عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    11-Jan-2019

المرأة والعدالة الاجتماعية*كمال زكارنة

 الدستور-رغم الانجازات الكبيرة التي حققتها المرأة والتي تحققت لها، في مجالات عديدة على صعيد العمل وحرية الحركة والتحرك، والتعليم وحرية الاختيار، واتساع مساحة الحركة كثيرا مقارنة مع الماضي، ووصولها الى مراكز قيادية في العمل الحر والوظيفة والمشورة، وتضييق المسافة بين دورها ودور الرجل في مجتمعنا والمجتمعات المتقدمة، الا ان بعض الهنات ما تزال تظهر هنا وهناك، في مناح كثيرة ولاسباب متعددة، يعود بعضها لعادات وتقاليد مجتمعية ما تزل موجودة رغم انحسارها بشكل ملحوظ، من ابرزها الزواج المبكر، والعزوف عن التعليم والعمل، وعدم الاندماج الاجتماعي والانزواء، الذي يدفع بشكل مباشر الى ما يسمى بزواج القاصرات، وغير ذلك من السلوكيات التي قد تصل الى مستوى العنف غير الجسدي اي النفسي ضد المرأة، الذي يمارس تحت بند «من اجل مصلحتها».

زواج القاصرات او الزواج المبكر، من اخطر الاضرار التي تتعرض لها الفتاة وهي في مقتبل العمر، صحيا وجسديا ونفسيا، فهي من الناحية الصحية تجبر على الحمل المبكر قبل اكتمال نموها الجسدي، ومن الناحية النفسية فهي غير مؤهلة للتعامل مع الزوج الذي يكبرها سنا، وغير مؤهلة ايضا لتحمل مسؤولية تربية الاطفال الذين لا تفوقهم سنا بكثير من السنوات، كما انها لن تستطيع القيام بواجبات البيت الاخرى، وهذا يعني انها سوف تتعرض للوم والانتقاد والتجريح وربما الضرب، وهذه كلها سوف تتحول الى ضغوط نفسية، تنعكس سلبا على وضعها الصحي، وهذا هو العنف المتعدد الاشكال والانواع والدرجات، فهي تتعرض تقريبا لجميع انواع العنف..الجسدي والنفسي واللفظي والسلوكي والايمائي، وهي في سن مبكرة جدا لا تقوى على التصدي لجميع هذه الضغوط،  التي تجمعت وتراكمت مرة واحدة، واقرانها ما يزالون اطفالا في المدارس، فيما هي تنجب اطفالا يستعدون للالتحاق بالمدارس، انه ظلم حقيقي كبير يقع على هذه الفئة من الفتيات، اللواتي دفنهم غبار الزمن ولم يعشن طفولتهن ولا صباهن كما ينبغي، وقد اجبرن على مواجهة اصعب ظروف الحياة واقساها، وغرقن في وحل المسؤولية مبكرا التي لا مفر منها ولا مناص.
القدرة على مواجهة تحديات الحياة تختلف من شخص لآخر، لكن العمر والنضوج العقلي والفكري والجسدي، كلها لها دور اساسي في هذه المهمة الرئيسة، التي تحمل خيارين لا ثالث لهما.. اما النجاح او الفشل، ومن المؤسف ان الفتاة في معظم الاحيان تتحمل مسؤولية الفشل، لكنها اذا حققت نجاحا فانه يسجل لغيرها، وفي ذلك نكران واضح لدورها وجهودها وامكاناتها وقدراتها وكل ما تقدمه لاسرتها ومجتمعها.
الاسلام انصف المرأة ومنحها حقوقها كاملة، لكنها اذا تعرضت للظلم فان مصدره المجتمع. والقوانين والتشريعات يجب ان تحمي المرأة وحقوقها، من خلال الزام الجميع بتطبيقها والعمل بها دون مواربة، لان الأم المربية الصالحة المتمكنة تعتبر افضل حصانة للمجتمع وافضل منتج للاجيال القادرة على البناء والعطاء والقيادة.