عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    18-Apr-2025

هل تتمكن السلطة الجديدة بسورية من إدارة ملف التنوع الطائفي؟

  الغد

سورية - لم تكن سورية تاريخيا موحدة على أساس قومي أو ديني واحد، بل كانت أرضا لتنوع غني يتشكل من عرب وسنّة -أغلبية- وعلويين ودروز وأكراد ومسيحيين وغيرهم، لكن اليوم تطرح إشكالية الطوائف كأحد أعقد التحديات التي تواجه الادارة السورية الجديد.
 
 
وتطرح إشكالية الطوائف باعتبارها أحد أعقد التحديات أمام سورية الجديدة، ليس فقط كمسألة اجتماعيه، بل كمعضله سياسية ومؤسسية تمس طبيعة الدولة وهويتها، فكيف يمكن إدارة هذا التنوع دون الوقوع في فخ المحاصصة؟ وكيف يمكن التأسيس لنظام يضمن العدالة والتمثيل والمواطنة دون أن يغذي الانقسام أو يكرس التمييز؟
 
وفي هذا السياق، يقول الكاتب والمحلل السياسي أحمد الهواس إن سورية ليست دولة أقليات، بل هي دولة تعيش فيها أقليات، ويشكل العرب الكتلة الصلبة في المجتمع السوري بنسبة تبلغ نحو 76 %، في حين تصل نسبة المسلمين السنّة إلى قرابة 86 %، ويشكل العرب العرب بكل انتمائتهم الطائفية نحو 90 % من السوريين، بمن فيهم الدروز والعلويون والإسماعيليون والمسيحيون، مشيرا إلى أنه لا يمكن قياس البلقنة (البلقان) واللبننة (لبنان) والعرقنة (العراق) على الحالة السورية.
ويصف الهواس النظام السوري البائد بأنه لم يكن نظاما طائفيا فحسب، بل صنع طائفة أخرى استند عليها "هي طائفة فساد تضم كل أطياف المجتمع وشاركت معه في جرائمه"، وحين بدأت الثورة السورية مباشرة صنع شعارا شهيرا ونسبه إلى الثوار يقول "المسيحي على بيروت والعلوي على التابوت"، مؤكدا أن الذي أطلق هذا الشعار هو ضابط مخابرات معروف كان يعمل في أحد الفروع الأمنية بسورية.
مبدأ التشاركية
والأخطر من ذلك يضيف الهواس أن النظام المخلوع صنع مجموعة من المصطلحات حين قامت الثورة السورية، فكان يقول: إرهابيون، تكفيريون، قاعدة، وهي صفات أراد إلصاقها بالسنّة، وكان هدفه تخويف الأقليات من الأكثرية ومنعها من أن تندمج في الثورة السورية.
وبحسب عضو لجنة السلم الأهلي في سورية الدكتور أنس عيروط، فقد راعت التشكيلة الحكومية الجديدة مسألة التوزيع الطائفي، لكن على مبدأ التشاركية وليس على مبدأ المحاصصة، فكان هناك وزير من الدروز ووزير من المسيحيين وآخر من الطائفة العلوية.
ويشير عيروط إلى أن إدلب كان فيها تنوع طائفي وتعاملت معهم الإدارة الجديدة التي كانت ممثلة في حكومة الإنقاذ بمنتهى التعايش والتسامح، حيث كانت الطائفة المسيحية تمارس طقوسها وتحتفل بأعيادها دون مشاكل.
وعن مشروع السلطة الحالية في إدارة الحالة الطائفية، يوضح الدكتور أنس أن المشروع المرجو هو دولة القانون والمواطنة التي يتساوى فيها كل الناس، مؤكدا أن الدستور الجديد سيكرس المساواة وحقوق الجميع.
ويقول إنهم في لجنة السلم الأهلي يعملون على نزع فتيل الطائفية وعلى تخليص البلد من الشوائب الطائفية التي اتهم النظام المخلوع بتكريسها، مؤكدا أن سورية بدأت تتعافى من الحالة الطائفية.
تحديات
وبشأن التحديات التي تواجهها الإدارة الجديدة في الملف الطائفي، يشدد الكاتب والمحلل السياسي الهواس على أن سورية تحتاج في هذه المرحلة إلى أمن اجتماعي وأمن غذائي، لأن أي دولة في العالم حينما تكون مستقرة اقتصاديا ويحترم فيها القانون يتعايش سكانها ويتفاهمون دون مشاكل بينهم.
وعن دور القوى الدولية والتدخلات الخارجية في تغذية واستثمار الحالة الطائفية داخل سورية، يذكر الهواس أنه منذ بداية الثورة السورية كان هناك تدخل دولي لتغذية الصراع الطائفي "والآن هنالك محاولة صناعة مظلومية تعزف عليها بعض الدول بأن مظلومية ما وقعت على العلويين، وهنالك قوى تستعين بالاحتلال الاسرائيلي التي تتحدث من جهتها عن قوى داخل سورية إذا مست بسوء تتدخل لدعمها".
وحاول الاحتلال اللعب على أكثر من حبل لتأجيج الطائفية في سورية بهدف إضعاف الادارة الجديدة، وقد استغل الاحتلال الاشتباكات بين قوات الأمن العام ومسلحي جرمانا للتهديد بالتدخل العسكري في حال تعرض الدروز لأي أذى، إلا أن الإدارة السورية وظفت علاقاتها مع بعض القوى الدرزية في السويداء لقيادة مفاوضات أسفرت عن التهدئة مع مسلحي جرمانا، كما وجاء إعلانها عن اعتقال اللواء إبراهيم حويجة، الرئيس السّابق للاستخبارات العامّة في سورية، والمتّهم باغتيال الزعيم الدرزيّ كمال جنبلاط عام 1977 قبل أيام قليلة من الذكرى السنوية لاغتياله، بمثابة رسالة واضحة للزعامة الدرزية والمتمثلة بآل جنبلاط ومن ورائها عموم أبناء الطائفة.
وعمل الاحتلال الاسرائيلي على الجانب الاخر بمحاولة ضرب اسفين بين الادارة الجديدة، والاكراد في شمال شرق سورية في وذكرت وسائل إعلام عبرية أن تل ابيب تبحث تقديم دعم للأكراد في سورية.
كما ضغطت تل أبيب على الرئيس الاميركي دونالد ترامب ليواصل دعمه لقوات سورية الديمقراطية، ومده بالسلاح في محاولة لتأجيج الصراع مع الادارة السورية الجديدة، الا أن الادارة الاميركية الجديدة الساعية لضغط النفقات الخارجية نأت بنفسها عن الدعم للاكراد لانتفاء الحاجة لهم بمحاربة تنظيم "داعش" الذي ضعف بشكل كبير، بالاضافة الى التعهدات التركية والادارة السورية الجديدة بالقضاء على التنظيم، وكان توقيع الادارة السورية مع قائد قوات سورية الديمقراطية اتفاقية تضمن حقوق الاكراد في الدولة السورية بالغ الاثر في إحباط مسعى الاحتلال في وأد الفتنة. -(وكالات)