسات على اختلاف توجھاتھا الفكریة“ .
وعزا ما وصفھ بــ ”طفرة الروایة“ إلى الانفجار المعرفي الھائل الذي یشھده العصر في ظل  یعلي من الفنون السردیة، بل أنھ یتیح المحال للسرد إبداعا  ثورة تكنولوجیة أفرزت فضاء رقمیاً وتلقیا، موضحا انھ استخدم مفردة ”طفرة“ لأن الشعر أكثر خصوبة ودیمومة وتأثیرا.
وشدد على أن الشعر سیبقى سید الأجناس الأدبیة والفنون الابداعیة ما بقیت السلیقة العربیة الصافیة.
ولفت إلى ان الحدیث عما تعانیھ الأجیال من فساد السلیقة وھو فساد قاد الى تراجع الشعر لان
كثیر من المتلقین لم یعودوا مخلصین للشعر وتلقیھ بسبب الثورة التكنولوجیة التي أخلت بمعادلة
التلقي الصافي للشعر والانحیاز للسرد بتوظیف الاجناس الابداعیة الاخرى، معتبرا أن الجوائز المالیة الكبیرة المخصصة للروایة جعلت كثیرا من المبدعین یتوجھون للروایة على حساب الشعر الذي ینتظر عودة قویة. وقال الناقد والشاعر الدكتور راشد عیسى؛ ”سیبقى الشعر حارس الفنون جمیعا، والمعبر الأول عن علاقة الوجدان بالوجود، فلا التغیرات الاجتماعیة ولا التحولات السیاسیة قادرة على ازاحة مكانتھ الفنیة“.
ورأى الدكتور عیسى أن ما یشھده الشعر من تحولات شكلیة ھو امر بدھي ضروري، مؤكدا انھ
لا یخشى على الشعر ولا على اللغة العربیة، وأن الشعر لن یھتز امام الروایة ولا امام السیاسة، وسیظل الحصان الاسطوري الذي یصھل في السماء، واذا كان ھناك من تخوف على حالة الشعر فھو كثرة المدعین وارباع المواھب الشعریة وما وفرتھ لھم وسائط التواصل الاجتماعي من سھولة النشر.
وقال ”الشعر اعظم المظاھر الحضاریة الخالدة للعرب، وسیبقى فائزا بقصب الرھان“.
ّ وقال الشاعر الدكتور حكمت النوایسة ”أظن أن الشعر لم یغادر لا منزلھ ولا منزلتھ، وھو كما  ھو، ونحن الذین غادرنا وعینا وفھمنا لمكانة الشعر على مر ّ العصور، فھو مھم ّ إن كان حارا قاسیا یقسو على أولي الأمر، وھو بلید، وغیر مھم عندما لا یھتم بأمر العامة، ولیس بینھ وبینھم
روابط مشتركة، ھذا حال الشعر الجید الآن.
وتابع ”أما الشعر الذي یجتر التجارب السابقة، ویوظفھا في البحث عن النجومیة، فإن (سوقھ ماشي) بحسب وصفھ، وتجد لھ من الأصداء الكثیر الكثیر“.
وبحسب الدكتور النوایسة ان الأمر ینطبق على الفنون الأدبیة الأخرى، فالروائي الملتزم دینیا أو ّ قومیا، ووراءه حزب أو حلف، فإنھ سیصبح أكثر الروائیین شھرة لأن الاعتماد لیس على فنیة ّ الروایة وجد ّ ة أفكارھا، وإنما على الجمھور المحرك بالریموت كونترول، من الجھات الحزبیة،  أو على الجمھور غیر المعني بالفني بقدر بحثھ عم ّ ا یعب ّ ر عما یرید، أو عما یعرف تماما، وھذه مشكلة المشكلات، معظم جمھورنا یرید منّا أن نكتب الأشیاء والموضوعات والمضامین التي یعرفھا ھو ولا یستطیع التعبیر عنھا.
واعتبر أن الشاعر صاحب الجمھور العریض؛ ھو الشاعر الذي یتخلى عن ذاتھ وینتقل إلى التعبیر عن الناس، فھو أشبھ ما یكون بالباكیة المستأجرة. وقال ”أنا ھنا لا أدعو إلى الابتعاد عن ھموم الناس، وتطلعاتھم“، داعیا إلى تقدیم ذلك بفنیة عالیة، والارتقاء بذائقة الجمھور، أولا، وثانیا اقتراح أفكار وموضوعات جدیدة لم یعرفھا الجمھور.
وأكد أن الشعر ما زال یحفظ منزلتھ، ولم یتغیر، ولم تتغیر المنزلة، وعلى العكس، زادت مكانتھ نتیجة الثراء في التنوع الفني والتطور الحداثي الذي طرأ على القصیدة العربیة، مشیرا إلى انھ لدینا القصیدة العمودیة المتطورة جدا، وقصیدة النثر، وقصیدة التفعیلة، والشعر الحر، وغیره، وكل لھ جمھوره الخاص، ھذا فنیا، وأما موضوعیا، فلدینا الشعر الفلسفي، والشعر التأملي، والشعر الوقائعي، والشعر الواقعي، وشعر الحب وشعر الحرب، والشعر الصوفي، والشعر المتصوف، والشعر الدیني الوعظي.
واعتبر ان المكانة المھمة التي یأخذھا الشعر على منصات التواصل الاجتماعي من المتابعات، تؤكد أن الشعر موجود وباق، ولكن المؤثر علیھ ھو مشكلة المشكلات، وھي مشكلة التعمیم، التعمیم الخاطئ غیر المستند إلى أي دراسة.
الدكتور النوایسة لم یعتبر ان الشعراء الذین ذھبوا لكتابة الروایة یوصفون بـ“التحول“ بل إنھا الكتابة التي تجعل الكاتب یتقید بشروطھا، فما یصلح لأن یكون قصیدة ربما لا یصلح لأن یكون روایة، أو قصة، وھكذا، وإذا كتب الشاعر روایة، فإنھ لم (یتحول)، وإنما یكتب بفن جدید، وبقي الشاعر فیھ لم یغادر مكانتھ.
وعن حالة النقد والشعر قال ”لا یوجد نقد عربي بالمعنى الصحیح، لا یوجد نقد عربي أصیل“، لافتا كذلك إلى محدودیة النقاد مقارنة مع الكم الكبیر من الإنتاج الإبداعي.
ُواعتبر الناقد والشاعر الدكتور ناصر شبانة؛ أن أّمةٌ َ تفتقد كرامت َ ھا وفرسان ّ ھا تتنك ُر ِ لشعرائھا“.
وقال ”ارتبط الشعر العربي منذ وجوده بالفحولة والفروسیة والإباء، فالشاعر فارس الكلمة، ً والكلمة أخت السیف في المنعة والقوة، وحین كانت الأمة بعافیة، وسیفھا مشھرا ورایتھا خفاقة، َ كان الشاعر لسان حالھا، وعنوان رجائھا ورجولتھا، معتبرا انھ ”من الطبیعي حین تنكسر الأُمة، وتریق ماء كرامتھا، وتنكمش على ذاتھا باكیة خائفة، أن ینمكش الشاعر، ویتحول إلى مھرج یرقص على الحبال“.
ورأى انھ ”إن بقي الشاعر على عنفوانھ وإبائھ، فإن القوم لا بد أن یتبرؤوا منھ، وأن یرفضوا طروحاتھ الثائرة، وأن یتھم بالمروق والخروج على القبیلة، وھذا بالضبط ما یحدث الآن، فقد بات الشعر منبوذً ا لأنھ المحرض والثائر، ولأنھ الفارس والمقاتل، ولأنھ یمتلك الأنیاب والمخالب“.
وبحسب الدكتور شبانھ إن المطلوب من الشاعر أن یتكیف مع الھزیمة، وأن یعترف بھا، وإلا ثارت علیھ القبائل العربیة، ونبذتھ كما نبذت صعالیكھا الأوائل، خوفًا من بطش الآخر الغریب، الذي یرید تجرید الأمة من كل أسلحتھا، وھل أفتك من سلاح الكلمة، وقذیفة القصیدة.
وقال ”سیظل الشعر على حالھ، حتى تنھض الأمة من كبوتھا، وتخرج من رمادھا كطائر الفینیق، حینئذ ستمجد شعراءھا، وتحتفي بھم بوصفھم المقاتلین الأشداء، والشھداء الذین أسھموا في إعادة الأمة إلى حقل كرامتھا، وبستان إبائھا“.
ورأى الشاعر والزمیل غازي الذیبة؛ أن الشعر العربي یخوض معركة بقاء، معتبرا أن السھل والساذج في الكتابة فاز في الحضور، على العمق والاستشراف.
وقال الذیبة ”مذبحة مریعة للجمال تمت على یدي القبح، ووجھت أجیالا جدیدة الى كتابة ما یسمى بـ“الروایة الجدیدة“، ورصدوا ملایین الدولارات لجوائزھا ونشرھا، فانسلخ شعراء كثر عن الشعر وذھبوا الى الجوائز والانتشار السریع، وقلدھم ھواة أدب ساذجون، بعضھم نال جوائز كبیرة، مع انھم لا یستحقون...“.
واعتبر انھ لم یعد للشعر مكان، حتى أعظم شعراء العربیة حین تذكرھم الیوم لا تجد من یعرفھم
من الاجیال الجدیدة، محملا المؤسسات التعلیمیة المسؤولیة التي اعتبرھا ھي الاخرى لعبت دورا في طرد الشعر.
وقال ”فعلیا المؤسسة الرسمیة العربیة تھاب من الشعر، لانھ التعبیر الاصدق عن العربي وواقعھ، لذا قذفتھ بصواریخھا المدمرة، وھي تحاول انھاءه، حتى لا یعود ویحرض علیھا، وتركوا الروایة لكي تتسید المشھد، لانھم یعلمون بأنھا أقل تأثیرا من نملة علیھم“.
ٌ الشاعر مھدي نصیر؛ رأى انھ ربما كان ھناك أسباب موضوعیةٌ لتراجع حضور الشعر, أھمھا ھو القطیعة بین مدارس الشعر العربي المعاصر والمتلقي العربي الذي ما زالت ذائقتھ الشعریة َّربى بالمدارس والجامعات على القصیدة الكلاسیكیة بإیقاعاتھا الخارجیة الحماسیة العالیة مماتُ في وعي المتلقي وخلق مناخات ٍ جدیدة یحجب اللغة عن ممارسة دورھا في الحفر عمیقاً وبعیداً لتلقي الشعر بصورتھ المكتوبة ولیس صورتھ الشفاھیة الإیقاعیة الطاغیة .
َّ ولفت نصیر إلى انھ لا بد ٍ للناقد الحاذق أن ینتبھ لقضیة ٍ مھمة تتعلق بأشكال الشعر العربي المعاصر العمودي والتفعیلي والنثري، وأنھا تتجاور وتتنابز وتتمترس ولا تعترف بشرعیة تعاقبھا وتناسلھا من بعضھا البعض نتیجةً لتطور الحیاة العربیة واتصالھا بحضارات أخرى ٍ ودخولھا في تحدیات ٍ وجودیة تحتاج لمواجھتھا لھضم واستیعاب ومحاولة الاقتراب من مناخات الشعر العالمي في مدارسھ المختلفة من الرومانسیة والغنائیة والرمزیة للسریالیة والأسطوریة، والمدارس التي عملت على ردم الھوة بین الشعر والسرد واستفادة كلیھما من تقنیات الآخر.
 ما زال مستمراً بین الأصالة الكلاسیكیة واعتبر أن ھذا المناخ أدخل القصیدة العربیة في صراعٍ للقصیدة العربیة وبین الأشكال الجدیدة التي نشأت نتیجةً للإحتكاك مع التطورات التي أنجزھا الشعر العالمي وخصوصاً الأوروبي بمدارسھ الحدیثة المختلفة والمستندة بشرعیتھا على العلوم الانسانیة
التي قطعت أشواطاً ً كبیرة في سبر غور النفس البشریة بعقلھا الفردي وعقلھا الجمعي والذي انعكس في غموض وتعقید القصیدة الحدیثة التي أصبحت صعبة المنال على القاريء العادي مما دفع القصیدة الغربیة لتصبح قصیدة نخبویةً شرعیةً لھا جمھورھا ولھا حضورھا فيَّ مناھج التعلیم المدرسیة والجامعیة الذي وسع من قاعدة جمھورھا ومتلقیھا, وھذا بالضبط ما لم یحصل في القصیدة العربیة الحدیثة التي خرجت على محددات القصیدة الكلاسیكیة العربیة ولكنھا لم تجد حواضن تربویة في المناھج لتؤسس لحضورھا في نخبة واسعة من المتعلمین.
ودعا الى دخول القصیدة العربیة الحدیثة في المناھج الدراسیة لمختلف المراحل المدرسیة حتى
ً تكون القصیدة العربیة الحدیثة حاضرة ولھا جمھورھا ومتابعوھا، كما دعا لإدخالھا بالمناھج 
 والدراسات والأبحاث العلمیة الجامعیة قي مراحلھا المحتلفة مما یدرب المتلقي على التعامل مع تقنیات وأسالیب ھذه القصیدة العربیة الحدیثة.
ٌ وخلص إلى أن التراجع في حضور القصیدة الحدیثة في ثقافتنا العربیة المعاصرة مرتبط ارتباطاً
عمیقاً بالاستلاب السیاسي والثقافي والاقتصادي والتعلیمي والانساني الذي یعیشھ المواطن
ُ لتلقي مناخات الحریة التي ی ِّ بشر بھا  العربي, مبینا أن الشعوب الحر ً ة أكثر قدرة واستعداداً ویحملھا الشعر بمدارسھ الحدیثة وتحملھا القصیدة الحدیثة بغموضھا وتناصاتھا مع التاریخ والأسطورة والطبیعة ومنجزات العلوم الانسانیة في كل
المجالات.
وقال الشاعر صلاح ابو لاوي؛ تحضرني مقولة الشاعر العراقي الكبیر عبد الرزاق عبد الواحد رحمھ الله في رده على سؤال صحفي أن ”شاعر رديء وناقد رديء ینتجان قارئاً ردیئاً“.
 فھناك جیل من النقاد مواز لكل وأضاف ابو لاوي انھ على مدار التاریخ الأدبي عربیاً وعالمیاً جیل مبدع، وللأسف اختفى أو تقلص ھذا الجیل النقدي، بینما ازداد بشكل لا یمكن السیطرة علیھ
عدد الشعراء، وتعددت أشكال القصیدة ما بین العمودي والتفعیلة والنثر، فاختلط الحابل بالنابل، ولم یعد القارئ العادي یمیز بین الغث والسمین، فھجر الجمھور الشعر أو یكاد.
ورأى أن القصیدة العربیة بشقیھا التفعیلة والعمودي تطورت بشكل لافت، مشیرا إلى كم من الشعراء الجیدین على مساحة الشعر العربي یفوق ما كان علیھ الشعر العربي القدیم ویتفوق علیھ.
ولفت إلى انھ رغم ظھور أدوات التواصل الالكترونیة إلا أن التواصل ما بین الجمھور وھؤلاء الشعراء لا یزال في حدوده الدنیا، إلا من حملتھ القنوات الفضائیة وأدخلتھ لكل بیت فلمع اسمھ وذاع صیتھ بعیداً عن المستوى الفني لقصیدتھ.
واعتبر أن المشكلة الحقیقیة تكمن في أنھ لیس الأفضل من یبرز ولیس الناقد المحاید من یقدم ھذا
ویؤخر ذاك، إنما ھي الحوامل والروافع.
وأرجع تسابق بعض الشعراء لكتابة الروایة لاتساع رقعة جمھور الروایة وانكماش جمھور الشعر، بعیداً عن الجوائز التي تأتي في مرحلة لاحقة، معتبرا انھ كما في الشعر فإن قلیلاً من الروائیین الشعراء أحسنوا كتابة الروایة بینما الكثیر منھم أصبحوا فائضا لا قیمة لھ.
ورأى أن السیاق السیاسي العام ساھم بلجم دور القصیدة من خلال استنھاض المشاعر الوطنیة
والقومیة، وكذلك التحولات الاجتماعیة وتردي القیم والمشاعر وھیمنة القیم المادیة على حساب القیم المعنویة في المشھد المجتمعي لعبت دورا كبیرا في تراجع المشھد الشعري.
وقال إن الھیمنة الاستعماریة على ثقافتنا لعبت دوراً أساساً في تحویل مجرى الشعر العربي من
تعبیر عن ھموم الأوطان والناس إلى ھرطقات رمزیة تحت ادعاء الحداثة وما بعد الحداثة، لیستدرك انھ لیس ضد مفھوم ”الحداثة“ بقدر ما أنھ ضد تغییر الموقف، موقف الشاعر من قضایا الأمة وابتعاده عنھا.
والحداثة بحسب ابو لاوي ھي حداثة كلمة لا حداثة موقف، وأجمل الشعر ما یطرح ما یھم الناس
والأوطان بقالب فني جمیل دون أن یفقد أدواتھ.
وقال إذ استعرضنا تاریخ الشعر العربي فإن أشھر الشعراء قدیماً وحدیثا ھم شعراء كتبوا من
خلال واقعھم وصوروا عصرھم خیر تصویر ولم یتنازلوا عن تطویر القصیدة العربیة وتحدیثھا.
وأكد ابو لاوي أن الشعر الذي لا یغرف من تراب الوطن ویعصر خمره من كرومھا شعر ناقص مھما بلغ من الشاعریة.
وقال الشاعر والناقد الدكتور سلطان الزغول؛ لعل انفتاح القصیدة الحداثیة على آفاق متقدمة عن
السیاق الاجتماعي والثقافي العام ساھم في تراجع دورھا ومساھمتھا في التأثیر، ذلك أن الشاعر
الحداثي سابق لزمنھ ویرتاد آفقا معرفیا خصبا وبوسائل إنتاج غنیة ومشبعة بآفاق ثقافیة لم یتم استیعابھا بعد على مستوى جمھور الشعر الذي ما زال تقلیدیا مشبعا بثقافة ماضیة.
ولفت إلى أن القصیدة التقلیدیة فقدت تأثیرھا لأن أدواتھا لا تتناسب مع ما وصلت إلیھ الثقافة من
آفاق وتطورات على المستویین الفكري والشكلي، وصدمة الشاعر امام جمھور لا یتواصل معھ فنیا ومعرفیا وعقلھ مشبع بإیقاعات القصیدة القدیمة ویرفض الانفتاح على أفق مختلف منذ ثورة السیاب وأدونیس وزعماء الحداثة الشعریة، دفع بھ إلى الإحباط والیأس والھروب إلى الروایة او النقد أو الانعزال.
وبحسبھ فإن الشعر الحداثي قادر على التغییر اجتماعیا وثقافیا لكن ببطء، ولن یفتح المتلقي بثقافتھ التقلیدیة قلبھ وعقلھ لھ بسھولة، لكنھ في النھایة سیتمكن من فرض وسائلھ الفنیة وتقدمیتھ
وحداثتھ.
واعتبر مقرر لجنة الشعر في رابطة الكتاب الاردنیین الناقد والشاعر الدكتور عبدالله ابو شمیس؛ أن المشكلة في ما تعیشھ المرحلة من تراجع شعري، تكمن بشكل أساسي في الشاعر ولیس خارجھ.
وأوضح ابو شمیس أن الشاعر العربي حالیاً بعید عن وعي العصر، بمعنى أنھ متأخر عن العصر، بعكس ما یجب أن یمتاز بھ الشاعر -والفنان عموماً- من معاصرة للحاضر واستشراف للمستقبل.
ورأى أن على الشاعر أن یطور وعیھ وأدواتھ لتناسب العصر الحدیث والقراء الجدد، لافتا إلى أن القارئ الجدید أصبح ینفر من الذاتیة المفرطة وانعدام الموضوعیة، وكذلك أصبح یستسخف الصراخ الشعري والمبالغات الفارغة.–(بترا)