عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Dec-2019

سامي..عذرا خاطبت أصحاب ضمير حيّ فلم تجدهم - نيفين عبدالهادي

 

 الدستور- نم بهدوء، ستصبح على جنّة الخلد، وسيكون لك عالم أفضل آلاف المرّات من عالم عشته أكثر سنواتك به بين جدران الأسر، والمعتقلات الإسرائيلية، ستعيش مجدا مختلفا في السموات العليا، وفي أعلى درجات التكريم عند رب العباد، فأنت عند الله من الأحياء، نم بهدوء فصبحك تملأه شمس لا تغيب.. سامي أبو دياك، غبت عن دنيا فانية وحضرت في عالم الأبدية.
سامي أبو دياك، شهيد «الموت البطيء» الذي تصرّ اسرائيل على ممارسته ضد الأسرى في معتقلاتها، تتركهم مرضى ودون أي علاج أو دواء أو أدنى أسس الرعاية الصحية اللازمة لهم، حتى يقضون إثر مرضهم شهداء عند الله أحياء، ليس هذا فحسب، إنما ترفض لهم أي مطالب أو محاكمات عادلة، رغم إدراكها بأنه لن يمضي على عيشهم وقت طويل بسبب أمراضهم.    
باستشهاد الأسير أبو دياك على سرير المرض، يرتفع عدد الأسرى المرضى الذين قضوا هذا العام في سجون الاحتلال إلى خمسة، وهم الأسير بسام السائح الذي قضى بنفس المرض في شهر أيلول الماضي، ومن قبله الأسير فارس بارود، ولا تزال سلطات الاحتلال تحتجز جثمانيهما، إضافة إلى الأسيرين الشهيدين عمر يونس ونصار طقطاقة، فيما يرتفع عدد شهداء الأسرى منذ عام 1967 إلى 222 شهيداً، بينهم 67 أسيراً قضوا جراء سياسة «الإهمال الطبي المتعمد»، وآخرون جراء التعذيب.
ولعلّ الأسير أبو دياك، الذي توفى بعد (17) عاما من الأسر، إثر اصابته بمرض السرطان، أعاد هذه القضية إلى واجهة الجدل، إلى متى ستبقى اسرائيل تصرّ على نهجها وانتهاكاتها لحقوق الإنسان، ولمبادئ الإنسانية، سيما وأن أبو دياك كان بعث برسالة ناشد بها واستصرخ قلوبا رحيمة –إن وجدت- بأن يقضي باقي أيامه عند أمه، وأن يتوفى في «حضنها»، رسالة بقيت حلما، لسامي ووالدته، ليستشهد دون تحقيقها، إذ استمر الاحتلال بمواجهة عظمة نضاله حتى وهو على سرير الموت، فحرموه حلم الموت في حضن أمّه.
سامي، قال في رسالته «إلى كل صاحب ضمير حي، أنا أعيش في ساعاتي وأيامي الأخيرة، أريد أن أكون في أيامي وساعاتي الأخيرة إلى جانب والدتي وبجانب أحبائي من أهلي، وأريد أن أفارق الحياة وأنا في أحضانها، ولا أريد أن أفارق الحياة وأنا مكبل اليدين والقدمين، وأمام سجان يعشق الموت ويتغذى، ويتلذذ على آلامنا ومعاناتنا»، أي ضمير يمكن أن يسمع ويقرأ هذه الكلمات ولا يحقق لمن يحتضر ما يتمنى، لكنك سامي صدقت عندما كتبت «إلى كل صاحب ضمير حي» فلم تجد، هو العدو الإسرائيلي الذي يهاب نضالكم حتى وأنتم تحتضرون .
للأسف، هناك مئات «سامي» في سجون الاحتلال، إذ يوجد مئات الأسرى المرضى، ومنهم المصابون بأمراض مزمنة وخطيرة كالسرطان، وجميعهم يشكون من عدم تلقيهم العلاج اللازم، ليسيروا في درب «الموت البطيء» الذي تصرّ اسرائيل على ممارسته على كل أسير مريض، مبتعدة عن شعارات ترفعها هي وحلفاؤها بكل مناسبة تخصّ حقوق الإنسان والالتزام بالقوانين لتبقى كلها مجرد شعارات صمّاء.
هو حلمك سامي، وحلم المئات من الأسرى، علينا جميعا أن نسعى لنحرس (أَحْلاَمَكُمْ مِنْ خَنَاجِرِ حُرَّاسِكُم) كما قال محمود درويش، لعلّنا نصل بحلمكم وأحلامنا لميناء وطن حرّ.