عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    01-Jan-2025

لا تبدو صفقة تبادل للأسرى في الأفق.. والجيش يواصل إخلاء شمال غزة

 الغد-هآرتس

 
 
عاموس هرئيل   31/12/2024
 
 
في اليوم الأخير في سنة 2024 كان يفضل، حتى لو من أجل التغيير، أن تقول الحكومة للجمهور الحقيقة. ورغم الاتصالات الكثيفة التي جرت في الأسابيع الأخيرة، إلا أن المحادثات حول صفقة التبادل ما تزال عالقة، واحتمالية دفعها قدما تبدو ضئيلة. ربما أنه فقط تدخل من الرئيس الأميركي القادم دونالد ترامب سينجح بطريقة معينة في إخراج هذه العربة من الوحل عند تسلمه لمنصبه في 20 كانون الثاني (يناير) الحالي.
 
 
أحيانا يجب على المرء اللجوء إلى وسائل الإعلام العربية من أجل الحصول على صورة كاملة عما يحدث، أو ما لا يحدث. صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، نشرت قبل يومين أن الخلاف بين إسرائيل وحماس بقي على حاله. فحماس تطالب بالحصول على تعهد واضح بانسحاب إسرائيل من القطاع، الذي سيكون مدعوما بخريطة وجدول زمني صارم. حماس تريد أيضا بلورة تفاهمات حول المعايير لتحرير آلاف السجناء الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية في نبضات الصفقة، في حين، أن إسرائيل تطلب من حماس تزويدها بقائمة كاملة ومفصلة عن جميع المخطوفين وعن وضعهم، سواء الأحياء أو الأموات.
حسب صحيفة "الشرق الأوسط"، فإن هناك نقطة خلاف أخرى، وهي رغبة الحكومة الإسرائيلية بصفقة جزئية فقط، في إطارها سيتم إطلاق سراح فقط المخطوفين المشمولين في "القائمة الإنسانية"، النساء، كبار السن الرجال، المرضى والجرحى. وهناك خلاف أيضا حول تعريف المرضى والجرحى، الذين يجب شملهم في المرحلة الإنسانية، لأنه بعد سنة وأربعة اشهر من وجودهم في الأسر، فإن وضع جميع المخطوفين صعب. كما يبدو يمكن شمل الجميع في القائمة. توجد لإسرائيل مصلحة في زيادة العدد قدر الإمكان، لأن تنفيذ المرحلة الثانية في الصفقة أمر مشكوك فيه. في المقابل، قيادة حماس في القطاع، على رأسها محمد السنوار وعز الدين حداد (التي تقرر حقا مواقف حماس في المفاوضات)، تريد إعادة فقط الحد الأدنى من المخطوفين من أجل الاحتفاظ بالباقين كـ"بوليصة تأمين" لنفسها، على فرض أن القتال سيستأنف بسرعة.
صورة الوضع هذه التي وصفتها الصحيفة السعودية بشكل دقيق لم تتغير كثيرا خلال السنة الأخيرة. حماس، حتى بعد أن تمت تصفية معظم قادتها بالاغتيال من قبل إسرائيل، وأكثر من 15 ألفا من نشطائها المسلحين قتلوا في المعارك، إلا أنها ما تزال مصممة على طلباتها الأساسية، إنهاء الحرب وانسحاب إسرائيل بشكل كامل وإطلاق سراح جماعي لمخربين في السجون الإسرائيلية، من بينهم عدد من كبار القادة الذين تهتم حماس بأن يقوموا بإعادة تشكيل قيادتها في الضفة الغربية، وإعادة إعمار القطاع. منذ تفجير صفقة التبادل الأولى في كانون الأول من السنة قبل الماضية، كانت هناك محاولات لتجاوز نقاط الخلاف، لكن في كل مرة كان فيها تقدم حقيقي، حدث تراجع في النهاية أيضا. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو غير مستعد لأن يخطو خطوة أخرى من أجل التوصل إلى الاتفاق لأسباب عدة متشابكة، سياسية شخصية واستراتيجية.
هذا الخلاف ما يزال موجودا، وبعثات إلى قطر ومصر تذهب وتأتي في الوقت الذي يحاول فيه المخطوفون البقاء على قيد الحياة في ظل ظروف الشتاء القاسية في القطاع. التقرير الذي قدمته إسرائيل للأمم المتحدة، الذي نشر الأسبوع الماضي في "هآرتس"، يشير بدرجة معينة إلى خطورة وضعهم. وهو يستند إلى شهادات المخطوفين الذين عادوا إلى القطاع قبل أكثر من سنة. الآن وضع الذين بقوا هناك يمكن أن يكون خطيرا بشكل لا يمكن تقديره.
الجمود في المفاوضات يظهر الشكوك المتعلقة بمواصلة العملية في القطاع. في نهاية شهر تموز (يوليو) الماضي، بعد إطلاق الصاروخ الذي قتل بسببه 12 فتى في مجدل شمس في هضبة الجولان، نقلت إسرائيل مركز ثقل الحرب إلى الشمال، إلى لبنان. في منتصف شهر أيلول (سبتمبر) بعد عملية "البيجرات" ضد حزب الله تم تقليص القوات في قطاع غزة من أجل إرسالها للمشاركة في العملية البرية في جنوب لبنان. مع ذلك، في بداية تشرين الأول بدأت العملية الهجومية الرئيسية للجيش الإسرائيلي في القطاع في الفترة الأخيرة – عملية الفرقة 162 في مخيم جباليا شمال القطاع.
هذه العملية، الرابعة في المخيم منذ بداية الحرب، ما تزال مستمرة. النتائج في هذه المرة أكثر تدميرا وقتلا: معظم البيوت في المخيم تم تدميرها في عملية الجيش الإسرائيلي، وقتل أكثر من ألفي فلسطيني، والجيش الإسرائيلي تكبد أكثر من 40 قتيلا في المعارك. رؤساء جهاز الأمن يواصلون الادعاء بأن الضغط العسكري، الذي ازداد في الأسبوع الماضي، عند توسيع العملية إلى بيت حانون، يدفع قدما بالمفاوضات حول الصفقة. عمليا، هذا يبدو كعمل ينبع من القصور الذاتي. المفاوضات عالقة، وقف إطلاق النار لا يلوح في الأفق، وفي ظل غياب التقدم في المفاوضات، فإن القصف يستمر في جباليا.
من دون اتفاق، فإنه من المرجح أن تتوسع العملية إلى مناطق أخرى في شمال القطاع مع إبعاد منهجي للمدنيين الفلسطينيين من كل المنطقة. في هيئة الأركان يستمرون في نفي أنهم ينفذون "خطة الجنرالات"، التي تتحدث عن إفراغ نصف القطاع الشمالي بالقوة. عمليا، الجيش يواصل التقدم نحو خطوة تلو الأخرى.
هل هذا سيهزم حماس؟ يوجد شك كبير في ذلك. سيطرة حماس المدنية على معظم القطاع تستمر. فهي تسيطر على المساعدات الإنسانية وتكسب منها الأموال وتفرض سلطتها على معظم السكان. التعافي العسكري لحماس محدود، في هذه المرحلة هي لا تنجح في تشكيل خطر حقيقي على سكان بلدات غلاف غزة، رغم وجود ارتفاع معين في إطلاق الصواريخ من شمال القطاع. جهود حماس موجهة لجباية ثمن من القوات التي تعمل في جباليا، وأحيانا من القوات التي احتلت ممر نتساريم ومحور فيلادلفيا.
في هذه الظروف يصعب رؤية كيف ستنتهي الحرب في الوقت القريب. إسرائيل يمكن أن تغرق في وحل غزة لسنوات، من دون أي حسم حقيقي. نتنياهو بحاجة إلى مواصلة الحرب لتبرير خطواته حتى الآن، وكي يمنع تشكيل لجنة تحقيق رسمية في الإخفاقات التي سمحت بحدوث مذبحة 7 تشرين الأول (أكتوبر)، ولمواصلة في ظل ضباب المعارك سن قوانين الانقلاب النظامي.
اهتمام الإعلام ينتقل إلى مناطق أخرى، بعضها مهمة. رئيس الحكومة أجرى عملية في أعقاب مشكلة صحية، التي يبدو أن بعض تفاصيلها لا يتم إبلاغ الجمهور بها. زوجته توجد بعيدة، حيث ينتظرها تحقيق في الشرطة؛ الأحزاب الحريدية تهدد بحل الائتلاف إذا لم يتم وبسرعة الدفع قدما بالقانون الذي سيشرعن تهرب الشباب الحريديين من الخدمة العسكرية. حتى الآن يفضل عدم نسيان الأمر الأساسي. ففي اليومين الأخيرين قتل جنديان في شمال القطاع، اوريئيل بيرتس من بيتار عيليت، وهو جندي في كتيبة نيتسح يهودا الذي قتل أول من أمس بصاروخ مضاد للدروع في بيت حانون. وقبل يوم من ذلكأ قتل في حادث عملياتي في دبابة مركباه جندي المدرعات الرقيب اول يوفال شوهم من القدس.
أصدقاء شوهم في الوحدة قالوا إنه أثناء عمليات التمشيط في القطاع تعود على مناداة اسم هيرش غولدبرغ بولين، الذي تعلم معه في المدرسة الثانوية الدينية هيمل بيرف، الذي كان مثله يشجع فريق هبوعيل القدس. غولدبرغ وخمسة من المخطوفين الآخرين قتلوا في أسر حماس في رفح في نهاية شهر آب (أغسطس). فوق قبر ابنه دعا الأب أول من أمس، البروفيسور آفي شوهم، نتنياهو: "أنا أطلب منك عقد الصفقة".