عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-May-2020

اللغة الأُمّ في زمن الكورونا
 
الغد- اللغة الأُمّ وِعاءُ الثّقافة، تحمِلُ مَفاهيمَها وقِيَمَها، وتنقلها بين أبناء اللسان الواحد، فيتفاعلون مع بعضهم ويَتواصَلون، ولا شَكَّ بأنّ اللغة الأُمّ تُؤثِّرُ وَتتأَثَّر، تتأَثَّرُ بِالسِّياقات الَّتي يَمُرُّ بها ابنُ اللغة، ويَلوذُ بِها في المَلَمّاتِ والأَزمات، فَتَراهُ مُتَفاعِلًا مع مُحيطِه اللغويّ، مُنكَبًّا على لُغةِ أهله ووطنه.
 
مع انتِشارِ جائحةِ كورونا، جَلبَت معها مُفرداتٍ ومُصطلَحات لم تَكُن مألوفةً لَدى النّاس لِعَدمِ تَوفُّرِ السِّياق المُناسب لها، فجَلَبت هذه الجائحةُ كلماتٍ وتراكيب مثل طُرُق انتقال الوباء ، والتَّباعُد الاجتماعيّ والحجر الصِّحّيّ، والفيروس التّاجيّ، وحامل المرض، وناقله، والمناعة المُجتمعيّة ، وفِرَق التَّقصّي الوبائيّ  والمُخالِطين ، ومُنحنى الوباء، وتَفَشّي الوباء… وقائمة تطولُ من الكلمات التي يستقبِلها ابنُ اللغةِ وَيَتَفاعَلُ مَعها، ويُعيدُ إنتاجَها، وكُلُّ مُفردةٍ من المُفردات لها معانٍ ودِلالات يُدرِكُها أهلُ اللغة فِطرَةً وسَجِيَّةً، أو تَعَلُّمًا وتَعَرُّفًا؛ لِتَصبِحَ جُزءًا لا يَتَجَزَّأ من مُعجمِهِم اللغويّ التَّداوُليّ.
 
وزمن الكورونا موسمٌ خصبٌ لاكتساب مفرداتٍ وتراكيب لغويّة نتيجة بقاء الطِّفل لوقتٍ طويلٍ مع أوّل مُؤسَّسةٍ لغويّةٍ يُواجِهُها بعدَ وِلادَتِه وهي الأُسرة، فنحنُ أمام فرصةٍ ذهبيَّةٍ لتعليم أبنائنا الصِّغار مُفردات هذه الجائحة وتَراكيبها لِتوفُّر السِّياق المُناسِبِ وهذا يستدعي أن يكتسبَ الطِّفلُ لغته الأُمّ في المراحلِ الأولى من سِنِيِّهِ، ويتعلَّمها لِتتشكَّل عِنده قاعِدةٌ لغويَّةٌ، تجعلُ من السُّهولَةِ عليهِ إدخالَ مَفاهيمَ جديدة إليها.
 
وفي زمن الكورونا لَجأنا إلى التَّعَلُّمِ عن بُعد، وتوظيفِ التّكنولوجيا في استمرارِ العمليَّة التَّعليميَّةِ، وَصِرنا نبحَثُ عن تطبيقاتٍ تكنولوجِيَّةٍ تكونُ مُسانِدًا لها في التَّعلُّم ومن ذلك الاستمرار في تعلُّم اللغة الأُمّ لِخُطورةِ شأنِها  وفي هذا السِّياق يأتي تطبيقنا (براڤوبراڤو) وغايتُنا أن يتعلَّم الطِّفل لغته العربيّة بطريقةٍ مُمتِعةٍ، في مُحاولةٍ منّا لأخذ جزءٍ من وقت تفاعُل أطفالنا مع العالم التِّكنولوجيّ الَّذي جعل أطفالنا أسرى لشاشاته.
 
ومع زمن الكورونا جاء تطبيقنا مُلَبِّيًا لمُتطلَّبات التَّعلُّم عن بُعد،  ومع تفاعل الطِّفل معه، وتعرُّضه للمهارات والمُفردات والجُمل والتَّراكيب الَّتي يعرضها التَّطبيق فإنَّه يكتسب تجاربَ لغويّةً عميقةً تزيدُ حَصيلَتَه اللغويّة  فيغدو قادرًا على التَّفاعُل مع المواقف المُتعدِّدة الَّتي يَمرُّ بها، فلا يَجِدُ صُعوبةً في التَّعامل مع مفاهيم جائحة كورونا –مثلًا- ولا غيرها لأنَّه يمتلك الأساسَ اللغويَّ المَتين الَّذي يُساعِده في مهارات الاشتقاق وتوظيف الكلمات في مكانها ويُساعده كذلك في إحلال مفردات وجُمل جديدة، ومع ثراء مُعجمه اللغويّ بالتَّعرُّض والاكتساب، يترسَّخ اللسان العربيُّ عنده ويغدو قادرًا على تعلُّم اللغات الأُخرى أيضًا كما يرى كثيرٌ من الباحثين  في علم اللغة.