عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Sep-2023

قمة مجموعة العشرين في نيودلهي: الدلالات والتحديات*عارف عادل مرشد

 الراي 

عُقدت القمة الثامنة عشرة لمجموعة العشرين(G20)،خلال يومي التاسع والعاشر من سبتمبر الجاري، بحضور زعماء أغنى قوى اقتصادية في العالم؛ وذلك في العاصمة الهندية نيودلهي، وكانت تلك القمة المرة الأولى التي تستضيف فيها الهند المجموعة. ومجموعة العشرين عبارة عن تجمع من القوى الاقتصادية الأكثر قوة على مستوى العالم- تمثل دول المجموعة في الوقت الراهن 85% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و75% من التجارة العالمية- تأسست عام 1999 بعد الأزمة المالية الآسيوية، وفي أعقاب الأزمة المالية العالمية عام 2008، تم رفع مستوى المشاركة في اجتماعات المجموعة إلى مستوى القمة، وذلك من خلال حضور رؤساء الدول والحكومات. وتضم المجموعة 19 دولة إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، وسيحصل الاتحاد الأفريقي الذي أُعلن عن انضمامه رسمياً في هذه القمة الأخيرة للمجموعة على نفس وضع الاتحاد الأوروبي الحالي وهو، «منظمة دولية مدعوة» تملك عضوية كاملة في مجموعة العشرين.
 
ولعل هذه القمة الأخيرة للمجموعة جاءت مُحملة بعدد من الدلالات الهامة التي يمكن تسليط الضوء على أهمها فيما يأتي:
 
 
1- التغير المناخي وثورة الطاقة المتجددة:
 
تم التأكيد في أجندة القمة لهذا العام على تأكيد محورية قضية التغير المناخي وفتح مزيد من الفرص الاستثمارية في الطاقة المتجددة، خاصة أن ذلك يتلاءم مع اهتمام الهند الواسع بالطاقة المتجددة على خلفية إطلاق التحالف الدولي للطاقة الشمسية بقيادة الهند مركز إبداع الهيدروجين الأخضر في وقت سابق من هذا العام. ويترافق ذلك مع اقتراب انعقاد مؤتمر الأطراف للتغير المناخي كوب28 في دولة الإمارات العربية المتحدة، الرامي إلى توحيد العالم حول سبل مكافحة التغير المناخي، وبحث فرص تعزيز الاستثمارات في الطاقة المتجددة. ورغم الإجماع حول أهمية قضية التغير المناخي وأثرها على كثير من الأزمات العالمية، ووضعها على رأس أجندة قمم المجموعة مؤخراً، إلا أن اختلاف الرؤى إزاء التعامل معها قد يجهض دور المجموعة في هذا الإطار.
 
2- التجاهل الصيني- الروسي للقمة:
 
حمل غياب الرئيسين- الروسي بوتين، والصيني بينغ- عن قمة الهند الراهنة دلالات واسعة؛ من ابرزها عدم الاكتراث بتسوية الخلافات العالقة مع القوى الغربية بشأن الأزمة الروسية الأوكرانية، التي صارت تداعياتها تمثل عبئاً ثقيلاً على قمم المجموعة، لاسيما أن انقسامات مواقف الأعضاء بشأنها باتت تهدد وضع المجموعة كمنتدى للقيادة العالمية، في ظل اتساع الفجوة والتباينات بين الدول الأعضاء في المجموعة من جهة، ومن جهة أخرى سعي مجموعة من الأعضاء للانخراط في تكتلات موازية مثل «بريكس» مؤخراً.
 
3- الدعوة إلى نظام تجاري عالمي عادل وشامل:
 
من المعروف أن تحقيق التوازن بين مصالح الدول المتقدمة والنامية، ومعالجة الاختلالات التجارية، وتعزيز نظام اقتصادي ومالي عالمي قائم على قاعدتي التوازن والعدل، يُعد من أحد أهم أهداف المجموعة في السنوات الثلاث الماضية، إلا أن هذا الأمر يبدو هدفاً طموحاً ومثالياً وصعب المنال، في ظل التنافس السياسي والاقتصادي الكبير بين الدول الكبرى أعضاء المجموعة.
 
4- الاهتمام بتعزيز التعاون في قضايا شديدة التنوع:
 
لم تقتصر قمة مجموعة العشرين لهذا العام على المخاطر الاقتصادية الراهنة فحسب، بل تمحور التركيز حول أولويات رئيسية في جدول الأعمال ممثلة في التنمية الخضراء، وتمويل المناخ، ومعالجة التحديات البيئية من خلال استراتيجيات التنمية المستدامة، كاستخدام التقنيات المنخفضة الكربون لمكافحة الأوبئة، وتأكيد أهمية التحول التكنولوجي والبنية التحتية الرقمية من خلال استكشاف تأثير التكنولوجيا. وهذه جميعها جوانب شديدة التنوع والاختلاف تمس جميع دول العالم، ولا تقتصر على تعزيز العلاقات الاقتصادية وفرص التجارة بين اغنى اقتصادات العالم فحسب، بل إعطاء رؤية عامة للقضايا العالمية الراهنة الشديدة الحساسية في مختلف المجالات، دون حصر فوائدها على دول بعينها.
 
5- رغبة الولايات المتحدة الأميركية في تعزيز وجودها كقوة عظمى:
 
يشير الاهتمام الأميركي بالقمة إلى الرغبة الأميركية الحثيثة في البحث عن أي ميزة في إطار منافستها الجيوسياسية المستمرة مع الصين، لمزيد من تعزيز نفوذها بين أهم اقتصادات العالم، وربما اغتنام فرصة غياب الرئيس الصيني شي جي بينغ عن حضور القمة، لإبراز الوجود الأميركي كقوة عظمى مقابل الصين وروسيا، ورداً على توسع «بريكس» وطموحه في التخلص من الهيمنة الأمريكية على الاقتصاد العالمي.